وقع وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال، ميشال نجّار، المرسوم رقم 6433 المتعلق بترسيم الحدود البحرية جنوبي لبنان، واضعاً الحملة التي شُنَّت عليه في إطار "الافتراء والظلم المقصود والمتعمّد" على خطّه السياسي أي "تيار المردة"، بزعامة سليمان فرنجية.
وأعلن نجّار عن التوقيع في مؤتمر صحافي، عقده ظهر يوم الاثنين، بعد اجتماع صباحي مع مسؤولين في المديرية العامة للنقل البري والبحري ووفد من قيادة الجيش اللبناني.
ودخل ملف تعديل المرسوم في دائرة الصراع السياسي، وشكّل مادة خلاف وسجال في الفترة الأخيرة، رافقتها جملة اتهامات طاولت وزير الأشغال بعدما استمهل بضعة أيام للتوقيع، على خلفية إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، الاتفاق على توقيع تعديل المرسوم المذكور ما من شأنه أن يصحح الحدود البحرية جنوباً.
وكان الجيش اللبناني أودع وزارة الدفاع كتاباً يحمل رقم 2320 في 4 مارس/ آذار الماضي، يتضمن لوائح إحداثيات الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمناطق البحرية اللبنانية، حيث تبين أن مساحة إضافية تعود إلى لبنان، ما يفضي إلى تعديل الإحداثيات التي تناولها المرسوم رقم 6433/2011.
في الإطار، قال العميد الركن المتقاعد أنطون مراد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المرسوم صدر عام 2011 بحيث يحدد إحداثيات حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وضمناً الخط الجنوبي الذي ينتهي عند النقطة 23، وهو عبارة عن الخط الوسطي بين لبنان وفلسطين المحتلة، مع إعطاء كامل التأثير لصخرة تخليت الفلسطينية". ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي صخرة تخليت جزيرة رغم أنها غير قابلة للسكن.
ولفت مراد إلى أنّ الدراسة التي وضعتها قيادة الجيش اللبناني أصبحت اليوم تعبّر عن موقف لبنان الرسمي، والتي تقول إنّ القانون الدولي يسمح لنا بعدم الأخذ بصخرة تخليت، وبالتالي ألا يكون لديها أي أثر، وبذلك، ينتهي الخط الجنوبي عند نقط 29 التي تحولت إلى نقطة التفاوض بدلاً من 23، أي بإضافة 1430 كيلو مترا مربعا على المساحة السابقة 860 كيلو مترا مربعا التي فرضها الخط 23.
وأشار الضابط المتقاعد إلى أنّ "تعديل المرسوم هو بمثابة رمي قذيفة وسط معركة، ونحن هدفنا كسب المعركة وليس رمي القذيفة. لذا علينا أن نتوقع حالياً ردود فعل من قبل العدو الإسرائيلي والوسيط الأميركي والأمم المتحدة، وبالتالي أن نكون جاهزين لمواجهتها، من ضمن هذه الاحتمالات الممكنة، سحب الأميركيين وساطتهم وبالتالي وقف المفاوضات".
وفقاً لذلك، يرى مراد أنه "علينا أن ننتظر احتمالين، الأول وردي، بأن لا يسحب الأميركيون وساطتهم ويعيدوا تحريك المفاوضات المتوقفة راهناً، لتحصيل حقوقنا، والثاني رمادي وأسود، بأن يبدأ العدو حملة شعواء على لبنان لتشويه صورته، ويستكمل التنقيب عن النفط والاستثمار رغماً عنّا، وهذا ما سيضعنا أمام خيارين، إما الردّ عسكرياً، والدخول في حرب أو عدم الرد وقد نكون تسببنا بخسارة لوطننا. وفي كلّ الأحوال، علينا أن نخوض هذه المعركة على المستوى الوطني، وإلاّ إذا استمرّينا بالتلهّي بمعارك داخلية فإنّ الخسارة ستكون حتمية".
وكان الخلاف الحاصل بشأن توقيع وزير الأشغال وتقاذف الاتهامات بالعرقلة، والتي وصلت إلى داخل البيت السياسي الواحد الحليف ضمن أفرقاء "الثامن من آذار"، قد استدعى إصدار وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، زينة عكر، بياناً في 29 مارس/آذار الماضي، أوضحت فيه أنّه بتاريخ 18/8/2011 صدر القانون رقم 163/2011 والمتعلق بتحديد وإعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية، حيث "تنص المادة 17 منه على أن يتم تحديد دقائق تطبيقه لجهة تعيين حدود المناطق البحرية المختلفة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزراء المختصين. واستناداً إليه، صدر المرسوم رقم 6433 بتاريخ 1/10/2011 والذي يحدد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية".
وأضاف البيان "بناء لرأي هيئة التشريع والاستشارات بتاريخ 17/2/2021 تمت إضافة توقيع وزير الدفاع الوطني على المرسوم المنوي تعديله، نظراً للدور الهام الذي يقوم به الجيش اللبناني في ترسيم حدود المياه الإقليمية اللبنانية والمنطقة الاقتصادية الخالصة".
وقال نجّار في المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم: "أنا لم أتهرّب من التوقيع بل أردت أن يحصل كل شيء بصدق وشفافية"، مشدداً بالقول "لن نتهاون بأي شبرٍ من أرض الوطن أو أي نقطة من مياهه".
وتركزت الحملة على نجّار باعتباره "يغازل" الأميركيين بعدم التوقيع على تعديل المرسوم، على خلفية العقوبات الأميركية التي طاولت وزير الأشغال السابق واليد اليمنى لرئيس "تيار المردة" يوسف فنيانوس، وهو ما دفع وزير الأشغال الحالي إلى المفاخرة بانتمائه السياسي الحزبي وقضيته الوطنية.
وتوقفت المفاوضات التقنية وغير المباشرة مع العدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية جنوباً منذ 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تاريخ انعقاد الجولة الرابعة.
وأرجئت الجولة الخامسة وتوقفت معها المفاوضات في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، واستبدلت بلقاءٍ ثنائي، بين لبنان والوسيط الأميركي من جهة، وآخر مماثل بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي.