ليبيا: اجتماع طنجة لـ"توحيد النواب" والملتقى السياسي لـ"حكومة وحدة وطنية"
بدأ نواب ليبيون أولى جلساتهم التشاورية اليوم الثلاثاء، بمدينة طنجة المغربية بهدف مناقشة عدة ملفات تتصل بتوحيد المجلس، في وقت أعلنت البعثة الأممية تأجيل الاجتماع الثاني للجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي إلى يوم غد الأربعاء، لتتيح لأعضاء الملتقى "دراسة الخيارات المتاحة لآليات اختيار السلطة التنفيذية التي تم استعراضها"، في جلسة أمس الإثنين.
ورحبت البعثة الأممية، اليوم الثلاثاء، بـ"انعقاد الاجتماع التشاوري الموسع لمجلس النواب الليبي"، الذي بدأت جلسته الافتتاحية صباح اليوم في طنجة المغربية، معتبرة أنها "خطوة إيجابية".
وفيما أكدت البعثة أنها طالما دعت لوحدة مجلس النواب، طلبت من المجلس الإيفاء بتوقعات الليبيين لـ"تنفيذ خارطة الطريق التي اتفق عليها ملتقى الحوار السياسي الليبي من أجل إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر" العام المقبل.
وبحسب عضو مجلس النواب محمد الرعيض، فإن الاجتماع الأول الذي يجمع أكثر من 100 نائب بدأ اليوم، بعد اجتماعات تمهيدية حضرها قرابة 75 نائبا خلال اليومين الماضيين، مشيرا إلى أن النواب المشاركين في جلسة اليوم يمثلون الجنوب الليبي والغرب الليبي والشرق الليبي.
وعن أجندة الاجتماع قال الرعيض متحدثا لـ"العربي الجديد"، إن الهدف الأساسي "هو توحيد شقي المجلس، المجتمعين في طبرق وطرابلس، والتوافق على موعد ومكان داخل ليبيا لعقد جلسة مكتملة النصاب ليستأنف المجلس وظيفته التشريعية".
لكن حقائب النواب يبدو أنها تحمل رغبات عديدة؛ منها النظر في شكل رئاسة المجلس ورئيسه عقيلة صالح، بحسب قول عضو مجلس النواب محمد الجازوي، الذي أكد لـ"العربي الجديد" ضرورة انتخاب رئاسة جديدة لا اختلاف حولها ليتمكن المجلس من المضي في أعماله بعيدا عن القرارات التي اتخذتها الرئاسة في طبرق لدعم طرف ضد الآخر.
وفيما يبدو أن هدف محمد عبد الحفيظ، عضو مجلس النواب، يذهب في اتجاه مطالب تولي مجلس النواب دوره لــ"تقلص دور البعثة الأممية إثر توغلها في الشأن الليبي"، بحسب قوله لـ"العربي الجديد"، يرى أيمن سيف النصر من جانبه أن "دور المجلس يجب أن يكون داعما لمخرجات ملتقى الحوار السياسي"، خصوصا خارطة الطريق المفضية لانتخابات وطنية العام المقبل "ما يوجب على المجلس ضرورة التوافق على قاعدة دستورية صلبة لهذا الاستحقاق"، بحسب تصريحات صحافية له.
وليل البارحة، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا عن عقد الاجتماع الثاني من الجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي، يوم غد الأربعاء، لـ"إتاحة الفرصة للمشاركين لدراسة الخيارات المتاحة لآليات اختيار السلطة التنفيذية التي تم استعراضها"، خلال جلسة الأمس.
وأوضحت، في بيان لها، أن الاجتماع الأول للجولة الثانية، الذي عقد أمس بشكل افتراضي عبر الفيديو، بدأ فيه أعضاء الملتقى في مناقشة عدة خيارات لآليات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة، مؤكدة أنها أحالت "ما يتعلق بمزاعم الرشوة"، إلى فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة للتحقيق فيها، في إشارة إلى تقارير إعلامية تحدثت عن ضغوط وتقديم رشاوى مالية لأعضاء الملتقى خلال الجولة الأولى للملتقى التي انعقدت بتونس في الأيام الماضية.
