- اللقاءات الأولية تركزت على إجراءات العمل والمفاوضات المستقبلية، مع التأكيد على ضرورة أن يكون الدستور الجديد نتاج توافق اجتماعي واسع يعبر عن إرادة الشعب بأكمله.
- يواجه مشروع الدستور الجديد تحديات، بما في ذلك الحاجة إلى تحقيق توافق يشمل ثلثي أعضاء البرلمان لإقرار التعديلات دستورية أو الحصول على موافقة 360 نائباً لطرحها في استفتاء شعبي، مما يبرز أهمية التحالفات السياسية.
انطلقت بشكل فعلي، اليوم الثلاثاء، جهود كتابة دستور تركيا الجديد بلقاء جمع لأول مرة رئيس البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، نعمان قورتولموش، مع زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزال.
ويعتزم رئيس البرلمان زيارة الكتل البرلمانية، وتبادل الأفكار معها بخصوص الوصول إلى توافقات من أجل كتابة دستور تركيا الجديد في مرحلة يتوقع أن تستمر إلى ما بعد الصيف. واستمر اللقاء قرابة 50 دقيقة، وبعده أدلى قورتولموش وأوزال بتصريحات صحافية مشتركة، في خطوة بدت وكأنها صفحة جديدة في السياسة التركية بعد الاحتدام السياسي والانتخابات التي شهدتها البلاد في العامين السابقين.
ويأتي اللقاء قبل يومين من لقاء محدد بين الرئيس رجب طيب أردوغان وأوزال هو الأول من نوعه، بعد نتائج الانتخابات المحلية التي شهدت تفوقا لحزب الشعب الجمهوري وتراجعا لحزب العدالة والتنمية. وسيكون موضوع دستور تركيا الجديد ضمن أجندة لقاء الزعيمين. وقال قورتولموش في حديث عقب اللقاء إنه عقد الاجتماع الأول مع رئيس حزب الشعب الجمهوري في نطاق إعداد الدستور الجديد في تركيا، وإنه "من الآن ينبغي إنشاء عملية من خلال المفاوضات المشتركة حول المسار الذي يجب اتباعه".
وأشار إلى أنه "لم يتم التطرق ولو بكلمة واحدة إلى محتوى الدستور الجديد. أولا يتم تحديد إجراءات العمل الذي يتعين القيام به ونتيجة لذلك تستمر المفاوضات في الاتجاه الصحيح، فهناك قاعدة أساسية أخرى هي أن الأحزاب ليس لديها دساتير بل مقترحات دستورية، الدستور هو دستور الشعب".
وأضاف: "كنا نقول في البرلمان منذ فترة طويلة أن دستور تركيا الجديد يجب أن يظهر كنص للتوافق الاجتماعي، بأعلى قدر ممكن من الإجماع إن كان ذلك ممكنا مع تحالف يضم أكثر من 400"، مشيرا إلى أن الاجتماع كان "مثمرا وبناء للغاية وأعرب فيه السيد الرئيس أوزال عن آرائه بشكل واضح للغاية".
وكشف أنه "سيقوم بزيارة الرؤساء الآخرين وإيجاد طريقة في أقرب وقت ممكن للحصول على آراء الأحزاب السياسية التي لديها كتل برلمانية حتى نهاية مايو/أيار، وبعد ذلك ربما في الصيف تنضج وجهات نظر الأحزاب السياسية ومقترحاتها الدستورية، وتبدأ أجواء التفاوض عندما يفتتح البرلمان بالموسم الدستوري الجديد وأعتقد أنه يمكننا الحصول على نتائج في الفترة التالية".
ولإقرار دستور جديد في تركيا أو أي تعديلات دستورية تتوجب موافقة ثلثي البرلمان عليه للتعديل المباشر وهو ما يعني موافقة 400 عضو من أصل 600، فيما يتطلب نقل الدستور الجديد أو أي تعديلات عليه للاستفتاء الشعبي بعد موافقة 360 نائبا برلمانيا.
ولا يمتلك أي طرف سياسي في تركيا هذه الأغلبية، حيث يمتلك التحالف الجمهوري الحاكم 323 مقعدا في البرلمان، ويحتاج إلى تحالفات وتوافقات إضافية لتمرير دستور تركيا الجديد وهو ما يدفعه للتوافق مع بقية الأحزاب.
من ناحيته، صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزال في كلمته بأن حزبه حل في المرتبة الأولى في انتخابات 31 مارس/آذار الماضي وأنهم يدركون مسؤوليتهم عن ذلك.
وأشار إلى أن السياسة لا يمكن أن تكون غير متفاعلة مع أجندة الشعب، و"اليوم الناس لديهم آمال في ما يتعلق بالفقر والجوع والبطالة وانعدام الأمن، ولهذا من الضروري معرفة أين تكمن مطالب المجتمع من الدستور الجديد".
وأوضح أن الحزب سيعمل على تقييم ما تم تقديمه عبر مؤسساته الديمقراطية، مشددا: "سنقوم بالتقييمات لما قدمه رئيس البرلمان اليوم مع الهيئات المعتمدة في الحزب وكما أخبرت السيد الرئيس إذا كنا سنلتزم بالدستور فلنفعل". وأضاف: "إذا لم يتم الالتزام بالدستور الحالي فلمَ نتحدث عن دستور جديد، ولن يكون في مصلحة المواطنين إذا خيمت المناقشات الدستورية على السياسة مثل الضباب وجعلت القضايا الأخرى غير مرئية".
وينتظر أن يلتقي قورتولموش في الأيام المقبلة مع مزيد من الأحزاب لبلورة تقديم مسودات من قبل الأحزاب ومن قبل منظمات المجتمع المدني وصولا إلى دستور جديد في البلاد.
وأقرت آخر تعديلات دستورية في العام 2017 حيث انتقلت تركيا بموجبها إلى النظام الرئاسي من النظام البرلماني، وهي واحدة من أبرز الخلافات السياسية بين الحكومة والمعارضة، وينتظر أن تستمر الخلافات مستقبلا، حيث تتخوف المعارضة من استغلال الحكومة لتغييرات تتعلق بترشيح الرئيس للانتخابات، إذ استنفد الرئيس أردوغان حظوظه الدستورية في الترشح للانتخابات بتوليه الفترة الثانية اعتبارا من الانتخابات الأخيرة.
وينصّ الدستور الحالي على أن أي مرشح يمكنه تولي رئاسة البلاد لفترتين مدة كل واحدة 5 سنوات، ويمكن الترشح لفترة ثالثة في حال لم تكتمل الفترة الثانية، وفي حال لم تحصل انتخابات مبكرة في تركيا فإن المسار الدستوري مغلق أمام أردوغان للترشح مجددا للانتخابات.