لقاء الحريري مع عون: اتفاق على اجتماع آخر الإثنين وتكتم على المضمون

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
18 مارس 2021
هل سيتحسن الاقتصاد في لبنان إذ تم تشكيل الحكومة؟
+ الخط -

خرج رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري بعد لقاء دام قرابة ساعة مع الرئيس ميشال عون، بعد ظهر اليوم الخميس، ليعلن عن اتفاق بينهما على زيارة ثانية يوم الإثنين المقبل، للخروج بأمور واضحة للبنانيين على صعيد الحكومة وتقديم بعض الأجوبة الأساسية لكيفية الوصول إلى تشكيلة وزارية بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ.

ولم تكن تصريحات الحريري على المستوى المتوقَّع سياسياً وشعبياً كونها لم تقدَّم أي شرح لتفاصيل اللقاء، وما إذا كان إيجابياً أم سلبياً، والنقاط التي تم الاتفاق عليها أو العقد التي جرى فكّها في لقاء هو السابع عشر بين الرئيسين، ولا يرقى إلى مستوى الأزمات التي تحدق بالبلاد والانهيار الذي تتخطى سرعته حركة الرجلين في الملف الحكومي.

وقالت أوساط قصر بعبدا الجمهوري لـ"العربي الجديد"، إنّ الأجواء اليوم أشبه بالرمادية، نظراً لكون أي اتفاق لم يحصل، والعقد حول عددٍ من الحقائب الوزارية ما زالت قائمة، وسيُصار إلى البحث بها يوم الإثنين، ولا سيما على صعيد وزارة الداخلية.

وأشارت الأوساط إلى أن النقاش ارتكز على عرضٍ للمسودة الحكومية التي تقدَّم بها الحريري، لكن لم تطرح صيغة جديدة لها، بل أبدى كل طرف منهما ملاحظاته ومقترحاته التي سينطلق منها اجتماع يوم الإثنين.

وقال الحريري: "تحدثت مع الرئيس عون حول تطلعاتي لتشكيل حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً لإنقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية، واستمعت إليه وإلى ملاحظاته، واتفقنا على اللقاء يوم الإثنين المقبل حتى نخرج بأمر واضح للبنانيين كحكومة، وستكون هناك أيضاً بعض الأجوبة الأساسية لكيفية الوصول إلى تشكيلة وزارية بأسرع وقتٍ".

وتحدث الرئيس المكلف عن ضرورة استعادة ثقة المجتمع الدولي، حيث إن الوضع الاقتصادي لا يبرّر هذا التدهور في سعر العملة الوطنية والارتفاع بسعر صرف الدولار، بل ما يؤدي إلى ذلك هو غياب الأفق، من هنا فإن الهدف الأساسي من الحكومة التي ستشكل هو وقف انهيار الليرة اللبنانية والسير مع صندوق النقد الدولي لتحقيق ذلك.

وبعد الأجواء المشحونة بين الرئيسين، التي ظهرت أمس، الأربعاء، بتخيير أحدهما الآخر بما هو أقرب إلى "التوقيع أو الاستقالة"، أكّد الحريري أن الاجتماع اليوم أتى للتخفيف من الاصطدام وتهدئة الأوضاع، وقال: "سأبقى صريحاً بكل ما يحصل، والآن هناك فرصة يجب الاستفادة منها واستغلالها للخروج بأمر ما الاثنين المقبل".

وسبقت لقاء الرئيسين عون والحريري، اليوم، جولة مشاورات واتصالات مكثفة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين المعنيين في الملف الحكومي، ولتهدئة الأجواء بينهما بعدما رفعا، أمس، سقف المواجهة، وهو ما نقل موعد الزيارة من الصباح حتى بعد الظهر لبلورة حلٍّ أو تصوّرٍ ما، استكمالاً للمبادرات الحكومية السابقة، وآخرها التي يعمل عليها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي التقى، اليوم، رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة ببيروت، وجرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات الأمنية والسياسية، وغادر من دون الإدلاء بأي تصريحٍ.

ويواجه القادة السياسيون في لبنان ضغوطاً دولية ودبلوماسية غير مسبوقة من دول أجنبية وعربية لوقف المماطلة وتشكيل حكومة سريعاً.

