أثار تراجع الحوار بين حكومتي بغداد وأربيل، بشأن حصة إقليم كردستان من موازنة العام الحالي 2021 والملفات العالقة الأخرى؛ مخاوف القوى الكردية من عودة فترة التوتر السياسي في العلاقة بين الجانبين، في وقت لم يخفِ فيه سياسيون أكراد قلقهم، من مواقف متباينة للأحزاب الكردية، قد تؤثر على ما وصفوه بالإجماع السياسي الكردي في موقفه أمام بغداد.
أول من أمس الأحد، أقرّ نائب رئيس حكومة الإقليم، رئيس الوفد الكردي المفاوض مع بغداد، قوباد الطالباني، بصعوبة الحوار مع بغداد، وقال في بيان له إن المشكلات بين الإقليم وبغداد لا تنحصر فقط في قضية رواتب موظفي الإقليم، بل بقضايا أخرى تتعلق بحقوق الإقليم، وإن الحوارات متواصلة بين الجانبين للوصول لاتفاق يضمن الالتزامات والاستحقاقات للإقليم.
لكنّ نائباً كردياً أكّد، اليوم الثلاثاء، أن أغلب قنوات التفاهم قد أغلقت مع بغداد، وقال النائب عن الجماعة الإسلامية الكردية، سليم همزة، إن "المفاوضات بين الجانبين وصلت إلى طريق مسدود، كونها معقدة، وأن كل طرف ملتزم برأيه، وأن الموازنة قد تمرر بالأغلبية في البرلمان (أي بغياب الجانب الكردي)".
وتتركز الخلافات الحالية حول حصة إقليم كردستان السنوية من الموازنة الاتحادية في الدولة، إذ طرح في السابق عدة خيارات، من بينها تسليم الإقليم 250 ألف برميل يومياً لبغداد، مقابل دفع كامل مستحقات الموازنة والبالغة 12.67 بالمائة من مجموع الموازنة العراقية العامة للبلاد، لكن قوى في بغداد، تصر الآن على جعل الملف النفطي بكامله بيد بغداد، مع فتح ملف واردات النفط السابقة التي باعها الإقليم خارج سقف التصدير العراقي للنفط في السنوات الماضية، كما تتضمن الخلافات ملف دفع مرتبات أفراد البشمركة، وإصرار بغداد أيضاً على تدقيق أرقام الموظفين في الإقليم، إذ تعتبرها مبالغاً بها.
الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية من جهته بدا غير موافق على مجريات الحوار، ملوحاً بموقف خاص له في حال الفشل.
وقال القيادي في الاتحاد، غياث السورجي، في تصريح صحافي، إن "ما طرح من إمكانية تعامل السليمانية بشكل مباشر مع بغداد، بمعزل عن أربيل (عاصمة الإقليم) وتسليم وارداتها النفطية والجمركية لها هو مطلب آلاف من المواطنين، وأيضاً مجموعة من الأحزاب والمنظمات والناشطين، ولكن لم يتبين بشكل رسمي بعد من قبل الاتحاد الوطني"، مشدداً أن حزبه "يؤيد المفاوضات مع بغداد حتى اللحظة الأخيرة من أجل التوصل لاتفاق يضمن تسلم المواطنين رواتبهم، لكن في حال فشل المفاوضات فستكون لنا مواقف بديلة، ولن نسكت أكثر على ما يجري من معاناة حقيقية لمواطنينا".
ولم يستبعد النائب عن الاتحاد الوطني، ريبوار طه، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، تأثير فشل الحوار على الشارع في محافظات كردستان، وقال: "من الممكن أن تخرج تظاهرات في الإقليم في حال فشل الحوار، وهذا متوقع تماماً، لكن لا نأمل أن تصل الأمور إلى هذا الحد، وأن تكون هناك أذية للشعب في حال خروج التظاهرات"، مشدداً على أنّ "حق التظاهر مكفول دستورياً لكل مجموعة من الناس تريد أن تعبر عن رأيها".
وشدد على أن "حكومة الإقليم هي الجهة الوحيدة التي تتفاوض مع بغداد بشأن هذا الملف، وأنه بيد الحكومة حصراً وليس بيد جهة وطرف معين"، معبراً عن أمله بأن "يكون هناك اتفاق في ما يخص النفط بالإقليم والتزام بغداد، لأجل مصلحة الشعب العراقي".
وأكد "الالتزام بالمادة 10 و11 من الموازنة، والتي تنص على تسليم 250 ألف برميل من نفط الإقليم الى بغداد، وأن تلتزم بغداد بالالتزامات المالية المترتبة عليها للإقليم"، مؤكداً "أهمية استمرار التفاوض لبحث حل توافقي".
وأجرى الاتحاد الوطني الكردستاني اجتماعاً منفرداً، يوم أمس مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لبحث المتعلقات بين الطرفين، وإمكانية التواصل لتوافق بشأنها.
وأثار ذلك قلق الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب البارزاني) الذي يقود حكومة الإقليم، إذ لم يخفِ مخاوفه من تأثير ذلك على وحدة الأحزاب الكردية.
وقال النائب عن الحزب، ديار برواري، لـ"العربي الجديد"، إن "الوفد الحكومي برئاسة الطالباني، وهو ممثل عن الاتحاد الوطني، ما يعني أن حكومة الإقليم ومواقفها ليست ممثلة بحزب واحد، وأن أي فشل بالحوار يجب ألا يحسب ضد حزب معين، بل يجب أن يحسب على الحكومة بشكل عام".
واعتبر أن "أي خطوة للتفاوض من قبل أية محافظة من محافظات الإقليم، بشكل مباشر مع بغداد، أو إجراؤها حواراً مباشراً معها، سيكون حراكاً غير دستوري ولا قانوني، وهو محاولة للضغط على حكومة الإقليم، ولا يمثل مصلحة الإقليم"، مشدداً على أن "الملف والحوار يجب أن لا يحسبا على حزب البارزاني، فالحكومة مشكلة من الديموقراطي، والاتحاد الوطني، وكتلة التغيير، والحوار يتم بالتعاون والتنسيق المشترك بينهم".
وأكد أن "حكومة الإقليم تتعرض لضغوطات واضحة من قبل الحكومة الاتحادية، ومن قبل بعض الجهات السياسية في الإقليم".