ليبيا.. قوى تحشد لعقد ملتقى مجلسي النواب والدولة: ما أهدافه؟

11 يونيو 2024
جلسة لمجلس الدولة في ليبيا (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في ليبيا، تسعى مجموعة من القوى السياسية لتجاوز الجمود السياسي عبر دفع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لقيادة مبادرات توحيد الجهود نحو الانتخابات وتوحيد السلطة التنفيذية، خاصة بعد استقالة المبعوث الأممي.
- الاجتماع في مصراتة، الذي ضم ممثلين عن مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، يعكس محاولة لتوحيد الجهود الليبية بالتنسيق مع البعثة الأممية لتحقيق الاستقرار السياسي والتحضير لانتخابات موحدة.
- رغم التحديات والانقسامات، يظهر الحراك السياسي الجديد في ليبيا كمحاولة لإعادة ترتيب الأوضاع السياسية واستغلال الفراغ الأممي، مع ردود فعل متباينة تجاه جدوى وتأثير هذه التحركات على مستقبل العملية السياسية في البلاد.

تعمل أوساط في ليبيا على دفع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من أجل توليهما زمام المبادرة مجدداً في العملية السياسية المتعثرة منذ أشهر، خصوصاً مع استمرار غياب أي أفق جديد في جهود البعثة الأممية بعد استقالة مبعوثها السابق عبد الله باتيلي.

وعقد عدد من القوى السياسية اجتماعاً في مدينة مصراتة، الخميس الماضي، انتهت من خلاله إلى الاتفاق على التحضير لملتقى موسع بين مجلسي النواب والدولة بالتنسيق مع البعثة الأممية الفترة المقبلة، ليستأنف المجلسان العمل على التهيئة لإجراء الانتخابات من خلال القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب في ليبيا والبدء بتوحيد السلطة التنفيذية لتشرف على إجراء الانتخابات. وشارك في الاجتماع الذي احتضنه حراك فبراير المعارض لسلطة حكومة الوحدة الوطنية في مصراتة، عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة، وعدد من ممثلي أحزاب وقوى سياسية ومجتمعية من عدة مناطق بغرب البلاد.

وفي جديد هذه التحركات في ليبيا بدأ عدد من قادة حراك فبراير في مصراتة باتصالات مع جميع أعضاء مجلسي النواب والدولة لضم أكثر عدد منهم للمشاركة في ملتقى المجلسين وضرورة انعقاده قبل منتصف يوليو/ تموز المقبل، بالإضافة إلى اتصالات أخرى لتوسيع مشاركة الممثلين عن مختلف الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعة في البلاد. وفيما لم تُبدِ رئاستا مجلسي النواب والدولة في ليبيا أي موقف حيال الاجتماع في مصراتة ونتائجه، إلا أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بادر إلى مهاجمته، متهماً المشاركين فيه بالسعي لتعطيل الانتخابات.

وكتب الدبيبة، عقب إعلان الاجتماع نتائجه، منشوراً في حسابه على منصة إكس، قال فيه: "حينما سمعت بأن لقاءات تشاورية جديدة ستعقد بين بعض أعضاء المجلسين، كنت أنتظر منهم توافقاً على قوانين انتخابات عادلة وقابلة للتنفيذ تحقيقاً لإرادة الشعب". واعتبر الدبيبة أعضاء المجلسين غير قادرين على حماية أنفسهم، واتخاذ موقف "ضد اختطاف زملائهم الذين صار مصيرهم مجهولاً بعد أن صارت الأيادي الغادرة الخفية تستهدفهم الواحد تلو الآخر"، في إشارة إلى مصير عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي المغيب منذ اختطافه قبل ثلاثة أسابيع في بنغازي على يد مجهولين.

ويرى الناشط في الشأن السياسي من ليبيا إبراهيم القريو، أن هذا الحراك لا يهدف إلى إعادة نصاب الأوضاع السياسية إلى مجراها القائم بين مجلسي النواب والدولة، بل يترجم اتجاه معارضي حكومة في طرابلس ورئيسها الدبيبة إلى جمع جهودهم في منتظم واحد استعداداً لاستثمار متغير سياسي وشيك، يتمثل بقرب انعقاد انتخابات مجلس الدولة السنوية مطلع أغسطس/ آب المقبل لاختيار رئيس جديد للمجلس.

