كورونا مصر: 4 مؤشرات لكارثة صحية محتملة

21 ديسمبر 2020
فشلت السلطات في التعاطي الجدّي مع تفشي الوباء (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر في وزارة الصحة المصرية، لـ"العربي الجديد"، عن أزمة كبيرة تهدد بكارثة خلال مواجهة البلاد للموجة الثانية من فيروس كورونا. وتتمثل هذه الكارثة في انخفاض الاحتياطي العام للأوكسجين المُسال في جميع المحافظات إلى أدنى مستوى له في عشر سنوات، وإلى نسبة لا تتعدى 10 في المائة من الاحتياطي المطلوب استخدامه يومياً في بعض المحافظات التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات بكورونا، مثل الدقهلية والإسكندرية ودمياط والغربية وبورسعيد. ودفع هذا الأمر إدارات الصحة في تلك المحافظات، إلى إصدار تعليمات جديدة بقصر صرف أنابيب الأوكسجين على حالات كورونا المتأخرة فقط، دون غيرها من الحالات الأخرى في المستشفيات الحكومية، واتّباع إجراءات طبية مغايرة في حالات العمليات الجراحية البسيطة والمتوسطة لتلافي استخدام الأوكسجين. وأضافت المصادر أن الوزارة بدأت أخيراً ضخّ كميات من الأوكسجين في بعض المحافظات استجابة لشكاوى النقص الحاد، لكن معدل الإنتاج الذي تحققه الشركات المختصة حتى الآن ما زال دون المطلوب بكثير. فقد ارتفع معدل الاستهلاك اليومي من 400 ألف إلى 500 ألف ثم 700 ألف ليتر خلال أسبوعين فقط، بينما ازداد معدل الإنتاج بنحو 50 ألف ليتر يومياً على المستوى القومي.


ارتفع معدل استهلاك الأوكسيجن المسال إلى 700 ليتر في أسبوعين فقط

وذكرت المصادر أن الزيادة القياسية في معدل الاستهلاك، مؤشر واقعي على ابتعاد الإحصائيات الخاصة بإصابات كورونا التي تعلنها الوزارة يومياً عن الواقع، إذ تخطى المعدل اليومي الـ600 إصابة منذ يومين. في المقابل، قدّرت المصادر عدد المصابين بأعراض كورونا خلال الأسبوع الماضي، في محافظة القاهرة فقط، بأكثر من ثلاثة آلاف مصاب، بناء على كشوف استقبال مستشفيات الصدر والحميات الرئيسية التي تعمل لعزل المرضى. وأضافت المصادر أن الوزارة طلبت من مستشفيات الجيش إعانة عاجلة، عبر توفير كميات يومية من الأنابيب لتوزيعها على المستشفيات الحكومية القريبة منها جغرافياً. لكن الأعداد التي وافقت المستشفيات العسكرية على توزيعها لم تسهم في حلّ الأزمة، لا سيما أن أعداد المصابين في المستشفيات العسكرية بكورونا من العسكريين وأسرهم والقطاع الاقتصادي ارتفعت بصورة حادة أيضاً. واللافت أنه لم يتم حتى الآن تشغيل المستشفى المركزي الميداني، الذي سبق وأقيم خلال الموجة الأولى من الوباء، ولم يتم استخدامه أيضاً.

وبالتزامن مع أزمة الأوكسجين، حصلت "العربي الجديد" على بيانات حكومية تؤكد انشغال مستشفيات العزل والصدر والحميات وأقسام مرضى كورونا في المستشفيات الخاصة، بنسبة تفوق 90 في المائة بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية ودمياط وبورسعيد والغربية. ودفع هذا الأمر الإدارات الصحية لإصدار قرارات جديدة للتعامل مع أزمة نقص القدرة الاستيعابية. ومن بين تلك القرارات، نقل الحالات العاجلة إلى مستشفيات عامة قريبة في المراكز الحضرية بالمحافظات، وإخراج المصابين الذين لا يحتاجون إلى الأوكسجين من المستشفيات والاكتفاء بعزلهم منزلياً.

