قاعدة "كونيكو" ليس مجرد حقل غاز شرقيّ سورية

15 أكتوبر 2024
قوات أميركية في حقول نفط شرقيّ سورية 3 سبتمبر 2024 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تعرضت القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز بريف محافظة دير الزور شرقيّ سورية لعدة هجمات من قبل المليشيات التابعة لإيران في الآونة الأخيرة في سياق مناكفات إيرانية أميركية، وتعتبر هذه القاعدة الثانية من حيث الأهمية بالنسبة إلى التحالف الدولي ضد الإرهاب بعد قاعدة التحالف في حقل العمر النفطي.

واستهدفت المليشيات قاعدة كونيكو بشكل شبه دائم على مدى السنوات الأخيرة بسبب قربها من مكان تمركز هذه المليشيات في عدة قرى شمال نهر الفرات، حيث تسيطر على سبع قرى، منها خشام وحطلة ومراط ومظلوم التي لا تبعد كثيراً عن حقل كونيكو، وهو ما يسهّل مهمة الإيرانيين في استهداف الحقل والقاعدة الأميركية بشكل شبه دائم.

ويقع حقل كونيكو شمال نهر الفرات، بمنطقة تُعرَف محلياً بالجزيرة، إلى الشمال الشرقي من مدينة دير الزور مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم بنحو 35 كم. وفي الحقل أكبر معمل لمعالجة الغاز في سورية، كان يغذي عدة محطات لتوليد الكهرباء، ومنها محطة جندر في حمص التي تعتبر من أكبر محطات الكهرباء في سورية. وكان هذا الحقل الاستراتيجي ينتج قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011 نحو 10 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.

ويرى الخبير العسكري عبد الناصر العايد، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا أهمية استثنائية لحقل كونيكو"، مشيراً إلى أنه "هدف قريب من المليشيات الإيرانية، لذا فإن استهدافه سهل بالنسبة إليها"، مشيراً إلى وجود أنظمة حماية داخل القاعدة الأميركية بالحقل.

من جهته، أوضح مدير مركز الشرق نيوز، فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد" أن حقول وآبار النفط والغاز شمال نهر الفرات "تحولت إلى قواعد للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية"، مبيناً أن "المسافة بين قاعدة كونيكو والمليشيات الإيرانية أقل من كيلومترين"، مشيراً إلى أن "المليشيات الإيرانية تستهدف هذه القاعدة من القرى التي تسيطر عليها شمال نهر الفرات، وليس من مقراتها ومعسكراتها المتعددة جنوب نهر الفرات" بينما يعتبر "حقل العمر هدفاً بعيداً بالنسبة إلى هذه المليشيات".

حقل كونيكو

وتناوبت عدة قوى على السيطرة على حقل كونيكو، حيث وضعت فصائل المعارضة يدها عليه لنحو عامين قبل أن يسيطر عليه تنظيم "داعش" في عام 2014، وكان من أهم مصادر تمويل التنظيم. وفي عام 2017 سيطرت عليه "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدعم من التحالف الدولي الذي حوّله منذ ذلك الحين إلى قاعدة له فيها معسكرات تدريب.

وفي فبراير/ شباط 2018 حاولت مليشيات تعمل لصالح النظام، ومنها سرية "فاغنر" الخاصة الروسية، الاستحواذ على حقل كونيكو، إلا أنها قوبلت برد وُصف بـ"القاسي" من التحالف الدولي، الذي استهدف طيرانه المجموعات المهاجمة، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد غير معروف منها، خصوصاً من المرتزقة الروس.

وتضم القاعدة الأميركية في حقل كونيكو مركزاً للتدريب ومهبط مروحيات، وهي مزودة بمنظومة صواريخ "باتريوت" الحديثة، إضافة إلى عدد من مركبات "برادلي" الحديثة. وللتحالف الدولي عديد القواعد والمراكز في عموم المنطقة التي باتت تُعرَف بـ "شرق الفرات" والتي تقع تحت سيطرة قوات "قسد" التي تعد الذراع البري لهذا التحالف لمواجهة تنظيم "داعش" الذي أُعلنَت نهايته في المنطقة مطلع عام 2019، إلا أنه ما زال ينشط من خلال خلاياه.

ومحافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، التي تبلغ نحو 33 ألف كيلومتر مربع، وتسيطر عليها ثلاث قوى، هي النظام وإيران و"قسد". ويحتفظ النظام بحضور إداري وخدمي في مدينة دير الزور، بينما يسيطر الإيرانيون من خلال عشرات المليشيات الطائفية والمحلية على مدينتي الميادين والبوكمال وريفهما بشكل كامل.

المساهمون