وعاد الحديث عن عقوبات فرنسية أوروبية على مسؤولين لبنانيين بعدما عبّرت باريس، صاحبة المبادرة "الإنقاذية"، عن امتعاضها من طريقة تعاطي الأفرقاء السياسيين مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والانهيار الحاصل وعدم قيامهم بأي مجهود لمساعدة الشعب الذي يعاني من أسوأ أزمة في تاريخه، لا بل يصم المسؤولون آذانهم عن غضب الشارع اللبناني والمطالب التي يرفعها المحتجون، وهو ما ورد على لسان أكثر من مسؤول فرنسي في العلن وبين الأوساط السياسية في كواليس اللقاءات والاتصالات.

في هذا السياق، كان لافتاً إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، "الحاجة إلى تغيير النهج والأسلوب في الأسابيع المقبلة في ما يتعلّق بلبنان"، علماً أنّ أشهراً عدّة مرّت على المبادرة التي أطلقها ماكرون من بيروت خلال زيارته للعاصمة اللبنانية عقب أيام من وقوع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020، والتي يجمع قادة لبنان على وصفها بـ"الفرصة الأخيرة للإنقاذ"، ومع ذلك يهدرونها في الممارسات نفسها التي تقوم على المحاصصة الطائفية والحزبية وسياسات الهدر والفساد غير آبهين بمعاناة اللبنانيين وخسارة العملة الوطنية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها.

ويؤكد مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد"، أن فرنسا لا تريد سحب مبادرتها، لكن ساسة لبنان لم يستغلوها ويستفيدوا منها ولا تزال الثقة الدولية معدومة بهم، ومع ذلك هي مستعدة للوقوف إلى جانب لبنان بمجرد أن تشعر بأن المسؤولين يهتمون لمصلحة الشعب والوطن بشكل أساسي ويضعون خلافاتهم ومصالحهم جانباً.

ويشدد المصدر على أن الاهتمام الفرنسي كما الأوروبي والدولي هدفه أولاً الشعب اللبناني لا الدولة، حيث إن باريس تدرك جيداً حجم المخاطر التي لن يقع ضحيتها إلّا المواطنون، من هنا سيكون الردّ على ذلك بعقوبات تمسّ السياسيين مباشرة وتقيّد حركتهم علّهم يتلمسون بعضاً من هذه الكوارث المحدقة.

في سياق آخر، تُنتَظر إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، مساء اليوم، في "يوم الجريح"، والتي من المتوقع أن يتطرق فيها إلى ملف تشكيل الحكومة ومواقف الدول الخارجية من الأزمة اللبنانية التي تحذر من نتائج الانهيار الكارثية، إضافة إلى تفاصيل زيارة وفد الحزب إلى موسكو وغيرها من الملفات المحلية والإقليمية، منها المرتبطة بالولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي.

وتستمر الاحتجاجات في لبنان وقطع الطرقات، اليوم، في بعض المناطق اللبنانية اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية. وقد سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، اليوم الخميس، انخفاضاً إلى 12 ألف ليرة لبنانية بعدما كان قد تخطى الـ15 ألف ليرة، علماً أنّ الأنظار كانت متجهة إلى ما سيسجّله تبعاً لأجواء اللقاء بين الرئيسين عون والحريري، باعتبار أن غياب الاستقرار السياسي والجمود الحكومي من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فوضى في سعر الصرف، ومجمل الصرافين غير المرخصين يعتبرون أن "اللعبة اليوم سياسية في السوق السوداء".

ذات صلة

الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة

منوعات

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثلاثة صحافيين لبنانيين، وأصابت آخرين، بغارة استهدفت مقر إقامتهم في حاصبيا جنوبي البلاد، فجر الجمعة
الصورة
شارك العديد من الشبان في مبادرة الحلاقة (العربي الجديد)

مجتمع

في إطار المبادرات والمساعدات المقدمة للنازحين، رحب النازحون في مدينة صيدا بمبادرة الحلاقة في ظل ظروفهم الصعبة والبطالة
الصورة
آثار القصف في منطقة البقاع في لبنان (حسين بيضون)

سياسة

تعدّدت جرائم الحرب ومنفذها واحد، وهو احتلال باتت مجازره يومية بحق المدنيين في لبنان وسلوكه مركَّز على التهجير، والتدمير، مستغلاً الصمت الدولي على انتهاكاته.