قضية ريجيني: مصر تستعين باليمين الإيطالي لتقويض تحركات ضدها

18 يونيو 2021
اكتسبت قضية ريجيني وباتريك تعاطفاً واسعاً من اليسار الإيطالي (Getty)
+ الخط -

دخلت مصر وإيطاليا في مواجهة دبلوماسية صامتة خلال الأيام الماضية حول قضية الضباط الأربعة (اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كمال، والعقيد هشام حلمي، والمقدم مجدي عبد العال شريف)، المتهمين بخطف وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني مطلع عام 2016 بالقاهرة. في السياق، كثف السفير المصري في روما هشام بدر مقابلاته واتصالاته مع القيادات السياسية للتيارات اليمينية المؤيدة لاستمرار التعاون مع مصر، وفي المقابل زار السفير الإيطالي بالقاهرة جيامباولو كانتيني النائب العام المصري حمادة الصاوي يوم الثلاثاء الماضي، للاطلاع على مستجدات التحقيق المصري، الذي خلص إلى عدم توجيه الاتهام لأي شخص أو طرف بقتل ريجيني.

وتكشف مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، أن بدر عقد مباحثات مع زعيم حزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف، وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني وعدد من نواب اليمين ويمين الوسط، في محاولة لإيجاد سبل عملية لتقويض عمل لجنة التحقيق البرلمانية في قضية ريجيني. ومن المقرر أن تستأنف اللجنة عملها خلال أسابيع بالاستماع إلى عدد من الوزراء الذين عاصروا الواقعة، في مسار مواز للإجراءات القضائية المعلقة حالياً بسبب العطلة الصيفية، وستبدأ رسمياً محاكمة الضباط الأربعة في 14 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.


السفير المصري عقد مباحثات مع زعيم حزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف، وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني

وتضيف المصادر أن الهدف الثاني من لقاءات السفير المصري هو الحيلولة دون إصدار أي قرارات ضد مصر من البرلمان أو الحكومة، على خلفية تجدد الدعوات النيابية لمنع توجه السياحة الإيطالية إلى القاهرة، فضلاً عن تدشين بعض المجموعات اليسارية حملات دعائية بهذا الغرض. ويهدف السفير أيضاً إلى إفشال مشاريع سبق وتقدم بها نواب يساريون لمنع التعاون العسكري والاقتصادي مع مصر، باعتبارها "دولة لا تحترم حقوق الإنسان".

وحول مسار اللقاءات والاتصالات الجديدة، تنوّه المصادر إلى أنها شهدت تجديد بعض النواب دعوة مصر لاتخاذ بعض الإجراءات لتحسين العلاقات، أبرزها يتعلق بالباحث المسجون باتريك جورج، الذي أصبح من الواضح أن مصر تحتفظ به كورقة مساومة في سياق علاقة الشد والجذب مع الإيطاليين. مع العلم أن بعض السياسيين والدبلوماسيين الإيطاليين أوصوا بالإفراج عنه، لإشعار الرأي العام الإيطالي بوجود تغيير، علماً بأن جورج كان يدرس في جامعة إيطالية، وهو معتقل من أكثر من عام في قضية نشر بيانات وأخبار كاذبة على صفحته الشخصية على "فيسبوك". وسبق أن رفضت الأجهزة المصرية هذه النصائح، معتبرة أن إطلاق سراحه سيزيد الضغط على مصر لا العكس، وسيظهرها في صورة النظام الذي يستجيب للضغوط بسهولة.

وتشير المصادر الدبلوماسية نفسها إلى أن السفارة المصرية حركت الدعوى الأسبوع الماضي، من أجل الدفاع عن الضباط الأربعة، مستندة إلى مذكرة جديدة موسعة مقدمة من النيابة العامة المصرية، تتضمن حيثيات قرارها بحفظ التحقيقات مؤقتاً ونفي الشبهة عن الضباط الأربعة. وبحسب القانون الإيطالي يمكن للمتهمين مخاطبة الادعاء العام لنفي الوقائع، كما يمكنهم المطالبة بالمثول أمام الادعاء للإدلاء بأقوالهم.

واللواء طارق صابر، أصبح حالياً مساعد وزير الداخلية للأحوال المدنية، وكان خلال الواقعة يعمل مدير قطاع في جهاز الأمن الوطني، وهو الذي أصدر تعليماته بمتابعة ريجيني بناء على تقرير رفع إليه من أحد مساعديه عن أنشطته البحثية وتواصله مع نقيب الباعة الجائلين، بمناسبة بحثه عن النقابات المستقلة في مصر. أمّا الضابط الثاني، وهو العقيد آسر كمال، والذي كان يعمل رئيساً لمباحث المرافق بالعاصمة، وتوجد دلائل على إشرافه على رسم خطة تعقّب ريجيني في إطار التنسيق بين الأمن الوطني والأمن العام، وقد تمّ نقله بعد الحادث بأشهر عدة للعمل بمحافظة أخرى.


يسعى السفير المصري لمنع أي تحرّك ضد بلاده

أما المقدم مجدي شريف فقد سبق ونشر ادعاء روما اسماً رباعياً تقريبياً له هو "مجدي إبراهيم عبد العال شريف"، الضابط الذي أبلغ عنه ضابط أفريقي بأنه سمع منه حديثاً عفوياً أثناء تدريب للضباط الأفارقة في كينيا عام 2017، اعترف فيه بتورطه في قتل ريجيني، أو "الشاب الإيطالي" كما وصفه، إلى حد القول بأنه "لكمه عدة مرات" بسبب "الاشتباه في كونه جاسوساً بريطانياً".

وتتجه التحقيقات الإيطالية إلى أن الضابط مجدي شريف شارك ثلاثة ضباط آخرين، غير المشتبه فيهم، أو خلفهم، في إدارة ملف ريجيني، وأنهم جميعاً قاموا بتشكيل شبكة من المخبرين حول ريجيني، تضم، وفقاً لروما، كلا من زميلة ريجيني الباحثة نورا وهبي، وشريكه في السكن محمد السيد الصياد، ونقيب الباعة الجائلين محمد عبدالله، الذي يظهر في الفيلم الوثائقي المعد من قبل الأجهزة المصرية. ومنذ أيام كشفت صحيفة "غارديان" البريطانية عدداً من الرسائل التي أرسلها ريجيني إلى صديق له قبل وفاته مباشرة، قال في إحداها: "مصر في حالة صعبة الآن"، ثم تابع "الديكتاتورية عادت، وحتى وقت قريب، لم يكن من الواضح إلى أي مدى ستكون وحشية. هذا الوضع محفوف بالمخاطر للغاية".

المساهمون