ساعات طويلة من الترقب وشح المعلومات عاشها الأردنيون، يوم السبت، بعد تداول أنباء عن اعتقالات لشخصيات أردنية بارزة ثم تطور التسريبات للحديث عن إحباط محاولة انقلاب مزعومة تتورط فيها شخصيات مهمة، ومن ضمنها ولي العهد الأردني السابق، الأمير حمزة بن الحسين.
وساهم البطء الرسمي في تقديم المعلومات وعجز الإعلام المحلي عن توفير الإجابات عن الأسئلة التي خلفتها التطورات في مفاقمة حالة التوتر، لا سيما بعدما تحولت وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى مصدر رئيسي بالنسبة للأردنيين لمحاولة فهم ما يجري، خصوصاً بعد تداول مقاطع مصورة تظهر إجراءات أمنية تحديداً في منطقة دابوق حيث تقع قصور العائلة الحاكمة.
وبدأت القضية مع تواتر أخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "واتساب" عن اعتقالات أمنية لشخصيات أردنية مهمة وطرح اسم ولي العهد السابق من ضمنها.
وبينما كان الأردنيون يبحثون عن موقف رسمي يوضح لهم حقيقة ما يجري، خرجت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، وبعد أكثر من ساعتين من بدء الجدل، مساء السبت، بخبر أولي مقتضب جاء فيه "قال مصدر أمنيّ اليوم السبت إنه وبعد متابعة أمنية حثيثة تمّ اعتقال المواطنين الأردنيين الشريف حسن بن زيد وباسم إبراهيم عوض الله وآخرين لأسباب أمنيّة. وأضاف المصدر أنّ التحقيق في الموضوع جار".
وعوضاً عن حسم حالة الجدل السائدة زاد البيان الأوضاع ترقباً، لا سيما بعد شح المعلومات التي تم تقديمها وحتى تجنب ذكر صفة بن زيد وعوض الله أو هوية "الآخرين" المعتقلين وما إذا كان الأمير حمزة من بينهم. مع العلم أن عوض الله يعتبر من الشخصيات الأكثر جدلاً في الأردن، لارتباطه ببرنامج التحول الاقتصادي حينما شغل منصب وزير التخطيط والتعاون الدولي، وبعدها عمل رئيساً للديوان الملكي الأردني، ومبعوثاً خاصاً لملك الأردن إلى السعودية. فيما الشريف حسن بن زيد الذي أعلن عن اعتقاله غير معروف على مستوى الرأي العام الأردني، ولا توجد له نشاطات في الشأن العام.
وعقب هذا الخبر استمر تداول خبر اعتقال الأمير حمزة بن الحسين بن طلال بن عبد الله (29 مارس 1980)، ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية السابق والأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني (ملك الأردن الحالي)، خصوصاً بعد نشر صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً ذكرت فيه نقلاً عن مسؤول استخباراتي رفيع المستوى في الشرق الأوسط اطلع على الأحداث أن الأمير حمزة يخضع للإقامة الجبرية، وسط تحقيق قائم في مؤامرة مزعومة لإطاحة الملك عبد الله الثاني. كذلك أشارت إلى أنه جرى اعتقال نحو 20 شخصاً بعد ما وصفه مسؤولون بأنه تهديد لاستقرار البلاد.
واستدعى ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" رداً رسمياً آخر عبر "بترا" أكد خلاله "مصدر مطّلع أن الأمير حمزة بن الحسين ليس قيد الإقامة المنزلية وليس موقوفاً كما تتداول بعض وسائل الإعلام". وبينما كانت وسائل التواصل الاجتماعي، تحديداً "تويتر"، تعج بالتغريدات المستنكرة للأنباء عن شمول الأمير حمزة بالتحقيقات، صدر بيان عن رئيس هيئة الأركان الأردنية المشتركة، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، السبت، جدّد فيه التأكيد على عدم صحة ما نشر من ادعاءات حول اعتقال الأمير حمزة، لكنه بيّن "أنه طُلب منه التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره في إطار تحقيقات شاملة مشتركة قامت بها الأجهزة الأمنية، واعتقل نتيجة لها الشريف حسن بن زيد وباسم إبراهيم عوض الله وآخرون".
وقال الحنيطي "إن التحقيقات مستمرة وسيتم الكشف عن نتائجها بكل شفافية ووضوح. وأكد أن كل الإجراءات التي اتخذت تمت في إطار القانون وبعد تحقيقات حثيثة استدعتها، مثلما أكد أن لا أحد فوق القانون وأن أمن الأردن واستقراره يتقدم على أي اعتبار".
ولاحقاً، بثت شبكة "بي بي سي" فيديو، أعلن فيه الأمير الأردني حمزة بن الحسين أن "الأجهزة الأمنية أبلغته بأنه قيد الإقامة الجبرية وطلبت منه عدم التواصل مع أحد".
وأضاف: "لست مسؤولاً عن أي عملية انقلاب وشركة الاتصالات أبلغتني أنها ستقطع الإنترنت بناء على توجيهات أمنية"، مشدداً على أنه "لم يرتكب أي مخالفات ولم يكن طرفاً في أي مؤامرة".
وفي الفيديو الذي تم تصويره السبت، مضى الأمير الأردني قائلاً: "تلقيت زيارة من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية صباح اليوم، أبلغني فيها أنه لا يسمح لي بالخروج والتواصل مع الناس أو لقائهم. لأنه في الاجتماعات التي كنت حاضراً فيها، أو على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالزيارات التي قمت بها، كانت هناك انتقادات للحكومة أو الملك".
وتابع: "أنا لست الشخص المسؤول عن انهيار الحكومة والفساد وعدم الكفاءة التي كانت سائدة في هيكلنا الحاكم منذ 15 إلى 20 عاماً وتزداد سوءاً... ولست مسؤولاً عن قلة إيمان الناس بمؤسساتهم.. لقد وصل الأمر إلى نقطة حيث لا يستطيع أحد التحدث أو التعبير عن رأي في أي شيء، دون التعرض للتنمر والاعتقال والمضايقة والتهديد".
ومن النادر حدوث اعتقالات سياسية رفيعة المستوى في الأردن، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بحسب "بي بي سي"، التي ترى أن البلاد لديها وكالة استخبارات قوية تم منحها صلاحيات جديدة منذ جائحة فيروس كورونا، الأمر الذي أثار انتقادات من جماعات حقوق الإنسان.
وإلى جانب رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، اللذين تم الإعلان رسيماً عن اعتقالهما، فإن قائمة الموقوفين، بحسب المعلومات المتداولة في الأردن، تضم كلاً من مدير مكتب ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، ياسر المجالي، ومدير قصره عدنان أبو حماد، الذي يوصف بأنه من المقربين من العائلة الحاكمة. كذلك تم تداول أسماء شخصيات أخرى، عرف منها خالد أبو زيد، صخر الفايز، محمد أبو تايه، راكان الفايز، سعد العبداللات.