"قسد" تعيد هيكلة مجلس دير الزور العسكري لامتصاص الغضب الشعبي

23 أكتوبر 2024
عناصر من "قسد" في الحسكة، 24 يناير 2022 (فرانس برس)
+ الخط -

أعادت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، هيكلة مجلس دير الزور العسكري والمجالس المرتبطة به، بعد أكثر من عام من اضطرابات شهدها ريف دير الزور الشرقي الخاضع لها، وذلك عقب إقصاء قائد المجلس السابق أحمد الخبيل الملقب بـ"أبو خولة"، بعد اتهامات بالفساد وسوء الإدارة و"التنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة". وأوضحت "قسد"، مساء أول من أمس الاثنين، أنها أعادت هيكلة مجلس دير الزور العسكري مع مجالس محلية أخرى تابعة له في ريف دير الزور الخاضع لسيطرتها. ووفق الهيكلة الجديدة، عيّنت أياد تركي الخبيل (أبو علي فولاذ)، قائداً للمجلس، وليلوى العبد الله، نوري الخليل، بيريتان قامشلو، وسليم ديرك، أعضاء في هذا المجلس. ووفق "قسد"، عُيّن تركي الضاري (أبو الليث خشام)، وفراس الداود، لقيادة مجلس الكسرة العسكري، وعبد الكريم الفندي وماجد السندي لقيادة مجلس الصور العسكري، وإبراهيم جاسم العاصي وعز الدين أحمد عطا الله لقيادة مجلس هجين العسكري، وموسى الصلاح ووضاح المشرف لقيادة مجلس البصيرة العسكري. وجاء تعيين الخبيل بعد نحو عام من إقصاء ابن عمه أحمد الخبيل، الذي أقالته قيادة "قسد" عن قيادة مجلس دير الزور العسكري في أغسطس/ آب 2023 عقب اتهامه بالفساد وسوء الإدارة و"التنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة"، في إشارة إلى النظام والمليشيات الإيرانية التي تسيطر على ريف دير الزور، جنوبي نهر الفرات.


عهد الصليبي: تعيين أياد الخبيل خطوة لاستعادة الكثير من العناصر الذين تركوا قسد

مصير مجلس دير الزور العسكري

ووضعت "قسد" الخبيل تحت الإقامة الجبرية في حينه، وهو ما فجّر موجات غضب شعبي واسعة النطاق في ريف دير الزور ذي الطابع العشائري العربي، خصوصاً أن "قسد" متهمة من قبل السكان بتهميش وإقصاء العرب في المنطقة عن مفاصل القرار الإداري والأمني والعسكري لصالح قياديين أكراد في منطقة لا وجود فيها للمكون الكردي. وشكل مقاتلون عشائريون، معظمهم من قبيلة العقيدات بقيادة الشيخ إبراهيم الهفل، مجموعات قاتلت "قسد" على مدى أشهر، وسيطرت على مناطق واسعة في ريف دير الزور، ما شكل خطراً كبيراً على وجود هذه القوات في مجمل محافظة دير الزور. وسرعان ما استقطب النظام والإيرانيون هؤلاء المقاتلين الغاضبين من "قسد"، وأمدوهم بالسلاح، وهو ما أدى دوراً في إفشال حربهم ضد "قسد" بسبب الرفض الشعبي الواسع لعودة النظام إلى ريف دير الزور، شمالي نهر الفرات، خشية قيامه بعمليات انتقامية واسعة النطاق، وتسليم المنطقة للمليشيات الإيرانية.

وتعليقاً على تعيين أياد الخبيل قائد مجلس دير الزور العسكري، أعرب الناشط الإعلامي أبو عمر البوكمالي، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن قيادة "قسد" تحاول من خلال هذا التعيين تطويق الغضب الشعبي الذي لم ينقطع منذ اعتقال أحمد الخبيل، مضيفاً: تعيين ابن عمه مكانه خطوة لإرضاء أبناء عشيرة البكيّر التي ينتمي إليها، وهي من العشائر المهمة في المنطقة.

