كشفت اللجنة السودانية التي تتولى التحقيق في فض اعتصام محيط قيادة الجيش في الخرطوم، اليوم السبت، أنها استجوبت كل الأشخاص الذين لهم علاقة بما جرى، واستمعت لشهادة 3 آلاف من الشهود بالحادثة التي وقعت في الثالث من يونيو/حزيران 2019، ولقي فيها ما لا يقل عن 100 من المعتصمين مصرعهم، وجرح المئات وفُقد العشرات.
وأشارت اللجنة، في بيان صحافي اطلع عليه "العربي الجديد"، أن المرحلة الأولى من التحقيق اعتمدت على تلقي الإفادات المباشرة من الشهود واستمرت شهرين، مضيفة أنها لجأت إلى اختصاصين نفسيين لتلقي بعض الشهادات، وأنها تلقت شهادات في أماكن حددها بعض الشهود بأنفسهم.
وشُكلت اللجنة الوطنية للتحقيق في فض الاعتصام في ديسمبر/ كانون الأول 2019، ومُنحت مدة 3 أشهر للوصول إلى النتائج، لكنها ولأكثر من مرة مددت لنفسها لتعذر الفراغ من التقرير الختامي، حسب ما تدلي به من بيانات.
وواجهت اللجنة في الفترة الأخيرة جملة من الانتقادات بسبب تأخر إعلان نتائجها النهائية لمعرفة المتورطين في مقتل المعتصمين.
في غضون ذلك، أشارت اللجنة في بيانها إلى أنها حصلت على 300 مقطع فيديو أثناء فض الاعتصام، وأصدرت 100 خطاب وجهتها إلى مؤسسات حكومية وغير حكومية وأخرى عسكرية، لمدها بأي معلومات حول التحقيق، لافتة إلى أن جائحة كورونا وما اتخذ من جرائها من إغلاق جزئي، أثرا على عملها وعطلا الكثير من الإجراءات.
وذكرت اللجنة أن التحقيق شمل قيادات في الأحزاب المدنية، ممن كانوا على تفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي الذي وقعت حادثة في فض الاعتصام في عهده، مبينة أن تلك المرحلة استهدفت 500 شخص بينهم عسكريون. كما زارت اللجنة عدداً من مواقع اعتصامات مماثلة تم فضها خلال اليوم نفسه، واستمعت هناك للشهود والمصابين.
وأضافت اللجنة أن مهمتها هي تقديم دعاوى جنائية متماسكة وقوية أمام القضاء، مشددة على أن ذلك يتطلب البحث عن بينات قانونية تستطيع الصمود أمام السجالات القانونية في المحاكم، ومؤكدة أن ما يحدث من جانبها ليس تأخيراً بل تجويد للعمل وصون لعملية التحقيق.
وأشارت إلى أن ما تبقى من عمل أقل بكثير مما أنجز، متوقعة أن تعلن عن نتائجها في حدود 3 أشهر من الآن، مضيفة أنها بصدد استكمال التحقيق مع من سقّطت أسماءهم في المراحل السابقة، قبل شروعها في مرحلة التقييم النهائي للبينات وتحديد المسؤوليات ومن ثم إصدار القرار. وأعلنت أنها تمتلك عدة خيارات لفحص مقاطع الفيديو التي حصلت عليها بعد أن اعتذر الاتحاد الأفريقي عن عدم المساعدة.
وحول ظهور مقاطع فيديو جديدة على وسائط التواصل الاجتماعي عن فض الاعتصام تظهر وجود شخصيات هامة أثناء تنفيذ عملية الفض، هددت اللجنة باتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة الجهات التي نشرت تلك المقاطع الجديدة.
وتساءلت في بيانها عن عدم تسليم تلك الجهات تلك المقاطع للجنة لأنها الجهة المسؤولة عن التحقيق، مرجحة وجود رغبة لدى الذين ينشرون المقاطع في التأثير على عملها. وأكدت أن ذلك عمل يخالف القانون، ويعرض مرتكبه للمساءلة القانونية، متوعدةً باتخاذ تلك الإجراءات القانونية اللازمة.
وحول الاتهامات الموجهة للجنة من قبل منظمة أسر الشهداء، ذكر البيان أن المنظمة اختارت البعد عن اللجنة لأسباب تخصها وناصبتها العداء في بعض الأحيان دون مبرر، واصفة ما تقوم به المنظمة من توجيه الاتهامات بأنه "عمل غير مؤسسي ولا يخدم قضية العدالة في السودان".
وفيما يتصل بالمطالبة بتدويل قضية فض الاعتصام، ذكر بيان لجنة التحقيق الوطنية أن قرار تشكيلها جاء "بإرادة السودانيين عبر الوثيقة الدستورية، ويجب أن تعطى اللجنة فرصة لتقول كلمتها في الولاية القانونية التي أسندت إليها، وليس من الحكمة القفز فوق قدرة السودانيين على تحقيق العدالة لأنفسهم، والذهاب للتحقيق الدولي الذي يتطلب اشتراطات قانونية كثيرة غير متوفرة حالياً، من أبسطها أن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية".