أعلنت كتلة "التنمية والتحرير" النيابية في لبنان، اليوم السبت، في أول اجتماع لها بعد الانتخابات النيابية، ترشيحها رئيس الكتلة نبيه بري، لرئاسة البرلمان التي يتربَّع على عرشها منذ ثلاثة عقود.
وقالت الكتلة، في بيان لها، إنها توجه "دعوة مفتوحة لكافة الكتل الزميلة، وللزملاء والزميلات النواب جميعاً للحوار تحت قبة البرلمان لمقاربة كافة القضايا والعناوين المتصلة بإيجاد الحلول الناجعة لإنقاذ لبنان من دائرة الخطر الذي يتهدده وإنسانه على مختلف المستويات"، مشددة على أنّ "الحوار وحده حول كل تلك العناوين يمثل مدخلاً حقيقياً للإنقاذ".
وتنتهي، اليوم السبت، ولاية مجلس النواب اللبناني، لتعتبر من بعده حكومة نجيب ميقاتي مستقيلة، على أن تبدأ الأحد المهلة المعطاة للمجلس النيابي المنتخب للاجتماع خلال 15 يوماً لانتخاب هيئة مكتب المجلس المؤلفة من رئيس ونائب رئيس وأميني سرّ وثلاثة مفوضين.
ويسود الغموض هذا الاستحقاق، هذه المرّة، في ظل غياب الأكثرية الواضحة، مع الإشارة إلى أن بري كان قد انتخب عام 2018 لولاية سادسة بـ98 صوتاً و29 ورقة بيضاء وواحدة ملغاة، فيما انتخب إيلي الفرزلي نائباً له بثمانين صوتاً، في مشهد كان متوقعاً سلفاً بفعل التسوية السياسية التي تلاها تعيين سعد الحريري رئيساً للحكومة.
وأكدت كتلة "التنمية والتحرير" النيابية، في بيانها، "الانحياز التام للكتلة في كافة مواقفها وعملها التشريعي والسياسي والشعبي إلى جانب صون حقوق اللبنانيين بكل ما يعزز أمنهم المعيشي والاقتصادي والاجتماعي وجنى أعمارهم من ودائع في المصارف وعدم القبول بأي مساس بها تحت أي عنوان من العناوين".
وشددت على "قيام حكومة تصريف الأعمال بواجباتها في المرحلة الانتقالية، ومتابعة الملفات التي تهم الناس، ومشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما ضبط التفلت في سعر صرف الدولار الأميركي، وردع المضاربات به، وتأمين المحروقات والخبز وغيرها".
وعلى وقع محاولة الأحزاب التقليدية في لبنان استمالة نواب مستقلّين للانضواء ضمن تكتلاتهم النيابية بهدف تكبير حجمها وتقوية دورها ونفوذها داخل البرلمان، تظهر للمرة الأولى في تاريخ البلاد معالم صراع على مستوى رئاسة مجلس النواب، ما يجعل المواطنين يترقّبون نتائجه ويتخيّلون المجلس من دون أبرز أقطابه، رغم أنّ ذلك أقرب إلى المستحيل.
وفيما يؤيد "حزب الله" ترشيح بري لرئاسة مجلس النواب، يحاول حليفه "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون)، استعادة بعضٍ من نفوذه بعد خسارة يرفض الاعتراف بها شعبياً وبرلمانياً، وعينه على موقع نائب رئيس مجلس النواب، بعد سقوط مدوٍّ لنائب بري السّابق إيلي الفرزلي في الانتخابات، إذ يريد باسيل انتزاع هذا المقعد الذي يعود للطائفة الأرثوذكسية، ولم يحسم قراره بعد بين النائبين جورج عطالله وإلياس بوصعب.
في المقابل، أعلن حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع صراحة رفض منح صوته لبري، ومثله حزب "الكتائب اللبنانية" برئاسة النائب سامي الجميّل، كذلك يرفض "النواب التغييريون" الذين أتوا من رحم انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول التصويت له.
أما على صعيد "الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة وليد جنبلاط، الذي فاز بتسعة مقاعد نيابية، ودائماً ما يلعب دور بيضة القبّان، فغالباً ما يميل إلى حليفه الاستثنائي بري.
وبغضّ النظر عن مبدأ المحاصصة والتسويات والاجتهادات، فإنّ المادة الـ 44 من الدستور تنص على أنه "ينتخب المجلس أولاً ولمدة ولايته الرئيس ونائب الرئيس كلّاً منهما على حدة بالاقتراع السرّي وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوفر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي دورة ثانية تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يُكتفى فيها بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً"، وهو في هذه الحالة نبيه بري (84 سنة).