انتشر مقطع فيديو من اللقاء الثنائي الذي عقد بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، قبيل الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، بعد ظهر اليوم الاثنين، الذي أعلن فيه عن جملة مقرّرات حول الإقفال العام الشامل وحالة الطوارئ الصحية وفرض حظر التجول بدءاً من الخميس المقبل وحتى 25 يناير/كانون الثاني الجاري لمواجهة فيروس كورونا.
وظهر الرئيس عون في الفيديو الذي تناقلته وسائل الإعلام واجتاح وسائل التواصل الاجتماعي وهو يتّهم رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بـ"الكذب حول إعطائه ورقة حكومية، وبما يصدر عنه من تصريحاتٍ"، مشيراً إلى أنه "لا تأليف"، ومنتقدًا غياب الرئيس المكلف، ويقصد بذلك سفره الأول إلى العاصمة الفرنسية باريس خلال فترة الأعياد، ومن ثم انتقاله إلى تركيا بعد ساعات قليلة على وصوله إلى بيروت يوم الخميس الماضي. وتحدّث عون أيضاً، في معرض ردّه على سؤال الرئيس دياب حول مسار التأليف، عن "حظّ اللبنانيين" بما يفعله الحريري.
فيديو متداول لرئيس الجمهورية ميشال عون يتهم خلاله الرئيس المكلف سعد الحريري بالكذب في شأن تأليف الحكومة. pic.twitter.com/xZNnsRqgA5
— edmondsassine ادمون ساسين (@edmondsassine) January 11, 2021
سريعاً، أتى الردّ بطريقة غير مباشرة من جانب الرئيس الحريري عبر حسابه على "تويتر"، الذي نقل عن "الكتاب المقدس - سفر الحكمة" "إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ".
لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ ٢/٢
— Saad Hariri (@saadhariri) January 11, 2021
وطرح تسريب الفيديو بالصوت والصورة الكثير من علامات الاستفهام حول ما إذا كان التسريب متعمّدا لإيصال الرسائل للحريري، أو بالخطأ، ولا سيما أنّ المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية كان عمَّمَ على المندوبين الإعلاميين من مراسلين ومصوّرين في القصر، يوم أمس الأحد، أنه في إطار الاحتياطات المعتمدة بعد تفشي فيروس كورونا، فإنّ مكتب الإعلام سيزودهم بكل التفاصيل المتعلقة بالجلسة والأفلام والصور اللازمة، وأنه استثنائياً سيتولى فريق تلفزيون لبنان، وهو التلفزيون التابع للدولة اللبنانية، والمصوّر الرسمي فقط تصوير اجتماع مجلس الدفاع الأعلى.
وتطرح علامات الاستفهام هذه أيضاً بعد كلمة صهر رئيس الجمهورية رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أمس الأحد، التي حملت رسائل مباشرة لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، وأعادت الملف الحكومي إلى المربّع الأول، لا بل إلى نقطة الصفر، والخلافات الثنائية الحادة بين الحليفين السابقين في التسويات، باسيل والحريري.
وانتقد باسيل سفر الحريري في ظل الأزمات الخطيرة التي تمرّ بها البلاد، ومنها الملف الحكومي، واتهمه بأنه في كل مرّة يلتقي الرئيس عون يأخذ معه لائحة توزيع حقائب مختلفة عن قبلها، وهذا بالنسبة إلى باسيل "دليل عدم جديّة وتقلب كل مرّة بالموقف".
وأشار باسيل إلى أن "الحكومة المقبلة عليها أن تدير البلد وتحدّد مستقبله في ظروف استثنائية ولم تعد فقط حكومة مهمة، فهل يصدق أحد أن اللبنانيين يأتمنون رئيس الحكومة لوحده على أنّه هو، من خلال حكومة يؤلّفها وحده، يأخذ وحده هكذا قرارات مهمّة بالبلد؟ كلّنا نعرف أنّ الجواب هو لا!"، مضيفاً، "نحن، أقلّه، لا نأتمن سعد الحريري وحده على الإصلاح. نحن نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية".
بدوره، نشر أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري تغريدة سابقة للرئيس عون بتاريخ 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كتب فيها أنه "استقبل الحريري الذي قدم له تشكيلة حكومية كاملة، في المقابل سلّم الرئيس عون الحريري طرحاً حكومياً متكاملاً يتضمن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة". وأرفق أحمد الحريري تغريدته "المصوَّرة" كاتباً "تويتر فخامة الرئيس يكذب فخامة الرئيس"، مستخدماً وسم "#للكذب_عنوان_عون_وجبران".
تويتر فخامة الرئيس يكذب فخامة الرئيس #للكذب_عنوان_عون_وجبران pic.twitter.com/DRMwUq7KgE
— Ahmad El Hariri (@AhmadElHariri) January 11, 2021
وسريعاً، بدأت الحرب الإلكترونية بين "فريق رئيس الجمهورية" وفريق الرئيس الحريري، بحيث استخدم مناصرو "التيار الوطني الحر" وسما يستدلّ من خلاله على كذب الحريري و"نفاقه"، في مستجدات من شأنها أن تساهم في اتساعٍ إضافي لرقعة الخلاف بين عون والحريري، وبالتالي تطيير ملف الحكومة إلى أجل غير مسمى، في وقتٍ تشهد فيه البلاد أخطر أزمة اقتصادية ونقدية واجتماعية ومعيشية، أضيفت إليها اليوم كارثة كورونا التي جعلت المرضى بحالات حرجة يقفون أمام مداخل المستشفيات ويرجون الدخول لتلقي العلاج، ومنهم من يصار إلى مساعدتهم على الطرقات والأرصفة ومواقف السيارات من قبل الطواقم الطبية والتمريضية، في حين يموت البعض على الطرقات وداخل المنازل.