قانون روسي يمهد للاعتراف بـ"طالبان"... ماذا عن "هيئة تحرير الشام"؟

01 يناير 2025
عناصر من "تحرير الشام" في دمشق، 27 ديسمبر 2024 (عز الدين القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وقع الرئيس الروسي قانونًا يسمح برفع الحظر عن المنظمات المدرجة على قوائم الإرهاب إذا توقفت عن دعم الإرهاب، مما يمهد لشطب طالبان من هذه القوائم، وسط تطور العلاقات بين موسكو وطالبان.
- الوضع مع "هيئة تحرير الشام" أكثر تعقيدًا، حيث تعرضت لعمليات انفصال ودمج، ويتوقع الخبير أنطون مارداسوف اندماجها مع قوى سياسية أخرى في سوريا.
- يقلل نيكيتا ميندكوفيتش من واقعية شطب "هيئة تحرير الشام" بسرعة، مشيرًا إلى إمكانية إقامة اتصالات معها دون شطبها، مع تأجيل القرار حتى إجراء انتخابات تعددية في سوريا.

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت الماضي، على قانون يضع آلية لرفع الحظر بشكل مؤقت عن أعمال المنظمات المدرجة على قوائم الإرهاب، في حال صدور قرارات قضائية تنص على ذلك بناء على طلب يتقدم به النائب العام الروسي أو نائبه، شرط "توفّر بيانات فعلية تفيد بأن المنظمة المدرجة على القائمة المذكورة كفت عن مزاولة الأعمال الرامية إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه". وبذلك، يدخل القانون حيز التنفيذ بعد نحو أسبوع فقط على إكمال الجمعية الفيدرالية الروسية في مجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) إجراءات المصادقة عليه، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام شطب حركة طالبان الأفغانية من قوائم الإرهاب التي تطوّر موسكو علاقاتها معها بشكل مطرد. وعلاوة على ذلك، ثمة تساؤلات حول ما إذا كان الأمر قابلاً للتكرار مع "هيئة تحرير الشام" في سورية التي يسعى الكرملين لإقامة علاقات معها بعد سقوط نظام حليفه بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي. وما يعزز من هذه التوقعات رسائل المغازلة التي أصدرها كبار المسؤولين الروس إلى السلطات السورية الجديدة، فيما أكد قائد الإدارة الجديدة في سورية، أحمد الشرع، في أكثر من مناسبة هو الآخر على العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع موسكو.

وعلى الرغم من أن موسكو لم تعلن صراحة عن نيات شطب "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، كما أعلنت عن "طالبان"، إلا أن بوتين أقر خلال فعالية "الخط المباشر" مع المواطنين ومؤتمره الصحافي السنوي الكبير، في 19 ديسمبر الماضي، بأن تغييرات طرأت على الفصائل المسلحة التي كانت تقاتل ضد قوات النظام، مؤكداً إقامة روسيا اتصالات مع "قوى تسيطر وستسيطر على الوضع" في المستقبل.



أنطون مارداسوف: ثمة مؤشرات تبشر بأن الهيئة ستندمج مع قوى سياسية أخرى في سورية

اختلافات بين "هيئة تحرير الشام" و"طالبان"

مع ذلك، يعتبر الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية والباحث غير المقيم في برنامج سورية التابع لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن أنطون مارداسوف أن الوضع مع "هيئة تحرير الشام" أكثر تعقيداً مقارنة مع "طالبان" كونها تعرضت لعمليات انفصال ودمج مع مختلف التنظيمات الأخرى، من دون أن يستبعد احتمال حلها من أساسها بعد شرعنة وجود قادتها على رأس السلطة عبر إجراء الانتخابات.

ويقول مارداسوف في حديث لـ"العربي الجديد" إن "الوضع مع هيئة تحرير الشام أكثر تعقيداً مقارنة مع طالبان، التي تطور موسكو العلاقات معها سعياً منها لضمان مصالحها وأمن حلفائها في آسيا الوسطى من الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، متوقعاً أن تتبع الدول الأجنبية سياسات الجزرة والعصا لمطالبة السلطات السورية الجديدة بإصلاحات بعينها مقابل شطبها من قوائم الإرهاب.

