رفع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الخميس، الجلسة العامة التي كانت مخصّصة في قصر الأونيسكو في بيروت لطرح الثقة بوزير الخارجية والمغتربين، عبد الله بو حبيب، على خلفية خلافات تخص تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية القادمة، وذلك لعدم اكتمال النصاب القانوني.
وبينما غابت كتلة "تيار المستقبل" المقاطعة للانتخابات النيابية المرتقبة في 15 مايو/ أيار المقبل عن جلسة اليوم، اقتصر الحضور على 53 نائباً، أبرزهم من كتل "التنمية والتحرير" (يتزعمها بري)، "الوفاء للمقاومة" (تمثل "حزب الله")، "اللقاء الديمقراطي" (يمثل "الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة وليد جنبلاط)، وقد حضر نائبان فقط عنه، و"لبنان القوي" (يرأسه النائب جبران باسيل)، إضافة إلى كتلة "الجمهورية القوية" التي لم تحضر بجميع أعضائها.
أما كتلة "الجمهورية القوية" (تمثل حزب "القوات" برئاسة سمير جعجع) التي تقدمت بطلب طرح الثقة، فلم تحضر بجميع أعضائها.
وبرّر نواب معارضون لباسيل وفريقه السياسي رفضهم طرح الثقة بوزير الخارجية، رغم اعتراضاتهم على كيفية تعاطيه مع ملف الاغتراب، بكون الخطوة تأتي بتوقيت غير مناسب وتهدد الاستحقاق الانتخابي ككل في حال تم حجب الثقة عن بو حبيب.
وتقدم نواب عن كتلة "الجمهورية القوية" بطلب عقد جلسة للهيئة العامة للمجلس النيابي لطرح الثقة بوزير الخارجية بسبب "الارتكابات والمخالفات الجسيمة التي ترتكبها وزارة الخارجية والمغتربين في موضوع تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية القادمة، بما يؤدي إلى تقييد حق المغتربين بالاقتراع ويهدد سلامة العملية الانتخابية برمّتها".
وارتكز الطلب على ثلاثة "اتهامات":
- تشتيت أصوات المنطقة الواحدة والقرية الواحدة والعائلة الواحدة على مراكز عدّة يبعد بعضها عن بعضها الآخر مسافات كبيرة، مما يصعّب عملية الاقتراع،
- عدم تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة، مما يمنعهم من معرفة عدد المندوبين المطلوبين لكل مركز من مراكز الاقتراع.
- ابتداع طرق جديدة لاعتماد مندوبي المرشحين في مراكز الاقتراع الاغترابية، بشكل يجعل توكيلهم من قبل المرشحين عملا شاقا إن لم يكن مستحيلاً.
وشنّ حزب "القوات" هجوماً على شربل معكرون، القنصل العام في سيدني الأسترالية والمحسوب على "التيار الوطني الحر"، واتهمه بعرقلة وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع مع فصل أفراد ضمن العائلة الواحدة وتوزيعهم على مراكز متباعدة، ما قد يقيّد حقهم وحركتهم بالاقتراع، وهو ما ينعكس سلباً على الحزب، خصوصاً أن سيدني تُعتبر من أبرز معاقله في الخارج.
وتوالت المواقف السياسية بعد "سقوط" الجلسة، "أعنفها" على ضفتي "التيار الوطني الحر" و"القوات"، إذ اتهم باسيل الأخير بمحاولته "تطيير" الانتخابات بتقديمه طلب طرح الثقة بوزير مسؤول عن هذه العملية في الاغتراب قبل أسبوع من موعدها.
"الوزير الظلّ"
ولفت باسيل إلى أن ما حصل عام 2022 تمثل في تعديل القانون الانتخابي، بحيث أصبح قرار توزيع مراكز الاقتراع بيد وزير الداخلية وبالتنسيق مع وزير الخارجية، مستغرباً في هذا الإطار طلب طرح الثقة بوزير الخارجية، واضعاً الخطوة في إطار الطعن السياسي. وزعم أن الخطأ لم يرتكب من وزارة الداخلية، إنما من ماكينة حزبية قامت بتسجيل الناخبين بطريقة "خاطئة" و"غبية".
