جاء مشهد "المؤتمر الوطني للشباب" الذي عُقد بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأربعاء الماضي، محملّاً بالكثير من المؤشرات على أن "الحوار الوطني" الذي دعا إليه السيسي في إبريل/نيسان 2022 (وانطلقت أعماله في شهر مايو/أيار الماضي)، قد "أدى مهمته السياسية"، من وجهة نظر الداعين والمنظمين له، وآن أوان "حصاد النتائج".
وجاءت كلمة رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، محمود فوزي، في صباح افتتاح مؤتمر الشباب بحضور السيسي، بعنوان "ماذا بعد الحوار الوطني؟"، بمثابة "كشف حساب" أعمال الحوار، وعريضة بما توصل إليه المشاركون، تحتوي على توصيات تُرفع للرئيس الذي كان قد تعهد أمام فوزي، خلال مؤتمر الشباب، بالموافقة على أي مخرجات تخص الحوار "في حدود صلاحياته"، معرباً عن تمنياته بأن تستمر "حالة الحوار".
كتلة من "ثمرات الحوار"
من ضمن المخرجات التي تحدث عنها فوزي، ووصفها بـ"أنبل ثمرات الحوار"، جاءت ما تسمى بـ"كتلة الحوار"، بقيادة البرلماني السابق باسل عادل، العضو السابق في العديد من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة ويقول معارضون في مصر إنه يخدم السلطة في سلوكه ومواقفه. وكان عادل قد قال في كلمته أول من أمس في مؤتمر الشباب بحضور السيسي، إن التكتل الجديد "لا ينتمي إلى المتربصين ولا إلى المهلّلين".
وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، أوضح عادل: "كتلة الحوار عبارة عن تكوين سياسي جديد من متن الحوار الوطني، وهناك فتح للمجال العام، بحاجة إلى شخصيات لديها قدرة على طرح الحلول وإيجاد البدائل". وأضاف أنه "من زاوية أخرى، فإن الجيل السياسي في مصر لم يجُدّد دمه منذ فترة طويلة، وهناك جيل محدد محتكر للعمل السياسي والريادة، وآن الأوان لجيل الوسط كي يتبوأ مكانه، ويقود المرحلة بفكر وشكل جديدين".
وأضاف: "لدينا في كتلة الحوار مجموعة من الأكاديميين وأساتذة الجامعة والسياسيين وأعضاء من ائتلاف شباب الثورة ونواب سابقون، لدينا تشكيلة تمثل كل أركان المجتمع، وهويتنا ليبرالية تؤمن بالعدالة الاجتماعية كما أشرنا في البيان التأسيسي". وتابع: "هناك نية بتأسيس حزب سياسي في المرحلة المقبلة، لكن الحديث عن انتخابات الرئاسة بالنسبة لكتلة الحوار أمر سابق لأوانه، فليس لدينا مرشح، وليست لدينا انتخابات حالياً، فالأمر ليس في حسابنا".
باسل عادل: الحديث عن انتخابات الرئاسة بالنسبة لكتلة الحوار أمر سابق لأوانه، وليس لدينا مرشح
وبالنسبة للحوار الوطني، أوضح عادل أنه يجد فيه "عملية متصلة لا تنقطع بانتهائه". ورأى أن "مدّ الجسور بين أطراف المعارضة والنظام أصبح أمراً واجباً، لأن فكرة الكُره المتبادل وتسجيل النقاط دون حلول وبدائل لا تؤسس لحياة سياسية، فالبلاد الآن في وضع مختلف وفي حاجة إلى يد التعاون، وهذا لا ينفي المنافسة والمعارضة".
وأكد عادل: "لسنا أعضاء في الحركة المدنية، ولسنا بديلاً لضرب الحركة المدنية بل نحن في منطقة سياسية أخرى، لا ننافس الحركة المدنية ولا ندعو لانطفائها، على الرغم من أن لدينا تعليقات عديدة على أدائها". ومن ضمن هذه التعليقات، برأيه، أن الحركة المدنية "لم تقدم أي شيء للمجتمع السياسي في الفترة الأخيرة، لكننا في النهاية لسنا بديلاً عنهم ولا نسعى لضربهم، بل نتمنى لهم التوفيق، وهم أساتذة وشيوخ في الحياة السياسية وتعلمنا منهم الكثير".
تشكيك المعارضة بالحوار والكتلة
من جهته، رأى عضو الحركة المدنية الديمقراطية، والرئيس السابق لحزب الدستور، علاء الخيام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كل الكيانات التي تولد من رحم النظام مصيرها الفشل". وأضاف: "لا أرى لدى (كتلة الحوار) فرصة في النجاح، خصوصاً أن هناك تياراً أفضل منهم يتشكل الآن، منظماً ومرتباً، وهو التيار الليبرالي الحُر، الذي يضم أحزاباً وكيانات وشخصيات عامة، وتم تأجيل الإعلان عنه أكثر من مرة".
وأضاف رئيس "الدستور" السابق: "عندما فُصل باسل عادل من حزب المحافظين بسبب لقائه المباشر مع ضياء رشوان (المنسق العام للحوار) دون الرجوع للحزب، رغب في تأسيس هذا الكيان، الذي أظن أن تأسيسه بغرض ضرب الحركة المدنية، أو التسويق لفكرة وجود تيارات سياسية أخرى منافسة".
علاء الخيام: لا أرى لدى كتلة الحوار فرصة في النجاح، خصوصاً أن هناك تياراً أفضل منهم يتشكل الآن، هو التيار الليبرالي الحُر
وقال عضو الحركة المدنية الديمقراطية: "نحن نرحب بجميع التيارات والكيانات السياسية المعارضة، لكن أن يتأسس كيان بهدف أمر محدد ويخرج من رحم النظام ومن خلال الغرف المغلقة، فإن ذلك لا أمل بأن يمثل معارضة حقيقية، وتقديري أن كتلة الحوار ليست لديها فرصة حقيقية للاستمرار أو النجاح، فضلاً عن ظهورها بشكل مفاجئ وغريب".
رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور عصمت السادات، اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "في ما يخص تدشين كتلة الحوار التي أعلن عنها باسل عادل، من الواضح وجود حالة من الحراك السياسي التي نتجت من الحوار الوطني ونشأت على هامشه، وأن هناك مجموعات من جيل الشباب وجيل الوسط تحاول أن تجمع وتنظم نفسها في تأسيس كتل سياسية أو أحزاب، ونشجعهم وندعمهم". لكن برأيه، فإنه "ليس واضحاً ما ستسفر عنه هذه الكتل".
أما الناشط السياسي رامي شعث، فاعتبر من جهته، أنه "من مصلحة النظام استمرار حالة الحوار الوطني لأي سبب، ولو اضطروا إلى إنهائها، فسيفتحون أي فعالية مشابهة لتكون بديلاً". وقال شعث لـ"العربي الجديد" إن "ظهور كتلة الحوار بهذا الشكل ليس بالأمر المفاجئ، ويبدو وجود بعض المعوقات في تشكّل التيار الليبرالي وأنه غير جاهز في الوقت الحالي". وعن سؤال "ماذا بعد الحوار؟"، قال شعث: "لم نتوقع شيئاً إيجابياً منه منذ البداية، فلم ينتج أي تحسن في ملف المعتقلين وسجناء الرأي، ولم تحدث أي انفراجة سياسية أو فتح للمجال العام، ولم يتم الإعداد بشكل جيد لانتخابات رئاسية نزيهة".