"استقبال دافئ في شبه الجزيرة العربية"، هكذا عنونت وكالة "تاس" الرسمية الروسية تقريرا نشرته ليلة اليوم الخميس، تناولت فيه الزيارة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أبوظبي والرياض أمس الأربعاء.
وعقد بوتين، خلال الزيارة التي استغرقت يوما واحدا فقط، محادثات مع رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما تعد أول جولة من نوعها يقوم بها الرئيس الروسي منذ عام 2019، لتصبح بذلك أول زيارة إلى المنطقة العربية بعد جائحة كورونا في عامي 2020 و2021 واندلاع الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا في بداية العام الماضي.
ورغم أن القسم الأكبر من المحادثات في البلدين جرى خلف أبواب مغلقة باستثناء المحادثات البروتوكولية الافتتاحية، إلا أن "تاس" اعتبرت أن حفاوة الاستقبال الذي نظم لبوتين يدل على المستوى الرفيع للعلاقات والعديد من الآفاق للتعاون.
ولفتت الوكالة إلى أن زيارة الرئيس الروسي إلى الخليج جرت على خلفية المرحلة النشطة من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ شهرين، وبعد لقاء "أوبك+" الذي أسفر عن التوصل إلى اتفاق بشأن خفض طوعي جديد لإنتاج النفط، وعشية زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موسكو اليوم.
من جهته، أوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن بوتين ورئيسي سيجريان اليوم محادثات في إطار موسع بمشاركة وفدين، وكذلك وجها لوجه، قائلا في تصريحات صحافية: "ستعقد محادثات روسية إيرانية في إطار موسع ثم وجها لوجه".
ومع ذلك، كشف بيسكوف أن الرئيسين لا يعتزمان الإدلاء بتصريحات صحافية في ختام المحادثات التي ستعقد في العاصمة الروسية.
"مؤشر رائع"
وبالعودة إلى زيارة بوتين إلى منطقة الخليج، رأى مدير البرامج في نادي "فالداي" الدولي للنقاشات تيموفيه بورداتشوف أن زيارة الرئيس الروسي إلى السعودية والإمارات والبرنامج الحافل لمحادثات الوفد المرافق له، جاءا بمثابة "مؤشر رائع إلى تحرر الدول الرائدة للأغلبية العالمية في أعمالها خلال عام ونصف عام مضيا".
وفي مقال بعنوان "روسيا والخليج يجريان لعبة عالمية" نُشر في صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين، ذكر بورداتشوف أنه من الوهلة الأولى، كان يجب أن يكون الوضع عكس ذلك، إذ إن كبار المسؤولين بمختلف الجهات الأميركية والأوروبية يتجولون حول العالم منذ 18 شهرا، مطالبين مختلف الدول بتقليص علاقاتها مع موسكو.
واعتبر أن المفعول جاء عكسيا، إذ إن التجارة والتعاون التكنولوجي ومختلف الاتصالات بين الدول غير الغربية وروسيا في ازدياد، وذلك باستثناء الدول الأوروبية التي تُعد هي نفسها طرفا للنزاع الجاري حول أوكرانيا، مشيراً إلى أن هناك "تراجعا للهيمنة الأميركية في الشؤون الدولية بدلا من تزايدها".
وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية لم تنضم إلى أي عقوبات غربية ضد موسكو، بل يواصل الكرملين تطوير علاقاته التجارية والاستثمارية مع بلدان العالم العربي، ولعل في مقدمتها الإمارات التي بلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين روسيا 9 مليارات دولار في العام الماضي قابلة لمزيد من الارتفاع هذا العام، ناهيك عن تحولها إلى إحدى الوجهات الرئيسية للاستثمارات والسياحة الخارجية الروسية.