أكد مسؤولان عراقيان في بغداد ونينوى، اليوم الجمعة، توجه قوة تابعة للشرطة الاتحادية بحجم لواءين إلى مدينة سنجار (90 كيلومتراً غربي الموصل)، بهدف المشاركة في تنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع في المدينة التي تهيمن عليها عدة مليشيات مسلَّحة، من أبرزها "حزب العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، والذي يفرض وجوده في المدينة منذ سنوات بعد تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" عام 2015.
ويقضي الاتفاق الذي أبرمته بغداد مع حكومة كردستان في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولم يدخل حيز التطبيق بعد، بتطبيع الأوضاع في البلدة المتنازع عليها بين الطرفين، وإخراج عناصر حزب "العمال الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" منها، لأجل إعادة النازحين.
ووفقاً لمسؤول أمني عراقي، فإن "توجيهات حكومية صدرت، ليل أمس، بتحريك لواءين من الشرطة الاتحادية بكافة معداتها نحو سنجار"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "اللواءين توجها نحو البلدة، ومن المقرَّر أن ينتشرا في محيطها أولاً، على ألا يتوغلا في عمق البلدة بحسب الأوامر".
وأكد أن "الحكومة تريد من خلال ذلك أن تفرض سيطرتها الأمنية على محيط البلدة، وتتجنب استفزاز الفصائل المسلَّحة في الوقت ذاته، لذا فقد قضت الأوامر بعدم الاقتراب من أماكن وجود الفصائل"، مبيناً أن "الحوار مستمرّ مع قيادات الفصائل، وأن مسؤولين حكوميين وصلوا إلى تفاهمات جيدة مع قيادات الفصائل بهذا الشأن".
وأكد أن "تسليم الملف الأمني كاملاً في البلدة للشرطة الاتحادية والجيش مرتبط بنتائج الحوار".
وتحدث مسؤول آخر عن تحرك قوات الجيش من قيادة عمليات نينوى لضبط حدود المدينة مع الأراضي السورية، بسبب اتساع عمليات التهريب التي يتورط بها أفراد مليشيات وشبكات جريمة منظمة بالتورط مع مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على الجانب الثاني من الأراضي السورية حيث مدينة الحسكة ودير الزور.
وأكد لـ"العربي الجديد" أن عمليات استعادة سيطرة الدولة تحتاج لمزيد من الوقت، وقد تستمرّ حتى نهاية العام الحالي، لكن الحكومة مصرّة على تنفيذ الاتفاق وإعادة الحياة للمدينة.
وكان مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، والذي يقود الحوار مع قيادات الفصائل المسلَّحة، قد أكد قبل يومين، من أربيل، أن اتفاق سنجار سيتم تنفيذه قريباً، وأن الحكومة خطت خطوات مهمة جداً تجاه ذلك.
من جهته، استبعد عضو لجنة الأمن البرلمانية النائب بدر الزيادي لجوء الحكومة إلى القوة في تنفيذ الاتفاق، وقال لـ"العربي الجديد" إن "استخدام القوة بتطبيق الاتفاق بات أمراً مستبعداً، إذ إن كل الخطوات تم وضع حلول لها".
وأوضح أن "هناك حوارات تجرى لتطبيق الاتفاق، وأنها حققت نتائج جيدة، لذا فإن الحكومة ستبدأ تطبيق الاتفاق دونما حاجة إلى القوة".
أما الكرد، فقد حمّلوا الحكومة مسؤولية تنفيذ الاتفاق وإخراج الفصائل المسلَّحة من البلدة. وأكد عضو الحزب "الديمقراطي الكردستاني" محمد كاوة أن "نجاح الاتفاقية مرهون بخطوات الحكومة المركزية، التي يجب أن تكون حازمة في التعامل مع الجماعات المسلَّحة التي تريد منع الاتفاق"، قائلاً لـ"العربي الجديد": "نحن ككرد مع لغة الحوار، لكننا في ذات الوقت لا نقبل بأن تفرض تلك الجماعات شروطها على الحكومة".
وشدد على أن "الاتفاق واضح، وهو يقضي بإخراج جميع الفصائل من البلدة، وهذ الأمر لا يمكن النقاش فيه"، مضيفاً: "ننتظر خطوات لاحقة من الحكومة بالانتشار العسكري الكامل في البلدة، لتبدأ عند ذاك الخطوات الفعلية بتنفيذ الاتفاق".
ودخلت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت على خط تنفيذ الاتفاق، إذ قامت، أمس الخميس، بزيارة إلى نينوى، وعقدت اجتماعاً مغلقاً استمرّ لعدة ساعات، حضره مسؤولون من حكومة الموصل وحكومة كردستان، فضلاً عن شخصيات تمثل مكونات سنجار، وأخرى تمثل الفصائل المسلَّحة، وحثت الجميع على تسريع خطوات تنفيذ الاتفاق، مبدية تفاؤلها برؤية تغيير نحو الاستقرار في البلدة خلال الأيام القادمة، وشددت أنها "ستقاتل" لإنجاح هذا الأمر.