في قضية استشهاد السنوار

24 أكتوبر 2024
تظاهرة ضد اغتيال السنوار في تونس، 18 أكتوبر 2024 (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار اغتيل، فما مصير المقاومة من بعده؟ سؤال لم يتوقف عن إثارته من لا يعرف للمقاومة معنى، ويحسب أنها مجرد حركات مسلحة يمكن تقييم مواقفها ومستقبلها بموازين القوى السياسية والعسكرية، من دون أن يلتفت إلى الوراء فيجد جواباً يبدد حيرة سؤاله حول مصير المقاومة.

استُشهد عمر المختار في ليبيا، وعبد القادر الجزائري في الجزائر، وعبد الكريم الخطابي في المغرب، ويوسف العظمة في سورية، والقائمة تطول من الأسماء المجيدة التي كونت عنوان الشهادة في تاريخ هذه الأمة، وحافظت على استمرار أمل البشرية في تحقق حلم العدالة والإنصاف. فلم يكن استشهادهم نهاية المقاومة في بلدانهم، بل استمرت وزادت قوة حتى تحقق النصر. وما لنا أن نذهب بعيداً فـ"حماس" نفسها لم تتخلَ عن مبدأ المقاومة ولم تضعف أو تتراجع بعد استشهاد زعيمها أحمد ياسين عام 2004.

يغفل من يثير سؤال القلق حول مصير المقاومة بعد استشهاد السنوار، كما هي غفلة المحتلين، عن قانون أخلاقي راسخ لطالما قاد مسيرة الخير والشر في تاريخ الإنسانية، وهو قانون صلابة "الغاضب" في وجه "الغاصب". هذا القانون يمكن من خلاله تفسير نجاحات السنوار وفهم سبب بطولاته. فطيلة عام كامل كسر قوانين أعتى أجهزة الاستخبارات بكل معداتها وتقنياتها عالية الذكاء، فوقفت عاجزة حتى عن تحديد مكانه، ولما عُثر عليه بطريق الصدفة لم يطفئ جبروت ورعب الأسلحة والحصار غضبه، كانوا أعداداً من الغاصبين المجهزين بتقنيات حديثة في مواجهة "غاضب" واحد تمكن من مقاومتهم وحده عدة ساعات.

شعب أعزل محاصر يُجوَّع ويُقتل كل ساعة ولحظة ويعيش بين ركام المباني المهدمة ولا يزداد إلا إصراراً على حقه، مقابل شعب غاصب على الرغم مما يتوفر له من وسائل العيش المريح، إلا أنه يعيش رعباً وخوفاً لا يتوقف، ففي كل مستوطنة ملاجئ تحت الأرض وفي سمائها "قبة حديدية" وحولها سياجات لتحميها. هذا الوضع غير المتكافئ الذي قلب معادلة قدرة انتصار القوي على الضعيف، كان من دون شك وراء ولادة قصة السنوار وقبله إسماعيل هنية وأحمد ياسين وغيرهم. وما دام هذا الوضع قائماً سيكون وراء ولادة من يخلفه ليحيى السنوار، كما هو اسم السنوار، ليحقق معنى "حياة" الشهداء عند ربهم.

المساهمون