أعلنت النيابة العامة في ليبيا، اليوم السبت، عن إصدارها أوامر بضبط وإحضار مرتكبي حادثة مقتل عشرة أشخاص، وقعت في حي أبو سليم بالعاصمة طرابلس، الأحد الماضي.
وأوضح مكتب النائب العام، في بيان له، أن التحقيقات في الحادثة لا تزال جارية، فيما اتضح للنيابة العامة حتى الآن أن سبب وفاة الأشخاص العشرة "تعرّض المجني عليهم لأعيرة نارية أصابتهم"، وأنها "وضعت يدها على أدلة أسهمت في فهم الظروف الملابسة للواقعة، ومعرفة الجناة، فكلف النائب العام مديرية أمن طرابلس بالإشراف على ضبط المتهمين وإحضارهم"، من دون أن يحدد هويات المتورطين.
وإثر تناقل منصات التواصل الاجتماعي، الأحد الماضي، بشكل كثيف، أنباء العثور على جثث عشرة أشخاص داخل استراحة في حي أبوسليم تعود ملكيتها لجهاز دعم الاستقرار، أحد أكبر التشكيلات المسلحة بالعاصمة ويتبع المجلس الرئاسي، أكدت مديرية أمن طرابلس وقوع الحادثة على يد مجموعة مسلحة مجهولة، وأن بعضا من المغدور بهم يتبعون جهاز دعم الاستقرار.
وبالتزامن، دعت البعثة الأممية في ليبيا السلطات في طرابلس إلى ضرورة إجراء تحقيق مستقل وسريع وشامل في الواقعة، وحثتها على العمل من أجل منع أي أعمال قد تؤدي إلى التصعيد ومزيد من العنف.
وحذرت البعثة في بيانها لها الأحد الماضي من أن يكون "التنافس بين الجهات الأمنية ينطوي على مخاطر جسيمة بالنسبة للوضع الأمني الهش في العاصمة طرابلس".
ويسيطر جهاز دعم الاستقرار، الذي يتخذ من معسكرات بحي أبوسليم وسط العاصمة مقرات له، وعدد من التشكيلات المسلحة الأخرى، كجهاز الأمن العام وجهاز الردع واللواء 444 وعدد من التشكيلات المسلحة الصغرى الأخرى، على العاصمة طرابلس، من خلال تواجدهم في مقار عسكرية موزعة في أكثر من حي ومنطقة، ويتبع كل منها بشكل اسمي وزارتي الدفاع والداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، أو المجلس الرئاسي.
يسيطر جهاز دعم الاستقرار وعدد من التشكيلات المسلحة الأخرى على العاصمة طرابلس
ودفعت الحادثة وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، إلى عقد مؤتمر صحفي مساء الأربعاء الماضي، للإعلان عن عزم الوزارة متابعة الحادثة ورعاية تحقيقات واسعة وشاملة حولها، مؤكدا أن وزارته ادخرت جهدا في القبض على المتورطين "مهما كانت تبعيتهم".
وفي الأثناء، أعلن الطرابلسي عن مشاورات ومفاوضات تدور منذ أشهر بين الحكومة والتشكيلات المسلحة أسفرت عن الاتفاق على "إخلاء العاصمة طرابلس بالكامل من التشكيلات المسلحة، خلال فترة لن تزيد عن نهاية شهر رمضان المقبل"، مضيفاً: "لن يكون بداخل العاصمة سوى عناصر الشرطة والبحث الجنائي والنجدة"، كونها أجهزة أمنية تتبع بشكل نظامي وزارة الداخلية.
وعاد الطرابلسي في معرض حديثه لتوضيح معنى إخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة، موضحا أنها "ستعود إلى مقارها وثكناتها، فيما ستتسلم الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية البوابات الأمنية داخل طرابلس، وكذلك حراسة المقار الحكومية"، مضيفا أن هذا الإجراء سيتم تعميمه على كافة المدن والمناطق الليبية بعد تطبيقه في العاصمة طرابلس.
ويأتي هذا الإعلان من جانب وزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية، بشأن إخلاء التشكيلات المسلحة وعودتها إلى ثكناتها في المدن والمناطق الليبية بعد طرابلس، بالتزامن مع عديد الأحداث الأخرى المتصلة بالوضع الأمني والعسكري. حيث شهدت مدينة الزاوية، غرب طرابلس بنحو 30 كم أخيراً، اندلاع اشتباكات مسلحة لأكثر من ساعتين بين فصيلين مسلحين، يتبعان لقوة البحث الجنائي التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، ولقوة الإسناد التابعة لحرس المنشآت النفطية، المقرّب من الحكومة المكلفة من مجلس النواب.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها الزاوية اشتباكات بين الطرفين للسيطرة على مصفاة الزاوية، أكبر المنشآت النفطية في غرب البلاد، فقد سبق أن حدثت مرتين خلال الشهر الجاري، لكن حراكا معارضا لحكومة الوحدة الوطنية بمدينة الزاوية اتهمها بدعم التشكيلات المسلحة والسعي لإطالة أمد بقائها في الحكم، مطالبا بضرورة "تصحيح المسار" في المدينة.
وبالتزامن، أصدر اتحاد ثوار 17 فبراير بمدينة مصراته، المعارض لحكومة الوحدة الوطنية، بياناً، اعتبر فيه أن حادثة مقتل عشرة أشخاص في حي أبوسليم يكشف عن الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد بسبب ضعف حكومة الوحدة الوطنية.
والخميس الماضي، أعلن المجلس الاجتماعي سوق الجمعة، داخل طرابلس، أنه "سيبدأ تحركا يهدف إلى تصحيح مسار الوطن"، ودعا المجالس الاجتماعية والقيادات الوطنية "في جميع المناطق إلى المشاركة والتكاتف لإنقاذ الوطن".
واستنكر المجلس، في بيان له، ما وصفه بالتباطؤ في العملية السياسية الذي حول الوضع إلى جمود تام منع الشعب الليبي "من حقوقه الدستورية والشرعية، وعلى رأسها اختيار حكامه وقادته، نتيجة تمترس القيادات الموجودة حاليا في مواقعهم وانتفاعهم من الوضع القائم".