تستمرّ المباحثات اللبنانية الفلسطينية حول التطورات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، بالتزامن مع قيام لجنة التحقيق المكلفة بالكشف عن المتورطين في ارتكاب جريمة العميد في "حركة فتح" أبو أشرف العرموشي ورفاقه، بمهامها.
وبحث رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الثلاثاء، مع عضو الهيئة التنفيذية في "منظمة التحرير" الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية في "حركة فتح" عزام الأحمد، العلاقات اللبنانية الفلسطينية، والأوضاع في مخيم عين الحلوة على ضوء الأحداث الأخيرة.
وبعد اللقاء، قال الأحمد، بحسب بيان وزعه المكتب الإعلامي لبري، إن "الذين قاموا باغتيال العرموشي كانوا يعتقدون أن الفوضى ستدبّ، وينقضّون ومن يساندهم ومن يمولهم ومن يمدهم بالسلاح والذخيرة، وهؤلاء معروفون لدينا، وكل شيء يأتي في وقته لنكشف كل صغيرة وكبيرة".
وأكد أن "لجنة التحقيق وصلت إلى الكثير من الحقائق والمؤشرات، وهي تعمل ليلاً نهاراً حتى في الاستماع لبعض الشهود وبعض المتهمين في عقر دارهم"، مشيراً إلى أننا "لا نريد إلا الحقيقة، ولا نريد إلا أن يتولى القضاء اللبناني محاسبة كل من خرج على القانون، وشارك في جريمة اغتيال العرموشي، وشارك في الاشتباك المفتعل الذي جرى في بعض مناطق عين الحلوة، وحتى بعض مناطق الجوار اللبناني".
ولفت إلى أننا "اتفقنا مع الرئيس بري على أنه لا بد من الإسراع في إنهاء التحقيق، وتسليم الجناة للقضاء اللبناني كي يتولى شأنهم". وتابع الأحمد "المهم تثبيت الأمن، ووقف الدمار، وعودة المهجرين اليوم قبل الغد، وكثر منهم عادوا فور صدور بيان لجنة العمل الفلسطيني المشترك".
وألمح الأحمد إلى أن ما حصل قد لا يكون محلياً ومرتبطاً بلبنان فقط، فالاشتباكات وقعت بالتزامن مع اجتماع للأمناء العامين في الفصائل الفلسطينية في مدينة العلمين في مصر، من أجل تعزيز الوحدة الفلسطينية في مواجهة المحتل. وأضاف: "حادث هنا وحادث هناك ليس بعيداً عن نفس مؤامرة اجتياحات جنين، ومخيم جنين، ونابلس، وبلاطة، ونور شمس في طولكرم، وعن المحاولات التي تجري هنا لقتل القضية الفلسطينية، لكننا بالمرصاد".
وكُلّفت لجنة التحقيق المشكّلة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك، المباشرة بعملها للكشف عن المتورطين في قتل العرموشي في كمين مسلح بحي البساتين، في مخيم عين الحلوة، مع أربعة من مرافقيه، وتقديمهم للجهات القضائية والأمنية اللبنانية.
وفي 29 يوليو/ تموز الماضي، اندلعت اشتباكات في مخيم عين الحلوة استمرّت أياماً عدّة بين مسلحين من مجموعات فلسطينية إسلامية متطرفة، وقوات الأمن الوطني التابعة لحركة فتح، وذلك عقب عملية إطلاق نار استهدفت الناشط الإسلامي محمود أبو قتادة، ما أدى إلى جرحه، وهو يُعدّ من أبرز المطلوبين للسلطات اللبنانية، وذلك قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الذي تشرف عليه اللجنة، والذي جرى خرقه مرات عدة.
وأسفرت الاشتباكات عن سقوط 13 قتيلاً، وأكثر من 60 جريحاً، ونزوح مئات العائلات، إضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمنازل.
وقال القيادي في "فتح" العقيد أبو إياد شعلان، الذي عُيّن خلفاً للعرموشي، لـ"العربي الجديد"، إن الهدوء يسود حالياً مخيم عين الحلوة، والجميع ملتزم بوقف إطلاق النار.
وأشار شعلان إلى أن "لجنة التحقيق تقوم بعملها، وقد أشرفت على النهاية، متوقعين أن تنهي تقريرها هذا الأسبوع، والجميع بانتظار النتائج التي ستتوصّل إليها، على أنه من المفترض أن تُسلّم الجهات المعنية أو القريبة من المجموعات المتطرفة المرتكبين إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية".
ولفت إلى أن "اللجنة تقوم بتحقيقاتها، وقد استمعت إلى العديد من الأشخاص المتورطين في الاشتباكات، ومن ضمنهم مسؤول "جند الشام" هيثم الشعبي، مع العلم أنه من خلال تقديراتنا، يستحيل تسليم الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة، والذين سبق أن قتلوا العديد من عناصر "حركة فتح" والأمن الوطني، ولم يجر تسليمهم، وهم متحصّنون في أحياء لهم، لكننا سننتظر نتائج لجنة التحقيق بكلّ الأحوال، ولكلّ حادث حديث".
وترأس وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، أمس الاثنين، اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي، على ضوء إجراءات خليجية اتُّخذت ربطاً بالأحداث اللبنانية، وأكد خلاله أن الأجهزة الأمنية لن تسمح بانفلات المعارك خارج حدود المخيم، مشدداً على أنه يجب وضع حدٍّ للانفلات الأمني، حفاظاً على سمعة الدولة والشرعية اللبنانية.
وأعرب مولوي عن رفض بلاده أي دعم للتنظيمات المسلحة والمتطرّفة الموجودة في الأراضي اللبنانية، قائلاً: "لن نترك مجالاً لمن يريد تحويل لبنان وأمنه إلى صندوق بريد لتوجيه رسائل سياسية، أو تبادل الرسائل الأمنية، ولن ننجرّ إلى أي مكانٍ آخر، وسنكون بوجه كل مسلّح على الأراضي اللبنانية، متطرّف ومتشدّد، يتسبّب بأي اشتباكات أو أذى للبنانيين والموجودين على أرضه، ويحصل على تمويل من جهات خارجية، ويؤثر على الأمن اللبناني".