وعلّلت مصادر في وزارة الصحة أسباب هذا القرار، بالارتفاع الكبير في عدد المتعافين الذين يخرجون يومياً من المستشفيات، بناء على الرصد الإكلينيكي للأعراض فقط من دون أخذ مسحات أو إجراء فحوص أخرى، بحجة أن القواعد المعمول بها بتوصيات منظمة الصحة العالمية تؤيد ذلك.

وكشفت البيانات الرقمية التي لم تعلن وزارة الصحة أي تفاصيل منها حتى الآن خلال الموجة الثانية، أن أكثر من 65 في المائة من المصابين المودعين في المستشفيات هم من الفئة التي تجاوزت سن الـ50، وأن نحو 60 في المائة منهم ذكور. مع العلم أن أرقام الموجة الحالة تميزت عن سابقتها حتى الآن، بارتفاع نسب المصابين من الأطفال إلى ضعف الأعداد التي تم تسجيلها خلال الموجة الأولى، وهو ما يمكن تفسيره بسهولة بانتظام الدراسة على مستوى الجمهورية، والتراخي في تنفيذ توصيات وقف العملية التعليمية في المدارس والفصول التي تظهر بها حالات.


65 في المائة من المصابين بكورونا هم من الفئة التي تجاوزت سن الـ50

وسبق أن نشرت "العربي الجديد" تفاصيل بيانات حكومية أخرى، توقعت أن تصل مصر إلى ذروة مبكرة ببلوغ العدد الحقيقي لمصابي كورونا الجدد في بعض الأيام إلى 30 ألف شخص، خلال الأسبوع الأخير من الشهر الحالي والأسبوع الأول من الشهر المقبل، بناء على مؤشرات عدة. أول تلك المؤشرات، هو تمسك النظام بعدم الإغلاق الكلي أو الجزئي للمصالح الحكومية والكيانات التعليمية والإنتاجية، والتراخي المستمر في عدم توقيع عقوبات على أية مخالفات للإجراءات الاحترازية، بدءاً من رفض ارتداء الكمامات في المواصلات العامة وصولاً إلى مخالفة المصانع وغيرها من المصالح، للقواعد المقررة في هذا الشأن بقرار سابق لرئيس مجلس الوزراء.

أما ثاني مؤشر فمتعلق بعدم الرصد الكامل حتى الآن لعدد الإصابات التي خلّفتها التجمعات الشعبية الغفيرة خلال الانتخابات النيابية في الشهرين الماضيين، والمستمرة حتى الآن بالمؤتمرات الجماهيرية الحاشدة لتهنئة النواب الجدد في محافظات المرحلة الثانية من الانتخابات، ومنها بعض أكثر المحافظات التي تضررت بعدد إصابات كورونا خلال الموجة الأولى من الوباء. أما المؤشر الثالث فيتمثل في بدء الموسم السياحي والترفيهي الشتوي، خصوصاً في محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر وأسوان والأقصر. وعلى الرغم من تشديد الإجراءات الحمائية في المنشآت السياحية، قياساً بباقي المصالح الاقتصادية، فإن تلك المحافظات كانت أولى المناطق التي شهدت انتشار الفيروس في مصر نهاية الشتاء الماضي. مع العلم أن لا قيود على الحركة من وإلى تلك المحافظات بالنسبة للسائحين حالياً، رغم سابقة إصدار قرارات وزارية قضت باتخاذ إجراءات للعزل الصحي لتلك المناطق لحمايتها، لكن السلطات لم تنفذها منذ تراجع عدد الإصابات في نهاية يوليو/تموز الماضي.

أما المؤشر الرابع، الذي رصده تقرير للجنة العلمية لمكافحة الوباء، فيتعلق بسرعة تفشي الوباء في المرحلة الثانية، ما سينعكس بالتأكيد في قفزات الأعداد. كما ارتفعت أعداد الوفيات قياساً ببداية الموجة الأولى، لكن أعراض المرحلة الثانية تبدو خفيفة ومتوسطة في مجملها، إذا ما قيست بالأعراض التي سادت في المرحلة الأولى. واستندت اللجنة العلمية في هذا الاستنتاج، إلى زيادة أعداد المتعافين سريعاً من المصابين المسجلين، وعدم وصول الحالات المسجلة إلى المستشفيات بالكثافة التي كانت عليها في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، واستقرار معظم الحالات المسجلة والموجهة إلى العزل المنزلي وعدم تفاقمها.