ومع ذلك، لا يستبعد مارداسوف احتمال أن إجراءات شطب هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب لن تتم من أساسها، مضيفاً: "ثمة مؤشرات تبشر بأن الهيئة ستخضع لإصلاحات جسيمة وستندمج خلال الفترة المقبلة مع قوى سياسية أخرى في سورية، ولن تعود كياناً موحداً، خصوصاً أن التنظيم قطع شوطاً كبيراً من التطور خلال السنوات الأخيرة، ووصل الأمر إلى عقده مفاوضات مع الأقليات، مثل المسيحيين والدروز وشيوخ القبائل الذين تضرروا من أعمال جبهة النصرة، وحتى إن التنظيم أجرى عمليات ترميم كنائس". إلا أنّ مارداسوف يقر في الوقت نفسه بأن إدارة دولة بحجم سورية تختلف عن محافظة إدلب وحدها.

وحول رؤيته لمصير القواعد العسكرية الروسية في سورية تحت قيادة السلطة الجديدة، يتابع: "يمكن الجزم بأن روسيا لن يعود لها الوجود نفسه مثل ما كان في السنوات الأخيرة، وقد يقتصر دور قاعدتي حميميم وطرطوس على أداء بعض المهام اللوجستية ونقل الشحنات إلى أفريقيا لإجراء العمليات هناك بلا تصويب على دول ناتو (حلف شمال الأطلسي) من الجنوب. ومن ناحية أخرى، لا يجوز استبعاد احتمال انتهاء الوجود الروسي في سورية بشكل كامل، ولكن من ناحية أخرى، قد تقرر السلطات الجديدة الحفاظ عليه حتى يحقق توازناً مع الوجود الأميركي في شمال شرق سورية".


نيكيتا ميندكوفيتش: يمكن لموسكو إقامة اتصالات مع الهيئة من دون شطبها من قوائم الإرهاب

واقعية شطب "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب

بدوره، يقلل رئيس النادي الأوراسي للتحليل نيكيتا ميندكوفيتش هو الآخر من واقعية شطب "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب على وجه السرعة، لافتاً إلى أن قرار شطب "طالبان" لم يتم سوى بعد مرور بضع سنوات على توليها السلطة وإثباتها قابليتها للتفاوض والتفاهم. ويقول ميندكوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد": "اتخذت روسيا قراراً سياسياً بشطب حركة طالبان من قوائم الإرهاب بعد نحو ثلاث سنوات من الحكم الفعلي في أفغانستان وإثباتها تخليها عن أساليب الإرهاب ومبادرتها بمكافحة تهريب المخدرات وإظهارها قابليتها للتوصل إلى اتفاقات، وهناك دول مثل الصين والإمارات وأوزبكستان قد اعترفت بحكومتها وأقامت علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء". ويعتبر أن الحديث عن شطب "تحرير الشام" من قوائم الإرهاب سابق لأوانه، مضيفاً: "هيئة تحرير الشام اليوم هي الحاكم الفعلي في سورية، ويمكن لموسكو إقامة اتصالات معها من دون شطبها من قوائم الإرهاب، مع تأجيل البت في الأمر إلى حين إجرائها انتخابات تعددية تضفي، في حال فوزها، شرعية على وجود وجوهها على رأس السلطة أو استمرارها في الحكم فترة تُذكر على غرار طالبان".

وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف قد أكد، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن روسيا قد اتخذت "من حيث المبدأ" قراراً باستبعاد حركة طالبان من قائمة التنظيمات الإرهابية، بعد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة لذلك بالتنسيق مع الجهات الروسية المعنية. واللافت أن عملية تمرير القانون المنظم لهذه الآلية عبر البرلمان الروسي بمجلسيه وتوقيعه من بوتين لم تستغرق سوى شهر واحد على إعداده في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وحينها، قال معدو مشروع القانون في مذكرة توضيحية له: "مع مرور الزمن، قد ينشب وضع كفت فيه منظمة مدرجة على قائمة التنظيمات الإرهابية عن النشاط الرامي إلى الترويج للإرهاب وتبريره ودعمه أو عن ارتكاب الجرائم المذكورة. إلا أن قوانين روسيا الاتحادية لا تنص على آلية تتيح رفع الحظر عن أعمال مثل هذه المنظمة". وتقتضي آلية تطبيق القانون أن تحال نسخة من القرار القضائي خلال خمسة أيام من دخوله حيز التنفيذ إلى جهاز الأمن الفيدرالي لإدخال التعديلات على قائمة التنظيمات الإرهابية، مع الإشارة إلى أنّ الأمر لا تترتب عليه إعادة النظر في الأحكام القضائية الصادرة في قضايا جنائية متعلقة بالمنظمة المقصودة قبل رفع الحظر عنها.

المساهمون