لبنان: البطريرك الماروني يرفع وتيرة خطابه بوجه "حزب الله" مدعوماً بحشد "بكركي" الشعبي

27 فبراير 2021
لا حل في الأفق للأزمة السياسية بلبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

خرج البطريرك الماروني بشارة الراعي، اليوم السبت، أمام حشدٍ شعبي توافد إلى مقر البطريركية المارونية في بكركي منذ الصباح، لدعم طرحه عقد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان، برسائل عدّة إلى عهد الرئيس ميشال عون، و"حزب الله"، موضحاً أنه يريد من المؤتمر أن يوفّر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان.

ورغم محاولة البطريرك النأي بنفسه عن الشعارات الحزبية والاستغلال السياسي للمناسبة، هو المعروف براية "الرئاسة الأولى خطّ أحمر"، برزت شعارات من قبل المشاركين فيما وصف بـ"السبت الكبير"، تطالب برحيل عون، ونزع سلاح "حزب الله"، الذي طاولته هتافات من قلب بكركي تضعه في خانة "الإرهابي".

ورفع الراعي المنتفض بوجه "حزب الله" متسلّحاً أكثر بالحضور الشعبي الذي حُشَد له منذ أيام عدّة، النبرة بوجه السلاح غير الشرعي و"الدويلة"، قائلاً "نواجه حالة انقلابية بكل معنى الكلمة على مختلف ميادين الحياة العامة، وعلى المجتمع اللبناني وعلى ما يمثله هذا الوطن من خصوصية حضارية في هذا الشرق".

وأضاف "لو تمكنت الجماعة السياسية عندنا من إجراء حوار مسؤول لتحصين الوفاق الوطني، ومعالجة الثغرات في الدستور، لما طالبنا بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة".

وتوجه البطريرك الماروني إلى الحضور بالقول: "لا تسكتوا على تعدّد الولاءات، ولا عن الفساد، أو سلب أموالكم، ولا على الحدود السائبة، ولا تسكتوا عن خرق أجوائنا، ولا تسكتوا عن فشل الطبقة السياسية، لا تسكتوا عن الخيارات الخاطئة والانحياز، ولا عن فوضى التحقيق في جريمة مرفأ بيروت، ولا عن تسييس القضاء، ولا تسكتوا عن السلاح غير الشرعي، وغير اللبناني، ولا تسكتوا عن الانقلاب على الدولة والنظام، ولا تسكتوا عن عدم تأليف حكومة، ولا على عدم إجراء إصلاحات".

وتابع الراعي قائلاً "لا نريد من المؤتمر الدولي جيوشاً ومعسكرات، ولا نريد المسّ بكيان لبنان، فهو غير قابل لإعادة النظر، وحدود لبنان غير قابلة للتعديل، ونريد منه أن يحسمَ وضع خطة تنفيذية سريعة لمنع التوطين الفلسطيني ولإعادة اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على وصفهم بالنازحين)، آمنين إلى ديارهم، إضافة إلى جيش يكون قادراً على استيعاب القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب اللبناني من خلال نظامٍ دفاعيٍّ شرعي يُمسك بقرار الحرب والسلم".

وفي تصعيدٍ إضافي بوجه "حزب الله"، قال البطريرك الماروني من دون أن يسمّيه "عظمة حركات التحرّر والمقاومة في العالم هي أن تصبَّ في كنفِ الدولة، وشرعيّتها، وإن عظمة الدولة أن تخدم شعبها. نتساءل، أين نحن من هذه العظمة. الدولة هي الكيان الأسمى، ولأنها كذلك، لا تتقبّل الدولة المحترمة الالتباس والازدواجية والاستضعاف، فلا يوجد دولتان أو دول على أرض واحدة، ولا يوجد جيشان أو جيوش في دولة واحدة، ولا يوجد شعبان أو شعوبٍ في وطن واحد، إنّ أي تلاعب بهذه الثوابت يهدّد وحدة الدولة".

وأضاف الراعي "حرّرنا الأرض، فلنحرّر الدولة، ونحن نطمح إلى دولة موحدة بشعبها وأرضها، بشرعيتها وقرارها، بمؤسساتها وجيشها، بدستورها وميثاقها".

 

وتوافد مناصرو بعض الأحزاب اللبنانية التقليدية، والأطراف المعارضة لـ"حزب الله"، على رأسهم "حزب القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع، اليوم، إلى بكركي، لدعم طرح الراعي؛ الدعوة إلى مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان.

ويعترض "القوات اللبنانية" على فكرة التدويل، ويرفضها تماماً، لا بل يضعها في دائرة "الاحتلال الجديد"، والتمهيد لحرب أهلية، إضافة إلى "التيار الوطني الحر" برئاسة صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل، الذي يقف على "الحياد" من الطرح، حفاظاً على تحالفه الوثيق مع "حزب الله" الذي يعدّ المفتاح الأساسي له في معركته الرئاسية المقبلة التي يقودها باسيل، مع انتهاء ولاية الرئيس عون، من بوابة أنه يرى أن مشاكل لبنان شأن داخلي وعلى الأفرقاء اللبنانيين حلّها من دون أي تدخّل خارجي له مصالحه حتماً في الداخل اللبناني.

وفي وقتٍ يصرّ "التيار الوطني الحر" الغائب عن "حشد بكركي" اليوم على مواقفه الحكومية، بذريعة الحفاظ على صلاحيات رئيس الجمهورية، يدعو الراعي إلى ليونة أكثر في المواقف، لتسهيل تأليف الحكومة التي تعدّ حاجة للبنان تحافظ على المبادرة الفرنسية، وتنطلق من خلالها عجلة النهوض الاقتصادي. ويرى أنّ الأفرقاء في السلطة السياسية لا يزالون يغلبون مصالحهم وأنانياتهم على صالح الوطن والشعب اللبناني الذي يرزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

واختلفت الآراء اليوم من المشاركة في التجمّع الحاشد دعماً لمواقف بكركي، لحدّ وصفها بأنها السبيل إلى الاستقلال الثالث في لبنان، والطريق التي تؤدي إلى تحرير البلاد من محور "إيران – حزب الله"، في ظلّ اعتبار البعض ممن هم من خارج "المعارضة" أنّ أحزاباً سياسية تقف وراء حدث اليوم لاستغلاله في "حربها" على رئيس الجمهورية وصهره، باسيل، ومحاولة إسقاطه من قبل طائفته.

ويأتي ذلك على الأخص بعد رسالة "التيار الوطني الحر" إلى الفاتيكان، التي وضعت في سياق إفشال مبادرة الراعي، إلى جانب أنّ التأجيج الطائفي اليوم يعقّد الأمور ويأخذ البلاد إلى ما هو أخطر.

وشهدت منصة "تويتر" توترات في الأيام التي سبقت "سبت بكركي"، خصوصاً بين مناصري "حزب الله" و"التيار الحر" من جهة ومناصري "القوات" من جهة أخرى.

وأعاد المشهد في بكركي صورة التحالفات المضادة، بين محور 8 آذار من جهة، و14 آذار، علماً أنّ مطلعين على الملف اللبناني يجدون صعوبة في تكرار هذه التركيبة، في ظلّ الخلافات السياسية الكبيرة ولا سيما بين حزب "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" والخصومة العلنية بينهما، وهو ما ترجم أيضاً حضوراً خجولاً جداً ومواقف من جانب "المستقبل" في تحرّك اليوم السبت.

المساهمون