ناشد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتسليم السلطة "طواعية".
ولا يزال الدبيبة يرفض التسليم لحكومة باشاغا، التي منحها الثقة مجلس النواب في مارس/ آذار الماضي، على خلفية عدم اعترافه بسحب مجلس النواب الثقة من حكومته، في سبتمبر/ أيلول الماضي، وأكد في عديد من المناسبات رفضه تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وأكد باشاعا على الدبيبة، في خطاب نشره المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا مساء اليوم الأربعاء، ضرورة الخضوع "لقرارات السلطة التشريعية للدولة الليبية"، وتسليم السلطة، مذكّراً إياه بأنها "من منحتكم الثقة وأكسبتكم الصفة وأنتم ما زلتم تنازعون في ممارستها رغم انتهاء ولايتكم وصلاحياتكم".
وطالب الدبيبة بـ"وجوب التسليم طواعية دون مراء أو استمراء لحالة الفوضى التي تؤثر سلباً على حياة الليبيين وتمس أمن الدولة واستقرارها".
وقال مخاطباً الدبيبة "أناشد فيكم الأخلاق بصدق دون نفاق، وأستحضر فيكم همة المواطن الصالح على أمانة رب العالمين في دماء الليبيين، أن تجنحوا للسلم بعزة وشرف وأن تزرعوا في ثرى هذا الوطن بذرة السلام والاحترام حتى يشيع الخير في بلادنا وتسري دماء أبنائنا في عروق الوطن للحياة والرفاه، لا للقتال والشقاء".
وأكد باشاغا أن خطابه "بيان وبلاغ إبراء للذمة وإقامة الحجة ودعوة وطنية صادقة نتطلع إلى استجابتكم لها بروح وطنية عالية تولي احتراماً لمصلحة الوطن عما دونه من مصالح".
واعتبر باشاغا تنحي الدبيبة عن السلطة "مجداً لشخصكم وأهلكم ومن يخلفكم من بعدكم، وأنكم تسامیتم برفعة عن زيغ الشيطان بسلطة زائفة على حساب وطنكم وشعبكم، وآثرتم تسليم السلطة سلمياً تجسيداً لمعاني الشرعية والديمقراطية وترسيخاً لأسس الدولة المدنية"، وفق تعبيره.
من جانبه رد الدبيبة على خطاب باشاغا، خلال تغريدة على حسابه في "تويتر"، دعاه فيها إلى "ترك أوهام الانقلابات العسكرية".
وفي إشارة إلى عدم اعترافه بصفة باشاغا رئيساً للحكومة قال الدبيبة: "إلى وزير الداخلية الأسبق، وفّر عليك إرسال الرسائل المتكررة والتهديدات لإشعال الحرب واستهداف المدنيين"، مضيفاً "ولو كان لديك حرص على الليبيين، فركز جهدك لدخول الانتخابات".
وتابع الدبيبة خطابه لباشاغا بقوله "دع عنك أوهام الانقلابات العسكرية فقد ولّى زمنها".
ويأتي خطاب باشاغا هذا بعد خطاب أصدره أمس، قال فيه: "إلى رجال ليبيا الشرفاء، أنتم عماد الوطن ومستقبله، فلا تكونوا جنوداً للظالمين، فحكومة الوحدة الوطنية انتهت صلاحيتها ومدتها، وليس لها أي شرعية".
وضمن بيانه، نبه باشاغا الجميع بلا استثناء بأنه "لا ظلم ولا قتال مع من اتبع الشرعية واختار الوطن دون سواه".
ويأتي البيانان في خضم معلومات متواترة عن تحشيدات عسكرية تجرى من جانبي الحكومتين، وسط مخاوف أممية وأميركية من انجراف الأوضاع الى مواجهة عسكرية بينهما.
وكشفت مصادر ليبية مقربة من الحكومتين، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن رفع حكومة باشاغا جاهزية قواتها في معسكراتها بمدينة مصراته، كما أهابت بالقوات الموالية لها في أطراف طرابلس الغربية والجنوبية الغربية بقيادة اللواء أسامة الجويلي برفع جاهزيتها أيضاً.
كذلك كشفت المصادر ذاتها عن تشكيل حكومة الدبيبة قوة عسكرية تحت مسمى "لواء ليبيا" تضم أنصاره من المجاميع المسلحة في طرابلس، وكلفها بتأمين المقار الحكومية، وخصوصاً مقر رئاسة الوزراء وسط طرابلس، تحسباً لأي هجوم مسلح.
ولا يعتبر هذا التلويح الأول باستخدام القوة من قبل باشاغا، فعلى الرغم من أنه كان يؤكد سابقاً رغبته في دخول طرابلس سلماً، فقد تعهد، أثناء لقائه بعدد من حكماء وأعيان المنطقة الغربية الجمعة الماضي، "بدخول طرابلس وإنهاء سيطرة الدبيبة"، وهدد من يواجهه بـ"الموت"، وقال "من سيواجه قواتنا سيجد نفسه في موقف صعب، وسيموت ميتة المجرم، وسيخلف العار لأهله".
وأضاف متوعداً "نحن حكومة شرعية ولن نفرط فيها، أجّلنا دخول العاصمة للحفاظ على عدم إراقة الدماء، لكن في الأخير لا بد من عمل".
وعكست بيانات صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية والبعثة الأممية استشعارهما لخطر التوتر القائم في البلاد، إذ أشارت البعثة الأممية لمتابعتها ببالغ القلق "ما يجري من تحشيد للقوات وتهديدات باللجوء إلى القوة لتسوية مزاعم الشرعية في ليبيا".
وأكدت البعثة، في بيان لها أمس، أن "الانسداد السياسي الحالي وجميع أوجه الأزمة التي تحيق بليبيا لا يمكن حلها بالمواجهة المسلحة"، وأن حل هذه القضايا لا يأتي إلا من خلال "ممارسة الشعب الليبي في حقه في اختيار قادته وتجديد شرعية مؤسسات الدولة عبر انتخابات ديمقراطية".
ودعت البعثة إلى "وقف التصعيد فوراً"، وجددت التأكيد بأن "استخدام القوة من جانب أي طرف غير مقبول، ولن يؤدي إلى أي نتيجة من شأنها ضمان اعتراف المجتمع الدولي".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد عبرت على لسان المتحدث باسمها، نيد برايس، الاثنين، عن "قلق الإدارة الأميركية العميق من التهديدات المتكررة باحتمال نشوب مواجهات في طرابلس"، داعياً جميع الأطراف إلى "وقف التصعيد".