كشف تقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا عن خطة للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال العام الماضي والحالي لتعزيز سيطرة أسرته على مفاصل قيادة قواته، وتوسع دائرة نفوذها على الشأنين الاقتصادي والسياسي.
وذكر التقرير، الذي صدر أمس الجمعة ويغطي الفترة من 25 إبريل/ نيسان 2022 إلى 17 يوليو/ تموز 2023، جانباً من خطة حفتر التي سمحت بتغلغل أسرته بهدف السيطرة على العمليات العسكرية والمالية على قيادة القوات التي شكلها منذ عام 2014، من خلال إقصاء العديد من الضباط والقيادات العسكرية وتولي أفراد من أسرة حفتر مناصبهم.
وأشار التقرير إلى عدد من الإجراءات والخطوات التي اتبعها حفتر منذ هزيمته العسكرية في عدوانه على العاصمة طرابلس وانسحابه من محيطها في يونيو/ حزيران 2020، من بينها تعيين أبنائه في المناصب العسكرية الأهم إلى أن وصلت خطته "إلى مستويات متقدمة من السيطرة".
وسمى التقرير ثلاثة من أنجال حفتر تولّوا مهام وصلاحيات مطلقة داخل القيادة العسكرية، وامتد نفوذهم إلى حد التأثير على الحياة السياسية والاجتماعية، وهم خالد وبلقاسم وصدام، إلا أن التقرير أكد أن الأخير أكثرهم نشاطاً ونفوذاً.
وعن خالد، أكد التقرير أن والده أولاه قيادة اللواء 106 المعروف بحجمه العسكري الكبير، وضمّ إليه الكتيبة 115 مشاة التي يقودها عبد الفتاح الناظوري، نجل رئيس الأركان التابع لقيادة حفتر الفريق عبد الرزاق الناظوري، رغم معارضة الأخير ومحاولته حشد معارضة اجتماعية قبلية، إلا أنه فشل في منع تنفيذ قرار تبعية الكتيبة التي يتزعمها نجل اللواء 106.
ولفت التقرير أيضاً إلى أن قرارات حفتر مكّنت أيضاً أصهاره وأبناء عمومته من قيادة كتائب أخرى مهمة، كصهره أيوب الفرجاني، قائد الكتيبة 166، وابن عمه باسم الوعيشي الفرجاني، قائد الكتيبة 115 بعد عزل عبد الفتاح الناظوري من قيادتها، بعد ضمنها إلى اللواء 106.
وأكّد التقرير أن تلك القرارات عززت قبضة حفتر وأسرته على مفاصل الوحدات العسكرية التابعة لقياداته، وشكّلت سداً أمام أي صعود محتمل لشخصية عسكرية خارج الدائرة المقربة من حفتر، مشيراً إلى أنه لم تعد هناك أي قوة عسكرية ذات نفوذ تعمل خارج سيطرة الدائرة المقربة من حفتر.
وعن بلقاسم، ألمح التقرير إلى أنّه سعى من تعزيز نفوذ أسرته داخل مجلس النواب والحكومة المكلفة من مجلس النواب، وضغط باتجاه ذلك للتأثير على المؤسسة السياسية من خلال شبكة من الشخصيات دفع بهم للسيطرة عملية صنع القرار السياسي، حتى إن العملية السياسية لم يعد بإمكانها أن تمضي دون موافقة بلقاسم.
وجاء الحظ الأكبر ضمن التقرير للحديث عن صدام باعتباره أكبر أنجال حفتر نفوذاً وحركة في الاتجاهين العسكرية والاقتصادي، معتبرة أن اللواء طارق بن زياد التي يقودها صدام من أقوى القوى العسكرية الضاربة.
وأوضح التقرير أن صدام تمكن من بناء شبكة واسعة داخل قيادة والدته العسكرية، حتى بات الشخصية الرئيسية في أي حوار استراتيجي على صلة بوالده، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
وحول طبيعة القوات التي تتبع صدام، أشار التقرير إلى أن عناصره المسلحة مزيج من المجموعات المسلحة النظامية، وأخرى من المقاتلين غير النظاميين بينهم كتيبة سلفية.
ومن بين أهم القوات التي تخضع لسيطرة وقيادة صدام قوات الصاعقة التي تمكن من نقل تبعيتها إليه بعد اغتيال القائد الميداني في قوات الصاعقة، محمود الورفلي، في مارس/ آذار 2021، المطلوب للعدالة الدولية.
كما أفاد التقرير بأن قائد المجموعة 20:20، علي المشاي، من بين رجال صدام المهمين، ويتولى المشاي تنفيذ عمليات أمنية غير قانونية، كالاعتقالات غير القانونية والاغتيالات بحق أي معارضة لسلطة حفتر، ومنهم الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب التقرير، فقد توسع نفوذ صدام ليطاول مكاسب اقتصادية واسعة، من خلال إنشائه جهاز يعرف باسم "جهاز طارق بن زياد للخدمات والإنتاج"، والذي يسيطر على تنفيذ عمليات في مجالات صيانة الطرق والمنشأت المدنية، وفي مجال النظافة، ليس في بنغازي فقط بل في مدن أخرى كمدينة سبها جنوب البلاد، مشيراً إلى أن الجهاز من بين الجهات الرئيسية التي تقوم بدراسة الخطط المستقبلية لتطوير وتوسيع مدينة بنغازي.
وفيما أشار التقرير إلى أن الجهاز مكّن صدام من الحصول على الكثير من الاعتمادات المصرفية وخطابات الائتمان لمشاريع التطوير والصيانة، لفت إلى أن صدام يمتلك بشكل غير مباشرة شركة طيران محلية تعرف باسم "برنيق".
مشاركة قيادة حفتر في قتال السودان
وأكّد التقرير مشاركة قيادة حفتر في دعم القتال الدائر في السودان من خلال تقديم الدعم العسكرية لقوات الدعم السريع السودانية عبر الأراضي الليبية.
وكشف التقرير عن إنشاء قوات حفتر جسراً جوياً لنقل معدات وعتاد عسكري من بنغازي إلى مطار الكفرة خلال يومي 17 و18 إبريل/نيسان الماضي، ومن ثم نقل ذلك العتاد براً عبر الحدود الليبية السودانية بواسطة الكتيبة 128 التابعة لحفتر والتي تسيطر على الكفرة.
وكان "العربي الجديد" قد كشف في إبريل الماضي، عبر مصادر ليبية خاصة، أنّ قيادة حفتر نقلت على متن طائرة من طراز ليوشن IL-76TD عتاداً عسكرياً يومي 17 و18 إبريل من قاعدة الخروبة شرق ليبيا إلى قاعدة الكفرة مروراً بقاعدة الجفرة، وقامت الكتيبة 128 بنقل العتاد إلى قوات الدعم السريع براً عبر الحدود الليبية المشتركة مع السودان.
وأشار خبراء الأمم المتحدة، في التقرير، إلى تورط عناصر من قيادات قوات حفتر في أنشطة التهريب، كتهريب البشر، وعمليات تهريب النفط بشكل غير قانوني.