كشفت مصادر مصرية، أن قوى سياسية مدنية، ومجموعات ثورية فاعلة على الأرض في السودان، رفضت لقاء وفد مصري يزور الخرطوم في الوقت الراهن، في محاولة لأداء القاهرة دور الوساطة بين أطراف الأزمة السودانية.
قوى الثورة السودانية ترفض تعاطي مصر الأمني مع الأزمة
وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن عدداً من القوى المدنية الفاعلة في تحريك الشارع السوداني، رفضت لقاء الوفد المصري الذي يضم مسؤولين بجهاز المخابرات العامة، والموجود في الخرطوم منذ نحو أسبوع.
وأرجعت المصادر موقف هذه القوى إلى رفضها التعاطي المصري مع الأزمة السودانية من منظور أمني، وعبر مؤسسات أمنية وسيادية مصرية.
زيارة الوفد المصري لم تحقق الأهداف المرجوة منها
وأوضحت المصادر، أن زيارة الوفد المصري الذي لا يزال موجوداً في الخرطوم، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، بإحداث اختراق لدى القوى السياسية والثورية في السودان.
وأشارت في الوقت ذاته إلى أن القاهرة تتخوف من عودة وتيرة العلاقات بين السودان وإثيوبيا إلى طبيعتها، في ظل تبادل اللقاءات والزيارات بين المسؤولين في البلدين، وما يرشح من دور سياسي جديد لأديس أبابا في الأزمة السودانية قد يخصم مجدداً من الحضور المصري.
وقالت المصادر، إنه على الرغم من إضفاء القاهرة طابعاً دبلوماسياً على الوفد، بعد رفض القوى السودانية التجاوب معه، إذ استدعى مسؤول الوفد شخصيات دبلوماسية من المسؤولين عن الملف السوداني في الخارجية المصرية، إلا أن الأمر لم ينجح في تلبية الحد الأدنى للسودانيين الذين رفضوا أي وجود أمني في هذه اللقاءات.
وأكد هؤلاء أن معركتهم الأساسية في بلادهم هي مع المكونات الأمنية والعسكرية التي ترغب في الاستيلاء على المشهد، فكيف يقبلون بمثل تلك الوساطة من الأساس، على حد تعبير المصادر.
وأوضحت المصادر أن الوفد المصري لم يعقد سوى ثلاثة لقاءات في الخرطوم، مع ممثلين لثلاثة أحزاب هامشية في المشهد، ليسوا من الفاعلين الحقيقيين على الأرض.
جهاز المخابرات المصري يدرس تشكيل وفد جديد
في مقابل ذلك، كشفت المصادر أن هناك مقترحاً تجري دراسته بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة بشأن الملف السوداني، ويتعلق بإمكانية الاستعانة بشخصيات سياسية وحزبية مصرية، لتشكيل وفد مع دبلوماسيين، بإشراف وإدارة من الجهاز، يكون بمثابة طرق أبواب للقوى السودانية المدنية والثورية.
وشددت على أن صانع القرار المصري يولي اهتماماً كبيراً بالملف السوداني بكل مكوناته ولا يقتصر الأمر فقط على العلاقات الجيدة مع المكون العسكري، خاصة بعدما فشلت جهود تعويم رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، لدى المعارضة السودانية أخيراً، وعدم نجاح التحركات المصرية في إيجاد دور له في المشهد السوداني مستقبلاً.
وأوضحت المصادر أن المقترح الخاص بالاستعانة بشخصيات سياسية ربما يلقى قبولاً لدى صانع القرار المصري، خصوصاً أن معظم الشخصيات السياسية المصرية في الوقت الراهن تربطها علاقات جيدة بالجهات الأمنية المصرية التي تتحكم في المشهد.
ورأت المصادر أن القاهرة تحتاج في الوقت الراهن إلى "عملية غسل سمعة" لدى الشارع السوداني والقوى الثورية والمدنية المتحكمة في حركة الشارع الغاضب في الخرطوم.
واعتبرت أن تلك الخطة يجب أن تكون طويلة المدى وليست تكتيكاً مؤقتاً، في ظلّ التهديدات التي تواجهها مصر من الجنوب، وكذلك في ظل توجهات القاهرة أخيراً للانفتاح على أفريقيا، لمواجهة سيطرة أديس أبابا على الاتحاد الأفريقي، خصوصاً أن السودان تحديداً يجب أن يكون في خندق واحد مع مصر في أزمة سد النهضة، وهو الأمر الذي تسعى أديس أبابا للعمل على عرقلته، وفقاً للمصادر.
مصادر: القاهرة تحتاج في الوقت الراهن إلى "عملية غسل سمعة" لدى الشارع السوداني والقوى الثورية والمدنية
وقالت المصادر نفسها، إنه يبدو أن خيار اللجوء للسياسيين سيكون السيناريو الأكثر ترجيحاً خلال الفترة المقبلة، سواء بتوجيه دعوات للقوى السودانية من جانب الأحزاب والسياسيين المصريين لزيارة القاهرة، أو قيام قيادات في هذه الأحزاب بزيارات للخرطوم خلال الأيام المقبلة.
وكانت مصادر دبلوماسية مصرية وعربية في القاهرة، قد كشفت قبل نحو أسبوع لـ"العربي الجديد"، عن فشل جهود بذلتها القاهرة وبعض العواصم الخليجية، لإقناع قوى المعارضة السودانية، التي تم الاجتماع بها في الفترة الأخيرة، بالموافقة على بقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان على رأس قيادة الدولة السودانية، في إطار مجموعة من السيناريوهات المقترحة لحلحلة الأزمة.
من جانبه، أعلن البرهان أخيراً أن المكون العسكري غير متمسك بالسلطة وأنه مستعد لتسليمها "في حال حدوث توافق وطني أو حكومة منتخبة".