كوابح تمنع "تفجير" هدوء غزة... والتصعيد مرتبط بسلوك الاحتلال

20 يونيو 2022
عنصر من "سرايا القدس" مشاركاً بمناورة، إبريل الماضي (أحمد زقوت/Getty)
+ الخط -

تساعد ظروف ميدانية وكوابح مختلفة على استمرار حالة الهدوء في قطاع غزة، لكن هذا الهدوء يبقى هشاً في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها القدس والضفة الغربية المحتلتان وما يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي بحقهما، مع ربط فصائل المقاومة الساحات الفلسطينية ببعضها.

وتحاول إسرائيل استغلال حاجة غزة للحياة الكريمة والإعمار، للضغط على المقاومة فيها لمنع ذهابها للتصعيد رداً على الانتهاكات في القدس والضفة، غير أن ذلك وإن نجح لبعض الوقت، لا يمكن لأحد ضمان استمراره كثيراً، خصوصاً في ظل محاولات الاحتلال فرض قواعد اشتباك جديدة غيّرتها معركة "سيف القدس" في العام الماضي.

حرص إسرائيلي على الهدوء

وتحرص إسرائيل على الهدوء مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، والتي ستبدأ في 13 يوليو/تموز المقبل وتنتهي في 16 منه، والتي تأتي، وفق تصريح لرئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت للإعلان عن "خطوات لتعزيز اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط".


الوسيط المصري طلب من قيادة فصائل المقاومة الاستمرار في التهدئة

ووفق معلومات "العربي الجديد" فإن الوسيط المصري طلب من قيادة فصائل المقاومة الاستمرار في التهدئة وعدم التصعيد بالتزامن مع زيارة بايدن، وذلك بطلب أميركي إسرائيلي.

وطلبت المقاومة من الوسيط المصري أن توقف إسرائيل عدوانها وأن تتوقف عن محاولات تغيير الأمر الواقع في الضفة والقدس، لأن "انفجار" الأوضاع مرهون بسلوك الاحتلال أولاً.

وعلى الرغم من حرص الطرفين، المقاومة من جهتها، والاحتلال الإسرائيلي من جهته، على استمرار حالة الهدوء في غزة، إلا أن التطورات الميدانية كفيلة بتغيير هذا الحرص على إبقاء الهدوء، خصوصاً مع استمرار العدوان في جنين بشكل شبه يومي والاغتيالات في الضفة والإعدامات الميدانية التي يرتكبها الاحتلال ومستوطنوه، وأيضاً التلاعب في التسهيلات المقدمة لغزة وتأخير الإعمار.

وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، لـ"العربي الجديد"، إن عوامل تفجير الهدوء متوافرة، لكن كوابح منع الذهاب للتصعيد العسكري موجودة لدى الطرفين، خصوصاً مع حرص الوسطاء على أن تمر زيارة بايدن للمنطقة من دون توتر وتصعيد.

وأوضح أبو زايدة أن هناك رغبة باستمرار الهدوء، كما أن الوضع الإقليمي متوتر ولا يساعد على التصعيد فلسطينياً، خصوصاً في ظل التأهب الإسرائيلي وعدم استقرار حكومة بينت، وهو الأمر نفسه الذي قد يدفع رئيسها لمغامرة عسكرية في ظل تعثر الوصول لاتفاق نووي جديد بين الغرب وإيران.

ووفق أبو زايدة، فإن التكلفة العالية والمجهول الذي ينتظرها هو كابح يمنع الاحتلال من الذهاب لتفجير الهدوء في غزة بالذات، فالرد على إطلاق صاروخ عسقلان وإسقاط المنطاد خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين كان "طبيعياً"، ولم يخرج عن المألوف إسرائيلياً في مثل هذه الحالات.

غير أنه لفت إلى أن حالة الهدوء قد تتغير في لحظة واحدة، إذا ما كسرت إسرائيل الخطوط الحمراء أو صعّدت من عدوانها في القدس والضفة، مشيراً إلى أنه لو ذهبت إسرائيل لحرب مع لبنان فإن فصائل المقاومة ستكون حاضرة فيها، وفق تصريحات سابقة لقيادات الفصائل.


حاتم أبو زايدة: كوابح منع الذهاب للتصعيد العسكري موجودة لدى الطرفين

من جهته، قال الكاتب، أحمد الكومي، لـ"العربي الجديد"، إن الهدوء أو التصعيد في غزة مرتبط بسلوك حكومة الاحتلال والمستوطنين، مشيراً إلى أن المؤسسة السياسية والأمنية والعسكري في دولة الاحتلال بحاجة إلى تقليل درجة الاشتباك والاحتكاك في الأراضي الفلسطينية المحتلة تمهيداً لزيارة بايدن، وبالتالي بحاجة لتوفير الهدوء للبناء على هذه الزيارة.

وأشار الكومي إلى أن "هناك ملفات إقليمية تحتل أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية في الوقت الراهن، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، والأزمة القائمة مع لبنان حول الحدود البحرية، وتلويح الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بالذهاب لمعركة"، مبيناً أن ذلك "يقتضي حالة هدوء في الأراضي الفلسطينية".

التصعيد مرتبط بسلوك الاحتلال

أما فلسطينياً، وفق الكومي، فإن سلوك المقاومة مرتبط بسلوك الاحتلال، وفي حال ارتكب أي جريمة لن تكون المقاومة مكتوفة الأيدي، وجزء من الرسائل التي حدثت على حدود غزة في اليومين الماضيين تؤكد أن تفاهمات التهدئة لن تكبّل يد المقاومة للرد على أي أحداث عدائية يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن المقاومة باتت محكومة بمجموعة معادلات وتريد الحفاظ على قواعد الاشتباك، وعلى رأسها منع الاستفراد بالقدس وانتهاك المقدسات وكبح جماح المستوطنين وجيش الاحتلال في الاستفراد بالفلسطينيين في الضفة، معتبراً أن الوضع قد يكون مؤهلاً للانفجار إذا ما تمادى الاحتلال والمستوطنون.

ولفت كذلك إلى أنه "ليس هناك استقرار في إسرائيل، الحكومة متفككة وتتعرض لضغوط، وهي تعيش حالة خلافات داخلية كبيرة، وهذه عوامل قد تحيل المشهد في الأشهر المقبلة إلى عدم الاستقرار في المنطقة برمتها".

ورأى الكومي أن "التعامل الإسرائيلي مع إسقاط المنطاد وصاروخ عسقلان كان باهتاً وفتح بوابة انتقادات واسعة ضد الجيش في تعامله مع غزة، وجزء من الانتقادات موجّه من مستوطني غلاف غزة الذين شعروا بالإهانة، خصوصاً بعد أن سجلت المقاومة نقاطاً في معركة الوعي بإعادة بناء المرصد".

وكانت المقاومة حريصة على تعزيز شعور الإهانة للمستوطنين على حدود غزة، وقدّمت رسالة تحدٍ كبيرة للاحتلال عبر سرعة بناء مرصد المراقبة الذي يطل على مستوطنة "نتيف هسعراه" بعد أقل من 5 ساعات على قصفه السبت، ما أعطى إشارة إلى أن المقاومة تقف بالمرصاد لأي تطور أو حدث ومتأهبة لكل الاحتمالات.