كاتبة يهودية كندية: إسرائيل الآن في قبضة جنون الانتقام الاستعماري المسلّح

07 أكتوبر 2024
عائلات المحتجزين يحتجون أمام منزل نتنياهو 7 أكتوبر 2024 (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الذكرى السنوية لعملية "طوفان الأقصى"، واجهت إسرائيل تحديات في إحياء الذكرى بشكل موحد، حيث اعترضت عائلات الضحايا وطالبت بتحقيق مستقل، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات حادة حول الحدث.
- تناولت نعومي كلاين في مقالها استغلال إسرائيل للصدمة كأداة حرب، مشيرة إلى أن الحزن الجماعي مرتبط بالعِرق وانتقدت تحويل أحداث 7 أكتوبر إلى تجارب تعليمية.
- أشارت كلاين إلى أن المشاريع الإسرائيلية تهدف إلى نقل الصدمة للجمهور لتعزيز موقف إسرائيل دوليًا، محذرة من جنون انتقام استعماري وداعية للتحرر من المشروع الصهيوني.

في الذكرى السنوية الأولى لعمليّة "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، لم تتمكن إسرائيل من إحياء الذكرى بشكل متوافق عليه أو بالطريقة التي خططت لها حكومة بنيامين نتنياهو، إذ خرج العديد من عائلات الأشخاص الذين قُتلوا أو احتجزوا في ذلك اليوم بقوة ضد الحدث الذي ترعاه الحكومة، وقالوا إن الاستعراض يمكن أن ينتظر حتى تؤمن الحكومة صفقة تبادل الأسرى وتواجه تحقيقاً مستقلاً في إخفاقاتها قبل ذلك اليوم وبعده وفي ذلك اليوم. ومنع بعض الآباء حكومة بنيامين نتنياهو من استخدام أسماء وصور أطفالهم.

وجرت نقاشات عديدة بين الإسرائيليين في مواقع التواصل الاجتماعي حول الحدث وتعهد بعض كبار المشاهير في إسرائيل بدعم إحياء ذكرى منافس لذلك الذي تنظمه الحكومة. وقال العديد من الكيبوتسات، التي عانت من أكبر الخسائر، إنهم سيقاطعون الحدث وسيبقون مع مجتمعاتهم للحزن جماعياً على أحبائهم وتذكر رهائنهم في طقوس "حميمة وحساسة".

وفي سياق الجدل حول إحياء ذكرى 7 أكتوبر كتبت الصحافيّة ومخرجة الأفلام والناشطة السياسية الكنديّة نعومي كلاين، مقالاً مطولاً في صحيفة ذا غارديان تحت عنوان "كيف حولت إسرائيل الصدمة إلى سلاح حرب" طرحت فيه تساؤلات عن الخط الفاصل بين إحياء ذكرى الصدمة واستغلالها بسخرية، وبين تخليد الذكرى وتسليحها، وعن معنى أداء الحزن الجماعي عندما لا يكون الحزن الجماعي عالمياً، بل مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالعِرق، على حد تعبيرها.

وقالت كلاين، وهي يهوديّة ضد الصهيونيّة، في مقالها "ماذا يعني القيام بذلك بينما تنتج إسرائيل بنشاط المزيد من الحزن على نطاق لا يمكن تصوره، وتفجر كتل سكنية بأكملها في بيروت وتبتكر أساليب جديدة للتشويه عن بعد، وترسل أكثر من مليون لبناني للفرار من أجل حياتهم، حتى مع استمرار قصف غزة دون هوادة؟".

وأضافت الكاتبة أنه مع قرب اشتعال حريق إقليمي واسع النطاق يبدو أكثر احتمالية كل ساعة، قد يبدو "التركيز على آليات كيفية تصعيد إسرائيل للصدمة اليهوديّة والتلاعب بها غير ذي صلة، وحتى غير حساس. ولكن هذه القوى مترابطة بعمق، حيث توفر القصص الخاصة التي ترويها إسرائيل عن الضحايا اليهود الأساس الذي يغطي على العنف المدمر وضم الأراضي الاستعماريّة"، مضيفة أنه لا شيء يجعل هذه الروابط "أكثر وضوحاً من الطرق التي تختارها إسرائيل لسرد قصة صدمة شعبها في السابع من أكتوبر"، وهو الحدث الذي تم إحياء ذكراه باستمرار منذ لحظة وقوعه تقريباً.

وأشارت الكاتبة إلى أن أحد الجوانب الأكثر لفتاً للانتباه في الاستجابة لـ7 أكتوبر داخل إسرائيل ومعظم الشتات اليهودي هو "السرعة التي تم بها استيعابها فيما يسمى الآن ثقافة الذاكرة"، وهي المناهج الفنيّة والتكنولوجيّة والمعماريّة التي تحول الصدمات الجماعيّة إلى تجارب تعليميّة للآخرين، باسم حقوق الإنسان والسلام وضد آفة الإنكار أو نسيان النسيان. وقالت كلاين إن الفظائع الجماعيّة قد يستغرق الأمر إزاءها عقوداً من الزمن عادةً، قبل أن يكون المجتمع مستعداً للتعامل مع الماضي بصدق، مشيرة على سبيل المثال، إلى الفيلم الوثائقي للمخرج كلود لانزمان عن الهولوكوست "شواه" الذي صدر بعد أربعين عاماً من نهاية الحرب العالميّة الثانية.

ورأت كلاين أنه في إسرائيل كان هناك استجابة فوريّة لإعادة تمثيل أحداث السابع من أكتوبر بشكل رسومي كتجارب وسيطة بهدف "مواجهة الادعاءات الكاذبة التي تنكر وقوع أي فظائع في بعض الأحيان، ولكن في كثير من الأحيان بهدف صريح يتمثل في الحد من التعاطف مع الفلسطينيين وتوليد الدعم لحروب إسرائيل المتوسعة بسرعة".

وذكرت عدداً من المشاريع الإسرائيليّة داخل إسرائيل وحول العالم التي نُفذت لإحياء 7 أكتوبر مثل معرض في تل أبيب مبني على شكل نفق ليشعر الزائرون بما يعيشه المحتجزون الإسرائيليون، أو معرض متنقل حول العالم يستحضر حفلة نوفا، التي وقعت فيها مجزرة، ومسرحيّة في مسرح برودوي مستمدة من شهادات الشهود، بالإضافة لتنظيم العديد من المعارض الفنيّة وعرض للأزياء لنساء نجين من الهجمات أو فقدن أحباءهن وهن يزينّ أنفسهن بجروح اصطناعية ودم مزيف وفساتين مصنوعة من أغلفة القذائف، إضافة لمجموعة من الأفلام التي شارك الجيش الإسرائيلي في جزء منها، والتي يتم عرضها على جمهور من الساسة وقادة الأعمال والصحافيين في كل مكان من دافوس إلى متحف التسامح في لوس أنجلوس.

وأشارت كلاين إلى أن العديد من الحقائق حول ما حصل في ذلك اليوم لا تزال غير معروفة، وهذا هو السبب في أن العديد من أسر الضحايا تطالب بتحقيق مستقل، قائلة "باستثناءات قليلة جداً، يبدو أن الهدف الأساسي لهذه الأعمال المتنوعة هو نقل الصدمة إلى الجمهور لإعادة خلق الأحداث المرعبة بمثل هذه الحيويّة والحميميّة، بحيث يختبر المشاهد أو الزائر نوعاً من اندماج الهويّة، كما لو كان قد تم انتهاكه"، معتبرة أن الهدف من كل الجهود المبذولة لإحياء الذكرى عبر نقل الصدمة هو التأثير على قلوب الناس الذين لم يكونوا هناك، بحيث يمنح المشاهدون والمشاركون الفرصة للتسلل داخل آلام الآخرين، بناءً على افتراض إرشادي مفاده أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من صدمة 7 أكتوبر كما لو كانت صدمة خاصة بهم، كلما كان العالم أفضل. أو بالأحرى، كلما كان وضع إسرائيل أفضل على حد قولها.

وختمت مقالها بالقول "إن إسرائيل الآن في قبضة جنون الانتقام الاستعماري المسلح بالأسلحة النوويّة في سلالة الحملات العقابيّة الاستعماريّة السابقة، والتي استخدمت أيضاً الفن والحزن الجماعي كأسلحة قوية للإبادة".

ويُذكر أنه في خطاب سابق لكلاين، في إبريل/نيسان الماضي، خلال إحياء عيد الفصح اليهودي في نيويورك واحتجاجاً على تسليح إسرائيل، دعت صاحبة كتاب "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث" إلى هجرة جماعيّة من الصهيونيّة قائلة "لا نحتاج ولا نريد في عيد الفصح هذا وثن الصهيونيّة الزائف، بل نريد التحرر من المشروع الذي يرتكب الإبادة الجماعيّة باسمنا".

المساهمون