من جهته، وصف النائب جورج عدوان، الذي تحدث باسم "الجمهورية القوية"، بو حبيب بـ"الوزير الظلّ" لوزير الخارجية "الفعلي" جبران باسيل، "الذي يترك ودائعه في الوزارة، ومنهم باسكال دحروج (مستشارة في الخارجية) التي تنظم الانتخابات".
وشدد على أن طرح الثقة هو بالمنظومة التي على رأسها والعضو الفاعل فيها باسيل، وليس بعبد الله بو حبيب.
وأكد عدوان أن التصويت على الثقة ليس مهماً فقط في مجلس النواب، بل الأهم أن يكون في صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أن اعتراضات كثيرة طاولت ملف تصويت المغتربين من جانب "حزب الله" و"حركة أمل" اللذين اعترضا على طريقة التصويت بألمانيا، لكن تمت تلبية طلبهما.
بو حبيب يردّ
بدوره، توقف وزير الخارجية عند النقاط التي استند إليها طلب طرح الثقة، موضحاً أنه بالنسبة إلى تشتيت الأصوات، فقد اعتمدت الخارجية منهجية عملية واضحة ليتمكن كل المغتربين من الإدلاء بأصواتهم بحسب التوزيع الجغرافي للناخبين ضمن المدينة الواحدة على أساس الرمز البريدي أو عنوان السكن.
وأضاف أنه تم إبلاغ جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية بتحديد المراكز بحسب التوزيع الجغرافي للناخبين، بموجب تعميم صادر في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ولفت إلى أن وزارة الداخلية قامت، بعد تحديد المراكز مع توزيع أسماء الناخبين جغرافياً من قبل الخارجية كما وردتها من البعثات في الخارج، بتوزيع أسماء الناخبين على الأقلام العائدة لكل مركز من هذه المراكز الانتخابية وفق الدوائر وقد بلغ عدد المراكز الإجمالي 205 وعدد أقلام الاقتراع 598.
وأشار إلى أن اختيار المراكز كان يعتمد على قيود الدول المضيفة. كما أكد أنه لم تكن هناك إمكانية قانونية لتحديد مراكز الاقتراع مسبقاً والسماح للناخب عند التسجيل باختيار المركز الذي يريد الاقتراع فيه لأنه لا يمكن التكهّن بعدد المسجلين مسبقاً واستيفاء شرط 200 ناخب لفتح مركز اقتراع قبل انتهاء مهلة التسجيل، مشيراً إلى أنه بالنسبة إلى المسافات بين مراكز الاقتراع في سيدني فإن المسافة القصوى بين أبعد مركزي للاقتراع في المدينة لا تزيد عن 35 دقيقة.
وشدد بو حبيب على أن إيداع المعلومات الصحيحة لدى التسجيل يقع على مسؤولية الناخب، وبالتالي فإن الخارجية لا تتحمل مسؤولية أخطاء الأفراد والماكينات الانتخابية.
وفي ما يخص عدم تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة، قال بو حبيب إن هذا من اختصاص وزارة الداخلية التي أصدرت اليوم بياناً أعلنت فيه أنه بات بإمكان الناخبين اللبنانيين أينما كانوا الولوج إلى البرنامج الإلكتروني الذي يمكنهم من معرفة المراكز التي سينتخبون فيها في لبنان وخارجه.
أما بالنسبة إلى السبب الثالث المتعلق بابتداع طرق جديدة لاعتماد مندوبي المرشحين في أقلام الاقتراع بالخارج، فلفت بو حبيب إلى أن المرشح في لبنان هو الذي يعطي التفويض لأي شخص يريد تمثيله سواء في الداخل أو في الاغتراب، وبالتالي فإن هذا السبب خاطئ أيضاً.
ختاماً، أكد بو حبيب أن "الانتخابات ستحصل وبكل شفافية رغم أن التكاليف تزيد عن تقديراتنا لكننا سنعمل على تأمينها".
وتجري الانتخابات النيابية للناخبين غير المقيمين (مجموع أعدادهم في القوائم الانتخابية 225114) يومي 6 مايو/ أيار (في الدول التي تعتمد نهار الجمعة يوم عطلة نهاية الأسبوع) و8 مايو/ أيار (في الدول التي تعتمد نهار الأحد يوم عطلة).