أثار كشف وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الليبية عن محاولة اغتيال وزير الداخلية، فتحي باشاغا، أمس الأحد، إثر تعرض موكبه لإطلاق نار بمنطقة جنزور، غرب طرابلس، جدلاً واسعاً في ظل تضارب الروايات بشأن الحادث، وسط دعوات لضبط النفس والتحقيق بسرعة في الأمر.
وقالت الوزارة، في بيان مساء الأحد، إن موكب باشاغا تعرض لإطلاق نار، أثناء مروره بمنطقة جنزور، ظهراً، موضحة أن "سيارة مسلحة نوع (تويوتا 27) مصفحة قامت بالرماية المباشرة على موكب وزير الداخلية باستعمال أسلحة رشاشة"، لكن العناصر الأمنية المكلفة بحراسة الوزير "قامت بالتعامل مع السيارة المذكورة، والقبض على المجموعة المسلحة بعد الاشتباك معها".
وأشار البيان إلى أن اشتباكاً مع المهاجمين أدى لتعرض أحد حراس الوزير إلى "إصابة خفيفة، وتم القبض على اثنين من المهاجمين وتوفي الثالث أثناء التعامل الأمني معهم".
في المقابل، كذب "جهاز دعم الاستقرار"، التابع للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ما جاء في بيان وزارة الداخلية، واتهم الحراس الأمنيين المرافقين لباشاغا بإطلاق النار على "موظفي الجهاز بالطريق الساحلي أثناء عودتهم من أعمالهم المكلفين بها".
وذكر الجهاز، في بيان له في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين: "تصادف مرور سيارة تابعة للجهاز مع مرور رتل تابع لوزير الداخلية، وفوراً تمت الرماية من حراسات الوزير على السيارة المصفحة التابعة للجهاز بدون وجه حق ما أدى إلى مقتل أحد منتسبي الجهاز من مدينة الزاوية وأصيب أحد رفاقه".
وأضاف أن "ما حدث هو سوء تنسيق وسوء تصرّف من حراسات وزير الداخلية"، نافيا وجود أي محاولة لاغتيال الوزير، وطالب بملاحقة المتورطين بإطلاق النار على موظفيه وفقا للقانون "وبعيدا عن الادعاءات الباطلة والبهرجة الإعلامية التي لا تخدم العلاقة بين الأجهزة الأمنية الرسمية في الدولة".
وصباح اليوم الاثنين تداولت وسائل إعلام ليبية نص تقرير للطب الشرعي يوضح أن المدعو رضوان الهنغاري، وهو أحد حراس الوزير في حادثة الموكب، توفي بسبب "هبوط حاد بالجهاز العصبي والتنفسي ما أدى إلى الوفاة".
وأكد التقرير أنه لا توجد بكامل الجثة أي إصابات بواسطة أعيرة نارية أو شظاياها، كما أثبت التصوير بالأشعة السينية، مضيفا أن الإصابات التي تعرض لها المذكور يمكن أن يكون سببها حادث مرور.
وتابع أن الوفاة ناتجة عن كسور بالضلوع مصحوبة بتهتك بالرئتين كما أدى إلى نزيف شديد داخل التجويف الصدري وكذلك كسر بعظم الفخذ الأيمن، وكسر بأحد عظام الساق اليسرى.
في الأثناء، أعلن وزير الدفاع بحكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، عن تكليف قوة من منطقة طرابلس العسكرية بـ"فرض الأمن ومنع حدوث أي تجاوزات أمنية في طرابلس"، مشيرا إلى أنه اتفق مع وزارة العدل على تولي نيابة شمال طرابلس التحقيق في الواقعة.
كما وجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، خطابا لمكتب الناب العام وطالبه بالبدء بسرعة في التحقيق في الواقعة.
وشدد السراج على ضرورة "اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال من يثبت تورطه في فعل يشكل جريمة وإبلاغنا بنتائج التحقيقات".
من جانبه، دعا المجلس الأعلى للدولة "الجميع إلى ضبط النفس، واتباع الطرق القانونية عبر مؤسسات الدولة لمعالجة هذه الحادثة، وإفساح المجال للجهات المختصة لتقصي الحقائق حول الواقعة بالطرق المشروعة".
وكان المجلس الرئاسي الجديد وحكومته قد استنكر الحادث الذي تعرض له وزير الداخلية، مطالبين بضرورة فتح تحقيق عاجل.
وقدم المجلس وحكومته، في بيان مشترك مساء الأحد، التهنئة لباشاغا "على سلامته وسلامة كافة المواطنين الموجودين في موقع الحادثة".
وشدد البيان المشترك على ضرورة "فتح الجهات القضائية والضبطية بشكل عاجل تحقيقا نزيها وشفافا في ملابسات الحادثة وملاحقة مرتكبيها، والتأكيد على عدم إفلات كل المتورطين من العقاب".
كما دعت السلطة الجديدة كافة الأطراف "في هذه المرحلة الحرجة إلى ضبط النفس، والحرص على العمل معا للوصول للحقيقة ومحاسبة كل من خرق القانون من خلال الجهات القضائية والأمنية المختصة"، مؤكدة أن بسط السيطرة الأمنية الكاملة على كافة التراب الليبي من أولوياتها فور مباشرتها لأعمالها.
كما دان رئيس البعثة الأممية الى ليبيا، يان كوبيتش، "الحادث الأمني الخطير الذي استهدف وزير الداخلية فتحي باشاغا"، معرباً عن بالغ قلقه إزاء الحادث.
وفيما اعتبر كوبيتش "هذه الأعمال المتهورة تشكل تهديدا للاستقرار والأمن"، قال إنها "تهدف إلى عرقلة العملية السياسية وغيرها من الجهود لدعم ليبيا وشعبها". ودعا إلى إجراء تحقيق "كامل وسريع وشفاف في الحادث الذي يؤكد مرة أخرى، مدى أهمية إبقاء جميع الأسلحة فقط في أيدي السلطات الشرعية".
من جهتها، ذكرت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا، أن سفيرها ريتشارد نورلاند "أعرب عن غضب الولايات المتحدة من الهجوم الذي استهدف الوزير باشاغا وقدم تعاطفه مع العضو المصاب في فريقه".
وأضافت السفارة الأميركية، عبر حسابها على "تويتر"، أن السفير نورلاند هاتف باشاغا، وقال إن "تركيز الوزير باشاغا على إنهاء نفوذ المليشيات المارقة يحظى بدعمنا الكامل"، حاثا على إجراء تحقيق سريع لتقديم المسؤولين إلى العدالة.