وذكرت مصادر محلية أن قائد مجلس دير الزور العسكري الجديد "كان شريكاً لابن عمه في عمليات الفساد وتهريب النفط إلى مناطق النظام، واختطاف مدنيين بتهمة الإساءة للمجلس"، مشيرة إلى أنه سيكون قائداً شكلياً للمجلس في ظل وجود أشخاص أكراد في المجلس.

من جهته، رأى الصحافي عهد الصليبي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تعيين أياد الخبيل "خطوة لاستعادة الكثير من العناصر الذين تركوا قسد على ضوء إقالة أحمد الخبيل في منتصف العام الماضي، إلى صفوفها"، مضيفاً: "لا تملك قسد قوات كافية لسد الفراغ الذي تركه انشقاق الكثيرين عنها، وهي ليست بصدد إرسال عناصر كردية كي لا يكونوا تحت مرمى نيران تنظيم داعش والنظام والمليشيات الإيرانية". وحول مصير رئيس مجلس دير الزور العسكري السابق، أشار الصليبي إلى أن أحمد الخبيل "ما زال لدى قسد تحت الإقامة الجبرية"، مضيفاً: إطلاق سراحه سيشكل خطراً كبيراً عليها، لأنه يملك حضوراً شعبياً في ريف دير الزور الشرقي. وبيّن أن مجموع عناصر مجلس دير الزور العسكري الحالي يراوح بين خمسة آلاف عنصر وسبعة آلاف بعد أن كانوا قبل إقالة أحمد الخبيل نحو 15 ألف عنصر.


فراس علاوي: شخصية القائد الجديد لمجلس دير الزور العسكري ضعيفة

توترات ريف دير الزور

أما مدير مركز الشرق نيوز فراس علاوي، فرأى في حديث مع "العربي الجديد"، أن تعيين أياد تركي الخبيل على رأس مجلس دير الزور العسكري "يعني خضوع قسد لضغط التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والذي كان يدفع بهذا الاتجاه منذ عدة أشهر". وتابع: تهدف قسد أيضاً إلى تخفيف التوتر في ريف دير الزور وإرضاء السكان المحليين خصوصاً أبناء القبيلة التي ينتمي إليها أحمد الخبيل. وأشار علاوي إلى أن مصادر مقربة من القائد الجديد ذكرت أنه "شخصية ضعيفة وليس بقوة شخصية ابن عمه المقال، لذا من السهولة السيطرة عليه من قبل القادة الأكراد في المنطقة". وأعرب علاوي عن اعتقاده بأن هذه الخطوة "محاولة من قيادة قسد لاستيعاب الشبان الغاضبين منها، والذين من الممكن أن ينضموا إلى المجموعات العشائرية التي تحارب هذه القوات، سواء انطلاقاً من مناطق النظام على الضفة الأخرى من نهر الفرات، أو في المناطق الخاضعة لهذه القوات".

ويتشاطر الأميركيون والإيرانيون السيطرة على ريف دير الزور الشرقي، إذ تسيطر المليشيات الإيرانية على المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات، والمعروفة محلياً بـ"الشامية"، بينما يسيطر الأميركيون عن طريق "قسد" على شمال النهر، أو ما يُعرف محلياً بـ"الجزيرة". ولمحافظة دير الزور، الغنية بالثروة النفطية، طبيعة عشائرية، إذ تقطنها قبائل عربية، سواء في جنوب النهر أو ما يُعرف محلياً بـ"الشامية"، أو شمال النهر المعروف بـ"الجزيرة". وأبرز القبائل في الريف الذي يقع تحت سيطرة "قسد" هي العقيدات، والتي تضم عدة عشائر، من بينها البكيّر والشعيطات، التي ارتكب "داعش" مجزرة بحق أبنائها في عام 2014. وهناك قبائل وعشائر أخرى تسكن شمالي نهر الفرات، منها المشاهدة والبكّارة، وسواهما.

   
 

المساهمون