قوات الأمن الجزائرية تعتقل 170 عسكرياً سابقاً ومعطوبو الجيش: "عائدون إلى الحراك الشعبي"
اعتقلت قوات الأمن الجزائرية أكثر من 170 من العسكريين المتقاعدين ومعطوبي مكافحة الإرهاب عندما كانوا بصدد تنظيم اعتصام وسط العاصمة الجزائرية، للمطالبة بحقوق مادية واجتماعية تعطل إسداؤها لهم من قبل الدولة منذ سنوات.
وأوقفت قوات الأمن العسكريين السابقين الذين جاؤوا من كل الولايات، وأجبرتهم على الصعود في حافلات على أساس نقلهم إلى محطة الحافلات لمغادرة العاصمة، لكنها حولتهم إلى مراكز الأمن لتحرير محاضر ضدهم وإحالتهم على القضاء بتهمة التجمهر غير المرخص، ثم توزيعهم على محاكم العاصمة الجزائرية، بعد ليلة ساخنة ويوم من المطاردات أمس بين قوات الأمن والعسكريين في منطقة بن طلحة في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية، والتي كانت قد شهدت مواجهات بين العسكريين السابقين، وقوات الدرك التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع، واستخدمت القوة لتفريقهم ومنعهم من الدخول إلى العاصمة الجزائرية، لكن العسكريين رفضوا مغادرة المنطقة، وأصروا على مواصلة المسير إلى وسط العاصمة، والتوجه إلى مقر الرئاسة، لإبلاغ مطالبهم الاجتماعية إلى أعلى السلطات.
ودانت تنسيقية متقاعدي الجيش استخدام القوة والتعاطي العنيف للسلطات مع وقفتهم السلمية، وإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع ضد العسكريين، وبينهم معطوبون فقدوا أطرافهم في عمليات محاربة الإرهاب، وأصدرت التنسيقية بياناً أعلنت فيه سحب ثقتها بالرئيس عبد المجيد تبون، وذكر البيان: "اليوم طوينا ثقتنا فـي الرئيس وقيادته، ولهذا حان وقت تغيير المسار وإعادة توجيه البوصلة"، وأعلنت التنسيقية "اعتذارها من الشعب الجزائري، وأنها قررت الانصهار التام والعودة إلى صفوف الحراك الشعبي"، والمساهمة في دعمه ميدانياً وإعلامياً.
ويعتبر العسكريون السابقون أن الرئيس عبد المجيد تبون أخلّ تماماً بالتزاماته التي تعهد بها لهم ولعائلات ذوي الحقوق بمعالجة مطالبهم، على الرغم من مواقف تنسيقياتهم المختلفة التي تمثلهم لصالح دعم الرئيس تبون في الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/ كانون الأول 2019، كما اتهموا وزارة الدفاع الجزائرية بالتلكؤ والمماطلة في الاستجابة لمطالبهم، والسعي لربح مزيد من الوقت، بعد تعهدات كانت أعلنت عنها الوزارة في أغسطس/ آب 2020 بشأن استكمال معالجة ملفات هذه الفئات من العسكريين السابقين والمتقاعدين والمعطوبين وجنود الاحتياط الذين أعيد تجنيدهم في فترة الأزمة الأمنية لمكافحة الإرهاب، حتى إغلاق هذا الملف العالق منذ سنوات.
وأبدى المحتجون خلال حراكهم الذي بدأ يوم أمس التمسك بلائحة مطالبهم التي تضم الدعوة إلى إعادة النظر في المعاش المقدر بـ180 دولاراً أميركياً، وتوحيد منحة العجز الناجم عن العمل والمجهود العسكري، وتعديل قانون المعاشات العسكرية، خاصة المتعلقة بالاستفادة من التعويضات عن الأمراض الموروثة، واستحداث منحة مكافحة الإرهاب بالنسبة للذين شاركوا في الحرب ضد الإرهاب، والاستفادة من كل المزايا والتحفيزات التي تستفيد منها فئات عسكرية أخرى.
وزارة الدفاع: تسوية أكثر من 158 ألف ملف منذ يناير الماضي
في الأثناء، ردت وزارة الدفاع الجزائرية، مساء اليوم، على الاتهامات بالمماطلة في معالجة مطالبهم الاجتماعية وتسوية حقوقهم.
وكشف بيان لوزارة الدفاع أنها تسلمت ما يفوق مجموعه 288 ألف ملف لفئات مختلفة من العسكريين، تمت تسوية أكثر من 158 ألف ملف منها منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وأكدت أنها "حريصة على متابعة ملفات ووضعية كل العسكريين بمختلف فئاتهم وأصنافهم، وطبقاً لتعليمات رئيس الجمهورية ،ومصالحها تعمل بوتيرة مستمرة ومتزايدة لمعالجة أكبر عدد من الملفات المودعة للدراسة والفصل فيها في أقصر وقت ممكن".
وتوزعت الملفات، بحسب الوزارة، بين 37 ألف ملف للعسكريين المسرحين من الصفوف بسبب عجز بدني، تم قبول 8975 ملف منها لحد الآن، كما تلقت الوزارة 171 ألف ملف للعسكريين المتقاعدين الذين لا يتقاضون منحة عطب، تم قبول 5684 ملفاً منها. كما تلقت الوزارة 80 ألف ملف للعسكريين المسرحين بسبب نهاية العقد ولأسباب تأديبية، تم قبول 1200 ملف منها.
وأكدت الوزارة أنه تجري في الأثناء مراجعة مواد قانون المعاشات العسكرية لتمكين عديد الفئات من العسكريين السابقين، خاصة المادة التي تسمح بإحداث منحة عطب تكميلية، يستفيد منها العسكري الذي تمنحه لجان الخبرة الطبية نسبة عطب تتعلق بفترة الخدمة.
وهذه هي المرة الرابعة التي يخرج فيها العسكريون السابقون إلى الشارع منذ شهر أغسطس/ آب 2020، وكانت أعنفها المواجهات التي جرت بين العسكريين السابقين وقوات الدرك في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عندما كانوا ينفذون اعتصاماً وطنياً في مدينة قالمة شرقي الجزائر. وتشير التقديرات إلى أن عددهم يقارب 150 ألف شخص، وهم من العسكريين المتقاعدين الذين أمضوا فترة خدمة عسكرية في إطار التعاقد بين 15 إلى 25 سنة، والمعطوبين الذين تعرضوا لإصابات وعاهات خلال مشاركتهم في العمليات القتالية لمكافحة الإرهاب خلال الأزمة الأمنية التي شهدتها البلاد، والعسكريين الذين تم فصلهم من الجيش لأسباب مختلفة دون تعويضات، وجنود الاحتياط المعطوبين في عمليات مكافحة الإرهاب وذوي الحقوق.