لقاء شي وبايدن: ترحيل الخلافات بانتظار حكم ترامب

18 نوفمبر 2024
شي وبايدن في ليما، 16 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

بعدما شهدت السنوات الأربع الماضية توترات كبيرة بين الصين والولايات المتحدة في مجالات عدة وعلى جبهات مختلفة، ومع فشل الطرفين في تذليل العقبات ووضع حد للخلافات، فإنه من المنتظر ترحيلها إلى حقبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وقبل نحو شهرين من تسلم الأخير السلطة في الولايات المتحدة، جاء لقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ، أول من أمس السبت، بنظيره الأميركي جو بايدن، على هامش اجتماع زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادئ (آبيك) الحادي والثلاثين في البيرو، من دون تفاهمات كبيرة، ليكرّس لقاء شي وبايدن حالة الانتظار حتى موعد تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني المقبل، واستيضاح التوجه الذي ستسلكه إدارته في التعامل مع الصين.

لقاء شي وبايدن

وأكد الرئيسان شي جين بينغ وجو بايدن التفاهمات المشتركة المكونة من سبع نقاط بشأن المبادئ التوجيهية للعلاقات الصينية الأميركية، وإيجاد طريقة للعيش جنباً إلى جنب، والحفاظ على خطوط الاتصال المفتوحة، ومنع الصراع، ودعم ميثاق الأمم المتحدة، والتعاون في مجالات ذات اهتمام مشترك، وإدارة الجوانب التنافسية للعلاقة بشكل مسؤول. وأعرب لقاء شي وبايدن عن استعدادهما لدعم هذه المبادئ، ومواصلة استقرار العلاقات الصينية الأميركية، وضمان انتقال سلس للعلاقة. كما تحدثا بشكل إيجابي عن الدور المهم للاتصالات الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة، والاتصال المنتظم بين الفرق الدبلوماسية والأمنية، وآليات الحوار بشأن العلاقات العسكرية، والعلاقات الاقتصادية والتجارية، والقضايا المالية. واتفقا على الحفاظ على الزخم في الاتصالات وتعزيز التنسيق في مختلف المجالات.

ليو وانغ: تصريحات شي وبايدن رقصة أخيرة في عرض متوتر ومشحون سيستمر مع الإدارة الأميركية المقبلة

وقال الرئيس الصيني لنظيره الأميركي إنه مستعد للعمل مع ترامب لتحسين العلاقات الثنائية، وتوسيع التعاون وإدارة الخلافات، من أجل السعي لتحقيق انتقال مستقر للعلاقات الصينية الأميركية لصالح الشعبين، وحذر من محاولات الفصل بين البلدين. وبدا أن شي ينتقد أيضاً محاولات إدارة بايدن لفرض المزيد من القيود على الصين.

ونقلت وسائل إعلام صينية، أمس الأحد، عن لقاء شي وبايدن قول الرئيس الصيني إن الولايات المتحدة يجب ألا تتجاوز أربعة خطوط حمراء، مشيراً إلى أن قضية تايوان، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومسار الصين ونظامها، وحقوق التنمية في الصين، هي أربعة خطوط حمراء بالنسبة للصين، لا يجوز تحديها أو تجاوزها. وأضافت أنه في اجتماعه مع بايدن، قال شي أيضاً إن مبدأ الصين الواحدة والبيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة هي الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأميركية. وأشار إلى أن التناقضات والاختلافات بين دولتين كبيرتين مثل الصين والولايات المتحدة أمر لا مفر منه، ولكن لا ينبغي لأحد الجانبين تقويض المصالح الأساسية للجانب الآخر، ناهيك عن السعي إلى الصراع أو المواجهة.

من جهته، أكد بايدن أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين هي أهم علاقة ثنائية في العالم، ليس فقط للشعبين، بل أيضاً لمستقبل العالم. وأضاف أن الحكومتين تتحملان مسؤولية تجاه شعبيهما والعالم لضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع. وقال إنه في السنوات الأربع الماضية، عمل الطرفان معاً لإعادة بناء أو إنشاء قنوات الاتصال، حيث كان الفريقان الدبلوماسي والأمني غالباً ما يجريان اتصالات استراتيجية وحواراً صريحاً وعميقاً، ما ساعد الجانبين على فهم بعضهما بعضاً بشكل أفضل. وأضاف أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة، ولا تسعى إلى تغيير نظام الصين، ولا تسعى إلى تنشيط تحالفاتها ضد الصين، ولا تدعم "استقلال تايوان"، ولا تنوي الدخول في صراع مع الصين، ولا ترى سياستها تجاه تايوان وسيلة للتنافس مع الصين. وأشار بايدن إلى أن الجانب الأميركي سيظل ملتزماً بسياسة الصين الواحدة، وأن بلاده مستعدة لتعزيز الاتصالات والحوار مع الصين خلال فترة الانتقال من أجل الحصول على تصور أفضل بعضهما لبعض وإدارة الخلافات بشكل مسؤول.

4 سنوات مشحونة بالتوترات

في تعليقه على أجواء لقاء شي وبايدن في ليما، وكيف يمكن أن تنعكس التصريحات الإيجابية على مسار العلاقات بين البلدين، رأى الباحث في العلاقات الصينية الأميركية ليو وانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأقوال وحدها لا تكفي لحل الخلافات ما لم تقترن بنيات حقيقية. وأضاف: "يبدو مثيراً أن نرى بايدن، في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، يتحدث عن أهمية العلاقات بين البلدين ويصفها بأنها أهم علاقة ثنائية في العالم، في حين أن إدارته لا تزال تفرض المزيد من القيود على الكيانات الصينية، وتحاول محاصرة الصين من جميع الجهات عبر تقديم الدعم لحلفائها في المنطقة، وتأجيج الصراعات والنزاعات بما يخدم استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ". ولهذا السبب، برأيه، فإنه "لا يمكن التعويل على مثل هذه التصريحات التي لا تعدو كونها رقصة أخيرة في عرض متوتر ومشحون سيستمر مع الإدارة الأميركية المقبلة، وسوف ننتظر لنرى كيف ستكون مآلاته وفق النهج الذي سيتبعه ترامب".

وانغ خه: سيدخل البلدان خلال حقبة ترامب في سلسلة طويلة من فرض العقوبات والعقوبات المضادة على كيانات ومصالح البلدين

وكانت صحيفة غلوبال تايمز الحكومية قد ذكرت، أمس الأحد، أنه تحت إشراف الرئيسين، وضع الفريقان من خلال المشاورات عدداً من المبادئ التوجيهية للعلاقات الصينية الأميركية، وأعاد شي وبايدن بشكل مشترك الحوار والتعاون بين الصين والولايات المتحدة إلى المسار الصحيح. ولفتت إلى أنه جرت إعادة تشغيل أو إنشاء أكثر من 20 آلية اتصال، وحُقّقت إنجازات إيجابية في مجالات مثل الدبلوماسية والأمن والاقتصاد والتجارة والشؤون المالية والعسكرية ومكافحة المخدرات وإنفاذ القانون والزراعة وتغير المناخ والتبادل بين الناس. وشدّدت على ضرورة مراجعة تجارب السنوات الأربع الماضية والاستلهام منها في المستقبل.

من جهته، توقع الباحث في معهد الجنوب للدراسات الدولية الصيني وانغ خه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تكون حقبة ترامب نسخة باهتة من ولايته السابقة في ما يتصل بسياساته تجاه الصين. ورأى أنه بحسب تصريحات ذات صلة خلال حملته الانتخابية، كرّر ترامب أهمية التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات الصينية، وأكد ضرورة دعم التصنيع في الداخل الأميركي لقطع الطريق أمام المنافسين الصينيين، وهي التصريحات نفسها التي أطلقها في حملته الانتخابية الأولى ونفذها خلال ولايته الرئاسية، وبالتالي لن تكون هناك مفاجآت في ما يتعلق بإدارة الصراع والمنافسة بين البلدين.

وفي قراءة أخرى، يمكن اعتبار ذلك، بحسب قوله، أمراً يصب بالمحصلة في المصلحة الصينية، لأن بكين لن تكون مضطرة للدخول في حالة من القلق الاستراتيجي وهي تنتظر ما قد يتمخض عن وصول ترامب إلى سدة الحكم. وتوقع الباحث الصيني أن يدخل البلدان خلال حقبة ترامب في سلسلة طويلة من فرض العقوبات والعقوبات المضادة على كيانات ومصالح البلدين، من دون أن يؤدي ذلك إلى مواجهة مفتوحة، مع الإبقاء على قنوات للتواصل من أجل إدارة الخلافات.

المساهمون