قال مصدر مصري رفيع المستوى، إن "فرضية تدفق أعداد من النازحين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى سيناء المصرية، قائمة في حال اشتدت وتيرة العدوان الإسرائيلي على القطاع". وأكد المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" بشرط عدم ذكر اسمه، أن "القانون الدولي الإنساني يفرض على دول الجوار، استقبال المدنيين الفارين من النزاعات المسلحة، إلا في حالات استثنائية مثل الحالات الأمنية، وهذه الفرضية محتملة في ما يخص قطاع غزة ومصر".
وأشار المصدر إلى "دخول سكان غزة من معبر رفح عقب العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2008، وعملية (الرصاص المصبوب)، وهو ما اضطر الأمن المصري إلى التعامل معهم وأطلق عليهم عيارات نارية". وذكّر بأن "نحو 35 ألف فلسطيني عبروا آنذاك من غزة إلى سيناء، ولكن بسبب المخاوف الأمنية، أصر الرئيس الراحل حسني مبارك ووزير داخليته اللواء حبيب العادلي، على تتبع هؤلاء الفلسطينيين في جميع مدن وقرى مصر، وتمت إعادتهم مرة أخرى إلى داخل قطاع غزة".
وكان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، قد أصدر بياناً مساء الأحد الماضي، قال فيه إنه "خلال الاشتباكات القائمة في قطاع غزة الأحد، أصيب أحد أبراج المراقبة الحدودية المصرية بشظايا قذيفة من دبابة إسرائيلية عن طريق الخطأ مما نتج عنه إصابات طفيفة لبعض عناصر المراقبة الحدودية. وقد أبدى الجانب الإسرائيلي أسفه على الحادث غير المتعمد فور وقوعه. وجار التحقيق في ملابسات الواقعة".
حشود عسكرية في مدينة رفح
في هذه الأثناء، كشفت مصادر قبلية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن الجيش المصري حشد خلال الأيام القليلة الماضية قوات عسكرية ضخمة في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة بما في ذلك عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجند.
وفي السياق، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء، مهند صبري، في حديث لـ"العربي الجديد" إنه "من الملفت أن مدفعية العدو المخطئة لم تصب جزءاً فارغاً من السلك الحدودي، ولم تصب صحراء النقب ولا حتى الصحراء داخل سيناء، ولكنها أصابت بالتحديد برج المراقبة المصري". وأضاف: "وهذا ملفت بالذات لأن الإسرائيليين يقولون إنهم لا يخطئون أهدافهم أبداً، لكن عند برج المراقبة المصري أخطأوا".
الجيش المصري حشد خلال الأيام القليلة الماضية قوات عسكرية ضخمة في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة
وأضاف صبري: "على الجانبين إجراء تحقيق شفاف، وإعلان النتائج، والاعتذار الإسرائيلي في هذه المواقف (دبلوماسي) وليس له وزن حقيقي، يؤدي إلى تحقيق فعلي على الأرض". وتابع: "لا توجد ضمانات لعدم تكرار ذلك، بالعكس أعلنت إسرائيل أنها ستقصف المعبر المصري ومحيطه في أي وقت، بما يشمل أبراج المراقبة، وستتحرش بالقوات العسكرية المصرية على الحدود".
مطالبات بفتح معبر رفح
من جهته، اعتبر الرئيس السابق لحزب (الدستور)، علاء الخيام، في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الذي يمنع كسر الحصار على غزة، غياب الإرادة السياسية، فالأنظمة للأسف تابعة للخارج". ولفت إلى أن "مصر من حقها فتح المعبر من اتجاهها كما تريد، لأن الجانب الآخر هو قطاع غزة، وهي دولة فلسطين وليس الاحتلال".
الخيام: عدم فتح معبر رفح حتى الآن هو إهانة لمصر ولتاريخها في دعم القضية الفلسطينية، فغزة هي خط الأمان الأول لمصر، وأمنها القومي، جزء من أمن مصر
وتابع الخيام: "عدم فتح المعبر حتى الآن هو إهانة لمصر ولتاريخها في دعم القضية الفلسطينية، فغزة هي خط الأمان الأول لمصر، وأمنها القومي، جزء من أمن مصر". ورأى أن "فتح المعبر كان ضرورياً مع بداية القصف مباشرة، وليس الانتظار كل هذه المدة، لقرار وقبول الجانب الأميركي والجانب الصهيوني. هذه إهانة والتعدي على المعبر من جانب القوات الإسرائيلية أمر غير مقبول، وربما لو اتخذت مصر قرارها الخاص بها، لكان المعبر الآن مفتوحا، وكانت المساعدات دخلت منذ اللحظة الأولى. أما انتظار تعليمات أو قرارات، أمر غير مريح".
في هذه الأثناء قال الناشط السياسي المصري، رامي شعث، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الأمن القومي المصري والعربي، ومنع هجرة الفلسطينيين إلى سيناء، هي فتح معبر رفح البري". وبرأيه فإن "لا شيء يمنع مصر إلا القرار السياسي والإرادة السياسية إذ إن المعبر معبر (مصري - فلسطيني)، وغزة أرض خارج نطاق الاحتلال، واتفاقيات ما تسمى بـ(فلاديلفيا) سقطت وانتهت".
ولفت إلى أن "مصر عليها فتح المعبر وذلك واجبها الأخلاقي والوطني والسياسي، وواجبها تجاه الأمن القومي، لأنه إذا أرادت فعلاً -كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي- أن تمنع هجرة الفلسطينيين إلى سيناء وإنهاء القضية الفلسطينية، فالحل الأول هو فتح المعبر لدخول المساعدات".
وأضاف شعث أن "دخول 20 شاحنة فقط إلى جنوب قطاع غزة وبشروط الاحتلال، تشجيع للنكبة وتهجير الشعب الفلسطيني". وشدد على أن "دور مصر هو حماية نفسها وحماية القضية الفلسطينية، وهي تقدر على ذلك، ليس بالقوة المسلحة، ولكن بقرار سياسي وبإرادة ومشاركة عربية، ووقف العمل بكامب ديفيد".