حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست"، اليوم الإثنين، من إمكانية أن تسهم عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في دفع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى العودة للاتفاق النووي الذي وقعته الدول العظمى مع إيران في 2015.
وفي افتتاحيتها، قالت الصحيفة، إنه على الرغم من أن من الطبيعي أن تعمد إدارة بايدن إلى التراجع عن الكثير من السياسات التي تبنتها إدارة دونالد ترامب، "فإنه من الحيوي أن تواصل الإدارة الجديدة الضغط على إيران".
وأعادت الصحيفة للأذهان حقيقة أن بايدن سبق أن تعهد "بإعادة الانضمام" للاتفاق النووي مع إيران، في حال أثبتت التزاماً صارماً ببنوده، مستدركة أن بايدن في المقابل لم يشرح كيف بإمكانه أن يعزز الاتفاق، فهو لم يكشف عن موقفه بشأن ترسانة الصواريخ البالستية لإيران وكيفية مواجهة دعمها لـ"الإرهاب".
وادعت الصحيفة أن "عيوب" الاتفاق النووي كبيرة، مطالبة بايدن بضرورة أن يستغل فرصة توليه الحكم وأن يدخل "تحسينات جوهرية" على هذا الاتفاق. وحسب الصحيفة، فإن عدم التوصل لصفقة مع إيران أفضل من الاتفاق الحالي، الذي زعمت أنه يهدد العالم بأسره.
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حرص الأسبوع الماضي على "إرسال رسالة للرئيس المنتخب مفادها بأنه يعارض أي جهود أميركية للعودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع في العام 2015". وأضافت أن نتنياهو وجّه كلامه لبايدن قائلاً: "لا تلتزم مجدداً بالاتفاق السابق. نحن مطالبون بمواصلة السياسة التي لا هوادة فيها لضمان أن إيران لن تتمكن من تطوير سلاح نووي". وأضاف نتنياهو، كما نقلت الصحيفة: "موقف إسرائيل ثابت ضد تحول إيران إلى قوة نووية ونعارض التوصل لصفقة نووية مع إيران"، مشيراً إلى أن موقف تل أبيب هذا يحظى بدعم الدول العربية.
ولم تستبعد الصحيفة أن يكون رئيس "الموساد" يوسي كوهين ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد أشارا إلى أنشطة فخري زادة في اللقاءات التي عقداها مع السعوديين، الأسبوع الماضي، على هامش اللقاء الذي جمع نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ورأت الصحيفة أن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة "يمثل رسالة قوية لكل من بايدن والإيرانيين"، مشيرة إلى أن أحداً في إسرائيل والسعودية "لم يذرف دمعة" حزناً على اغتيال فخري زادة.
وأشارت الصحيفة إلى أن توقيت عملية الاغتيال مهم لأنها تمت قبل أقل من شهرين على تولي بايدن الحكم، مما يعني أن من نفذها أراد أن يستغل الوقت قبل أن يباشر الرئيس المنتخب باستخدام صلاحياته.
وفي سياق متصل، حذر عاموس هارئيل، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، من أنه على الرغم من النجاح في تصفية فخري زادة فإن هذه العملية لن تغير موازين القوى السائدة في المنطقة، مشدداً على أن إسرائيل لا تزال مرتبطة بالدعم الأميركي، وبالسياسات التي سيتبناها بايدن.
وفي تعليق نشرته الصحيفة اليوم، لفت هارئيل إلى أن الإحاطات التي يقدمها المسؤولون الإسرائيليون للصحافيين في أعقاب اغتيال فخري زادة تظهر إسرائيل وكأنها باتت "لاعباً إقليمياً مركزياً بإمكانه أن يفعل كل ما يحلو له ويستطيع إملاء مسار الأحداث"، محذراً من أن هذا الانطباع خاطئ.
من ناحيته، قال طال لفرام، المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، إن اغتيال فخري زادة قلب التقديرات التي كانت سائدة في إسرائيل والتي رأت أن إيران ستحافظ على "ضبط النفس" خلال الأشهر القادمة.
وفي تعليق نشرته الصحيفة اليوم، لفت لفرام إلى أن مسارعة إيران إلى اتهام إسرائيل بالمسؤولية عن عملية الاغتيال تدل على طابع ردها المقبل، الأمر الذي يستدعي من الجيش الإسرائيلي و"الموساد" وجهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" الاستنفار لمواجهة خطر المس بأهداف إسرائيل على طول الحدود أو في العالم.