عرض الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد ظهر اليوم الاثنين، مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري آخر أجواء الاتصالات والمشاورات على الصعيد الحكومي، والخطوات التي يتم القيام بها من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة العتيدة، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية، الذي أشار إلى أنّ الرئيس الحريري اكتفى بالقول للصحافيين، إنه تشاور مع الرئيس عون وسيعود "إن شاء الله بعد ظهر الأربعاء المقبل لتحديد الكثير من الأمور الأساسية".
وأكد مصدر في قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، أن الرئيسين بحثا الملف الحكومي ونقاط الخلاف تمهيداً للوصول إلى رؤية مشتركة تساعد في تسريع تشكيل الحكومة، بيد أنّ الاتفاق لم يتم حتى الساعة والعراقيل لا تزال موجودة، وكان تأكيد على ضرورة تسريع وتيرة النقاشات واللقاءات لتعبيد الطريق أمام ولادة الحكومة، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في ديسمبر/كانون الأول الجاري.
ويأتي اللقاء بين الرئيسين على وقع خلاف كبير حول المعايير المعتمدة لتشكيل الحكومة وإصرار الحريري، بحسب أوساط الرئيس عون، على تسمية وزراء الطائفة المسيحية والسنية ومنح "حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) بشكل خاص حق تسمية وزراء الطائفة الشيعية، وعلى رأسهم وزير المال الذي تضعه "حركة أمل" خارج قيد التداول والبحث ولن تتنازل عنه، ما أدى إلى انقطاع التواصل لفترة طويلة نسبياً، رغم محاولات عدّة حاول الوفد الرئاسي الفرنسي خرقها في زيارته الأخيرة إلى لبنان، وكسر الجمود الحاصل قبيل انعقاد مؤتمر الدعم الذي خُصِّص لمساعدة لبنان، بيد أن المحاولات لم تنجح.
ويلفت مصدر قيادي في "تيار المستقبل"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الحريري قد يحمل مسودة حكومية للرئيس عون، اليوم، ولكن القرار لم يتخذ بعد، فهو يتمسّك بمبدأ التشاور مع رئيس الجمهورية للوصول إلى قرار مشترك بعيداً عن الخلافات، نظراً لدقة المرحلة التي تمرّ بها البلاد، والتي تتطلب أقصى درجات التعاون والوحدة لمواجهة الأزمات التي تهدد بكارثة حقيقية إن لم يلقَ لبنان الدعم الخارجي والدولي المشروط بجملة إصلاحات ضرورية وسريعة.
ويكشف المصدر أنّ قياديين في "تيار المستقبل" الذي يرأسه الحريري نصحوه بتقديم تشكيلته الوزارية لحكومة مؤلفة من 18 وزيراً إلى الرئيس عون، الذي لا يزال يرفض العدد المقترح ويتمسك بحكومة تضم أكثر من 20 وزيراً، وبالتالي، رمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ووضعه أمام مسؤولياته، وليبرّئ الحريري ذمّته أمام الشعب اللبناني والرأي العام اللذين يحمّلانه جزءاً من مسؤولية التأخير في ولادة الحكومة، بعد مرور أكثر من شهر على تكليفه في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
من جهة ثانية، أكد المكتب السياسي لـ"حركة أمل" في بيان، اليوم، بعد اجتماعه الدوري، أن المطلوب من أصحاب الشأن أن يكون هذا الأسبوع هو أسبوع الحسم الحكومي، وتبنّي البرنامج الإصلاحي الإنقاذي، محذراً من أن أي تأخير تتضاعف أثمانه على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وحتى الأمنية، وبالتالي، لم يعد يمتلك أحد من اللبنانيين والمسؤولين ترف خسارة الوقت ومخاطره على الوطن والمواطن.
ويأتي خرق الجمود بعد أسابيع من عدم زيارة الحريري لعون، على وقع خلية النحل الخارجية التي تبحث الملف اللبناني، اليوم، بحيث يتطرق البحث الأوروبي في بروكسيل إلى أزمة لبنان وسط إصرار المجتمع الدولي على تشكيل حكومة مستقلة ومن أصحاب الاختصاص، تقوم بالإصلاحات المطلوبة على صعيد وقف الهدر والفساد في قطاعات الدولة، بالمرتبة الأولى، واستقلالية القضاء، وبرنامج إصلاحي شامل تتوقف عليه كل المساعدات لانتشال لبنان من "جهنّم" التي حذّر منها الرئيس اللبناني.
وفي الإطار نفسه، انعقد في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المؤتمر الثاني لدعم الشعب اللبناني في باريس، بدعوة من الرئيس ماكرون الذي رأس المؤتمر، وأعلن خلاله نيّته زيارة لبنان للمرة الثالثة منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، للضغط على الطبقة السياسية وحثّها على تشكيل حكومة تقوم بالإصلاحات المطلوبة وإلا فإنّ البلاد لن تحصل على أي مساعدات دولية. كما لفت ماكرون إلى أنه من المقرّر تأسيس صندوق يديره البنك الدولي للمساهمة في تقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان، وستساهم فرنسا في هذا الصندوق.
كذلك، زار وزير شؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي لبنان، الأسبوع الماضي، وحث سياسيي لبنان على تنفيذ إصلاحات عاجلة لمنع البلاد من الانزلاق أكثر في الأزمة الاقتصادية، بحسب بيان صادر عن السفارة البريطانية في لبنان، وشدد أيضاً على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة تقوم بالإصلاحات التي طال انتظارها.
Lebanon’s political class must form a government, implement much needed reforms, and address the issues facing the Lebanese people.
— James Cleverly (@JamesCleverly) December 4, 2020
The #Beirut blast, economic deterioration and the Covid-19 pandemic have hit #Lebanon hard. 🇱🇧🇬🇧
pic.twitter.com/n9smKYSwc9