ويعتبر القريو، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن التغير المقبل في مجلس الدولة سيكون كبيراً ولن يكون لصالح الدبيبة الذي يعوّل كثيراً على حليفه رئيس المجلس الأعلى للدولة الحالي محمد تكالة، مضيفاً أن "حظوظ تكالة لإعادة اختياره رئيساً مرة أخرى ضئيلة، فلم يتمكن طوال العام الماضي من خلق كتلة صلبة تؤيده، ولم يستطع بناء أيّ تواصل مع مجلس النواب، خصوصاً مع الكتل النيابية المعارضة لعقيلة صالح والأطياف الأخرى، ولذا الأرجح أن الشخصية البديلة لتكالة لن تكون من الموالين للدبيبة الذي سيفقد دعماً أساسياً في المعادلة السياسية القائمة في البلاد".

ويعتبر القريو مهاجمة الدبيبة لاجتماع مصراتة مؤشراً يعكس قلقه إزاء خطورة بدء انتظام معارضيه في صف واحد لاستثمار المغيرات المقبلة في مجلس الدولة، خصوصاً إذا نجح قادة تيار فبراير في اتصالاتهم الجارية لزيادة عدد المشاركين في الملتقى من المجلسين وحشد أكثر قدر من القوى السياسية للمشاركة فيه، في ظل تراجع شعبية الحكومة وتناقص أنصارها وفقد أدواتها كعدم قدرتها على الحصول على تمويل ميزانيتها السنوية. وبحسب قراءة القريو، فإن الحراك القائم في مصراتة يحمل رسالة مضمونها أن تأثير الدبيبة وقوته في المدينة التي ينحدر منها وتشكل قوته السياسية والعسكرية قد تراجعت أيضاً، وهي رسالة موجهة لأنصاره في طرابلس، خصوصاً القوى المسلحة، بأن عليها التخلي عنه هي الأخرى.

ويحاول هذا الحراك المعارض في ليبيا للدبيبة استثمار غياب أي رؤية جديدة للبعثة الأممية في العملية السياسية وبقاء موقفها في خانة الفشل الذي وسمها به المبعوث المستقيل عبد الله باتيلي، وفقاً لرأي القريو، معتبراً أن بقاء منصب باتيلي شاغراً "يعني خلافاً دولياً حول الاتفاق على من يخلفه، أما ستيفاني خوري (نائبة رئيس البعثة) فهي مصنفة على السياسات الأميركية والمصالح الأوروبية ما يمنع قبول أطراف دولية أخرى في مجلس الأمن كروسيا والصين أي مبادرة قد تطرحها، وهذا العجز الأممي يمنح مجلسي النواب والدولة هامشاً كبيراً من حرية الحركة".

ويتفق الباحث في الشأن السياسي عيسى همومه في أن الحراك الساعي للتحضير لملتقى مجلسي النواب والدولة هدفه إقصاء الحكومة في طرابلس ورئيسها الدبيبة، بل يرى أن تأخر الاجتماع الثلاثي الثاني الذي كان مزمعاً أن يجمع تكالة ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لاستئناف المشاورات التي بدأوها في اجتماع الأول في مارس/ آذار الماضي بالقاهرة، وراءه الحراك المعارض للدبيبة لاستثمار الوقت حتى انتخابات رئاسة مجلس الدولة لتغيير تكالة.

لكن همومه لا يرى في ذات الوقت أن هذه المساعي والتحركات "لديها أوراق حتمية النتائج لإقصاء الدبيبة"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الخلاف الأساسي بين مجلسي النواب والدولة يدور حول شرعية إصدار القوانين الانتخابية بشكل أحادي من جانب مجلس النواب في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي دون موافقة مجلس الدولة. ويضيف همومه قائلاً: "خلاف مجلس الدولة مع مجلس النواب لم يطرأ في فترة تكالة، بل هو قديم وأساسي في توجهات المجلسين السياسية، وقضية تغيير الحكومة بند في القوانين الانتخابية التي لا يبدو من السهل توافق المجلسين حولها مع وجود العديد من البنود الخلافية الأخرى".

المساهمون