استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بحضور وزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات العامة الوزير عباس كامل وكلٍ من وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، وسفير الولايات المتحدة بالقاهرة جوناثان كوهين، ونائب سكرتير رئيس الأركان الأميركي توماس سوليفان، بالإضافة إلى باربرا ليف، من مجلس الأمن القومي الأميركي.
من جهة أخرى، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن الارتباك الذي ضرب زيارة الوزير الأميركي وأدى إلى إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل اللقاء الثنائي مع الرئيس المصري، جاء بسبب اللقاء بين بلينكن وعدد من الحقوقيين بمقر السفارة الأميركية بالقاهرة.
وأشارت المصادر إلى أنه كانت هناك ملاحظات مصرية، خوفاً من أسئلة صحافية خلال المؤتمر الصحافي من مندوبي الصحف العالمية متعلقة بالوضع الحقوقي في مصر والسجناء والنشطاء السياسيين.
وقال بيان للرئاسة المصرية إن السيسي شدد على استراتيجية علاقات الشراكة الممتدة بين مصر والولايات المتحدة، ودورها المحوري في دعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والتطلع لتعزيز التنسيق والتشاور بين الجانبين بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة.
وأكد بلينكن اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع مصر، وكذا تكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع قضايا الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الثقل السياسي الفعال الذي تتمتع به مصر في الشرق الأوسط ومحيطها الإقليمي، ومساهمتها بقيادة السيسي في السعي لتحقيق الاستقرار المنشود لكافة شعوب المنطقة.
وذكر البيان المصري أن اللقاء تطرق إلى مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام في أعقاب التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، إذ ثمن وزير الخارجية الأميركي الجهود المصرية الحثيثة في هذا الإطار للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والعمل على تثبيته.
من جانبه، أشاد السيسي بالدعم الأميركي الكامل للجهود المصرية المذكورة، مشيراً إلى أن تطورات الأحداث الأخيرة تؤكد أهمية العمل بشكل فوري لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بانخراط أميركي فاعل لعودة الطرفين مجدداً إلى طاولة الحوار.
وشدد السيسي على حرص مصر على التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة في هذا الإطار، وموقف مصر الثابت بالتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية، إذ تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي بين البلدين في ما يخص تثبيت وقف إطلاق النار وكذلك إطلاق عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة تأسيساً على المبادرة المصرية في هذا الإطار.
كما تم تناول ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وأكد السيسي إرادة الدولة المصرية الثابتة حكومةً وشعباً لمواصلة جهودها الحثيثة لمواجهة تلك الآفة، وتقويض خطرها أمنياً وفكرياً، وتدعيم مبادئ المواطنة الراسخة من التآخي والتعايش وحرية الاعتقاد، مشدداً في هذا الصدد، على أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك مع الولايات المتحدة لتدعيم تلك الجهود.
ووفقا للبيان المصري، أشاد وزير الخارجية الأميركي بنجاح الجهود المصرية الحاسمة في هذا الإطار خلال الفترة الماضية وما تتحمله من أعباء في مكافحة الإرهاب، معرباً عن دعم الإدارة الأميركية لتلك الجهود، ومؤكداً أن مصر تعد شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي الإرهاب العابر للحدود.
وشهد اللقاء التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية، خاصةً تطورات الأوضاع في ليبيا والمرحلة الانتقالية التي تمر بها حالياً، وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي المنشود، حيث تم التوافق على أهمية دعم تلك المرحلة السياسية الفارقة في تاريخ ليبيا، مع ضرورة خروج المرتزقة والمليشيات الأجنبية المسلحة من ليبيا، بما سيساهم في تحقيق طموحات الشعب الليبي والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامة مؤسساتها الوطنية ويقوض تفشي الفوضى بها ويقطع الطريق أمام تحولها إلى مناطق نفوذ لقوى خارجية.
كما تطرق اللقاء إلى قضية سد النهضة، حيث أكد السيسي تمسك مصر بحقوقها من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني منصف وملزم يضمن الأمن المائي لمصر من خلال قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم أهمية الدور الأميركي على وجه الخصوص للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة، حيث جدد بلينكن التزام الإدارة الأميركية ببذل الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف.
كما تم تناول بعض موضوعات العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث أشاد بلينكن- وفق البيان- بالجهود التنموية الضخمة التي تشهدها مصر حالياً، وقد أوضح السيسي في هذا السياق جهود الدولة من خلال سلسلة المشروعات التنموية الكبرى بهدف تحقيق التنمية الشاملة في كل القطاعات والارتقاء بكافة جوانب الحياة المعيشية للمواطنين وكذلك جميع الخدمات المقدمة من قبل الدولة.