لم تمرّ أسابيع على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عزم بلاده على نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي حليفتها بيلاروسيا، إلا وعاد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أمس الاثنين، للحديث عن احتياج مينسك إلى مزيد من الضمانات الأمنية، وسط زيادة التوترات البيلاروسية الغربية بعد تحالف بيلاروسيا مع روسيا في حربها على أوكرانيا في العام الماضي.
ومن اللافت أن لوكاشينكو طرح هذه المسألة بعد أيام عدة من زيارته إلى موسكو، الأسبوع الماضي، والذي تناول القضايا الأكثر حساسية في محادثاته مع بوتين في الكرملين على انفراد، وفق تقارير إعلامية روسية.
ويعتبر الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية قسطنطين بلوخين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الإصرار البيلاروسي على مزيد من الضمانات الأمنية الروسية هو أمر طبيعي، في ظل تعرض مينسك لضغوط غربية متنامية.
ويقول بلوخين: "تواجه بيلاروسيا اليوم ضغوطاً غربية غير مسبوقة، لا تمارسها الدول الأعضاء الرئيسية في حلف شمال الأطلسي فحسب، وإنما أيضاً بولندا المجاورة، التي تتبنى مواقف معادية لبيلاروسيا وروسيا. لذلك تحتاج مينسك إلى ضمانات أمنية لا تقتصر على الأسلحة النووية الروسية المزمع نشرها في بيلاروسيا، وإنما أيضاً زيادة عدد أفراد القوات الروسية على أراضيها".
من جهته، يرى الخبير البيلاروسي ألكسندر أليسين أن تصريحات لوكاشينكو الأخيرة جاءت بمثابة تحذير للغرب، مذكراً بأن روسيا وبيلاروسيا تبنتا في عام 2021 العقيدة العسكرية لدولة الاتحاد القائمة بينهما، المتضمنة أصلاً أحكام الدفاع المشترك.
ونقلت صحيفة "فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين عن أليسين قوله: "تتضمن العقيدة العسكرية لدولة الاتحاد التي تم اعتمادها في عام 2021، أحكاماً منفصلة بشأن حماية أي طرف أراضي الطرف الآخر، وكأنها أراضيه. ومن أجل ذلك، أنشئت في وقت لاحق منظومة الدفاع الجوي، ومجموعة القوات الإقليميتين، وتجري تدريبات (الغرب) و(درع الاتحاد). فعلياً شكلنا فضاءً دفاعياً مشتركاً، إلا أن تصريح لوكاشينكو موجه إلى المجتمع الأميركي. حذر الرئيس الغرب من شن عدوان".
وكان لوكاشينكو قد أعلن خلال لقاء مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في مينسك، أن بلاده تحتاج إلى ضمانات أمنية تحسباً لهجوم على الجمهورية، مؤكداً أن بوتين دعمه "على كافة الاتجاهات"، ومقترحاً إعادة النظر في العلاقات الثنائية، وتحديد "الوثيقة التشريعية ذات الطابع الدولي الواجب تبنيها الآن لضمان الأمن الكامل لبيلاروسيا".
وأضاف الرئيس البيلاروسي: "طُرح خلال المحادثات أنه في حال وقوع عدوان ضد بيلاروسيا، تحميها روسيا الاتحادية وكأنها أراضيها. نحتاج إلى مثل هذه (الضمانات) الأمنية".
ورأى أن الدول الغربية "دهست" الاتفاقات في إطار مذكرة بودابست، و"لا أمان"، متسائلاً: "كان المقصود الأمان الاقتصادي أيضاً. أي أمان اقتصادي إذا كانوا يفرضون عقوبات علينا وعلى روسيا؟".
وبذلك استشهد لوكاشينكو بمذكرة بودابست الموقعة في 5 ديسمبر/كانون الأول 1994 بين بريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، وأوكرانيا، والتي نصّت على تقديم ضمانات بأمان ووحدة أراضي أوكرانيا، مقابل تخلي كييف عن الأسلحة النووية، وهي ضمانات لم تلتزم بها لا روسيا، ولا شركاء أوكرانيا في الغرب، في نهاية المطاف.
وسبق للوكاشينكو أن اتهم الدول الغربية في الخريف الماضي بعجزها عن الوفاء بـ"مهام الحكم العالمي والضامن للاستقرار".
وفي نهاية مارس/آذار الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اتفاقه مع لوكاشينكو على نشر أسلحة نووية روسية في بيلاروسيا، واصفاً ذلك بأنه ردّ على الخطط البريطانية لتسليم أوكرانيا ذخائر اليورانيوم المنضب.