هيمن ملف الأزمة السياسية السودانية المستمرة منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى جانب قضية سد النهضة، وعدد آخر من القضايا، على المباحثات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، أمس الأربعاء، في القاهرة، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
مباحثات بين البرهان والسيسي في القاهرة
ووصل البرهان إلى القاهرة، صباح أمس، على رأس وفد ضم مدير جهاز المخابرات العامة، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل. وأشارت وكالة الأنباء السودانية، إلى أن المباحثات المشتركة "تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيز دعمها وتطويرها، بما يخدم شعبي البلدين ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك".
من جهته، قال مصدر دبلوماسي مصري، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، إن زيارة البرهان ولقاءه السيسي، تستبق قرارات حاسمة من المقرر أن يعلن عنها خلال شهر إبريل/نيسان المقبل.
مشاورات حول حلول مطروحة لأزمة السودان
وبحسب المصدر، فإن البرهان يعتزم الإعلان عن وثيقة سياسية جديدة، كأحد الحلول المطروحة لحلّ الأزمة السياسية في بلاده، ودعوة الأحزاب وقوى المعارضة والقوى الثورية مجدداً إلى الحوار.
بحث السيسي والبرهان مسألة أمن منطقة البحر الأحمر
ولفت المصدر إلى أن البرهان يستهدف مراجعة الجانب المصري وأخذ مشورته بشأن الإجراءات السياسية، باعتبار أن القاهرة معنية بالأمر في السودان، لما له من تأثيرات سلبية عليها.
وبرأي المصدر، فإن البرهان "رغم اتجاهه أخيراً إلى الإمارات، وتجاوبه مع تحركات أبوظبي في جذب الفرقاء السودانيين رغم انخراط مصر في الأزمة، أكثر ثقة في الدور المصري"، لافتاً إلى أن هناك "مخاوف لدى البرهان من الاتصالات القائمة بين أبوظبي ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)".
أمن منطقة البحر الأحمر والخطوط الحمر
في المقابل، قال مصدر دبلوماسي مصري آخر، إن الزيارة "تأتي في وقت يواجه فيه السودان تجاذبات من جانب دول في المنطقة"، مضيفاً أن "محوراً مهماً من محاور الزيارة، هو بحث مسألة أمن منطقة البحر الأحمر، في ظلّ تحركات ترفضها القاهرة".
وأوضح المصدر، أن "هناك تحركات مصرية أخيراً لمنع تغول الإمارات على منطقة البحر الأحمر، ونهجها الذي من شأنه أن يدخل تلك المنطقة ضمن حزام الأزمات"، مشيراً إلى أن "مشاورات جرت أخيراً بين أبوظبي والبرهان وحميدتي، من أجل الاستحواذ على إدارة وتشغيل موانئ سودانية".
وعلاوة على ذلك، ترفض مصر، بحسب المصدر، إقامة قاعدة بحرية روسية في المياه السودانية، معتبرة أن ذلك يمثل خطراً على أمن الجبهة الجنوبية، وأمن منطقة البحر الأحمر، والذي من شأنه أن يهدد أمن الملاحة في تلك المنطقة، ما يؤثر بشكل كبير على قناة السويس.
نقاش حول الحراك العربي - الإسرائيلي
وبحسب المصدر، فإن "الحراك الذي تشهده المنطقة أخيراً على صعيد التحركات العربية الإسرائيلية الهادفة إلى التنسيق الأمني والعسكري بمواجهة إيران، برعاية إماراتية، هو محل نقاش بين القاهرة والخرطوم، في ظلّ محاولات مضنية من جانب القيادة المصرية لإبطاء عمليات تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل بدفع من جانب أبوظبي".
وقال المصدر إن القاهرة "تتخوف من أن تدفع الأزمة السياسية والاقتصادية في السودان، المسؤولين هناك، إلى تقديم تنازلات تتعلق بتواجد إسرائيلي بالقرب من الحدود الجنوبية المصرية".
تتخوف القاهرة من أن تدفع الأزمة السياسية والاقتصادية في السودان، المسؤولين هناك، إلى تقديم تنازلات
وبحسب مصدر تحدث مع "العربي الجديد"، فإن الإمارات "تمارس ضغوطاً على البرهان، من أجل ضمّه إلى حلف عربي إسرائيلي، تحت أهداف تتركز حول مواجهة إيران وتأمين منطقة البحر الأحمر".
ولفت المصدر إلى أن "مشاورات البرهان في القاهرة من شأنها حسم جوانب مهمة بشأن ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي، بعدما سعت الإمارات أخيراً إلى فرض رؤيتها وتصورها لحل الأزمة، والذي لا يتضمن اتفاقاً قانونياً ملزماً، ويعتمد على ربط الدول الثلاث بمشاريع استثمارية بتمويل إماراتي، وهو التصور الذي لا ترحب به القاهرة".
وبحسب المصدر، فإن "هناك مشاورات جارية في القاهرة، تتعلق بترتيبات المرحلة المقبلة بشأن إعداد ملف مشترك بين البلدين، لمخاطبة الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن مجدداً، لتحريك مسار المفاوضات، بعدما أقدمت إثيوبيا أخيراً على عدد من الإجراءات الأحادية".
من جهة أخرى، أوضح المصدر نفسه أن المسؤولين في مصر يشاركون نتائج مباحثاتهم مع البرهان بشأن الأزمة السياسية في السودان مع رئيس بعثة "يونيتامس"، فولكر بيرتس، الذي وصل إلى القاهرة أمس، للقاء وزير الخارجية سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
وتهدف زيارة فولكر، إلى إطلاع المسؤولين المصريين على نتائج مباحثاته مع الأطراف السودانية خلال الفترة الماضية، والعقبات التي تواجه عملية الحلّ السياسي في السودان.