الملتقى السياسي: لحكومة وحدة وطنية
وفي الأثناء، أكدت مصادر ليبية مقربة من أعضاء من المشاركين في الملتقى لـ"العربي الجديد" إمكانية رجوح كفة مقترح يقضي بالإبقاء على مجلس النواب الحالي كسلطة تشريعية والتوافق على حكومة وحدة وطنية من بين كل المقترحات المقدمة بين الأعضاء.
وتوافقت معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" على أن هذا الخيار يمكن أن يستبعد فيه خيار وجود مجلس رئاسي في المرحلة المقبلة مع ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود بالتوافق مع مجلس النواب المرحلة التمهيدية المقبلة، في وقت يزاح المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي الحالي من المشهد.
وقدمت البعثة الأممية عدة مقترحات تتعلق بآليات اختيار شاغلي السلطة الجديدة، من بينها الانتخابات على أساس مجمعات انتخابية في أقاليم ليبيا الثلاثة، وأخرى يتولى فيها أعضاء الملتقى ترشيح الأسماء والتصويت عليها بشكل مباشر، لكن عدداً من أعضاء الملتقى تقدم بمقترح الإبقاء على مجلس النواب وإنشاء حكومة موحدة مع انتهاء كل الأجسام السياسية الحالية من المشهد.
وهذا المقترح يتوافق مع شكل المساعي التي يبدو أن أطرافا دولية تدفع في اتجاهها، بحسب المحلل السياسي الليبي مروان ذويب، ومنها الجهود الحالية التي تدور في مدينة طنجة الحالية لتوحيد المجلس.
لكن ذويب يعبر عن مخاوفه لـ"العربي الجديد" من شكل تصريحات أعضاء مجلس النواب التي تكشف عن اختلاف كبير في التفاصيل وإن اتفقت على ضرورة توحد المجلس، معتبرا أن حدة الاستقطاب السياسي والاصطفاف أثرت على مواقف النواب ولن يحل تلك الاختلافات توحيد المجلس أو تغيير رئاسته.
ويعتقد ذويب أن مجلس النواب المناطة به المصادقة على الحكومة المنتظرة وقيادة أعمال مهمة للمرحلة التمهيدية منها التوافق على قاعدة دستورية تيسر الوصول إلى الانتخابات، سيمر بفترة لتتبلور لديه رؤى موحدة وتتقارب وجهات النظر لديه، ما قد يشكل عرقلة نسبية في قدرته على قيادة المرحلة المقبلة.
لكن الأكاديمي الليبي خليفة الحداد ورغم إقراره بأهمية الخطوات الحالية لدى مجلس النواب وملتقى الحوار السياسي، إلا أنه يرى أن مقترح عدم وجود مجلس رئاسي يعني استدعاء خيار الحرب من جانب حفتر، الذي يبدو أن حقيقة ما يجري في كواليس الملتقى بدت واضحة لديه.
تحشيدات حفتر العسكرية الحالية تعبر عن خشيته من فقدانه منصبه العسكري الذي منحه له مجلس النواب
ولم تحدد الاتفاقات الليبية، بما فيها الاتفاق العسكري الموقع في 23 أكتوبر الماضي، شكل قيادة الجيش ومسماه، غير أن الاتفاق العسكري دعا إلى ضرورة تفكيك المجموعات المسلحة وإدماجها في مؤسسات الدولة الشرطية والعسكرية، بينما أشارت خارطة الطريق التي أعلنتها البعثة الأممية، عقب انتهاء الجولة الأولى من ملتقى الحوار السياسي، إلى أن المجلس الرئاسي يتولى صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وبحسب الحداد في حديثه لــ"العربي الجديد"، فإن تحشيدات حفتر العسكرية الحالية تعبر عن خشيته من فقدانه منصبه العسكري الذي منحه له مجلس النواب، خصوصا مع وجود حديث عن إمكانية استبعاد عقيلة صالح من رئاسة المجلس، وكذلك مع وجود مقترح يلغي وجود المجلس الرئاسي الذي كان من المرجح أن يتولى رئاسته صالح وتكون بيده صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة.