أكدت مصادر ليبية متطابقة اختطاف وزيرين من حكومة رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، هما وزير الخارجية حافظ قدور، ووزيرة الثقافة عائشة الدروقي، على يد مجموعة مسلحة في مدينة مصراتة، فجر اليوم الخميس.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن المسلحين التابعين للقوة المشتركة بمدينة مصراتة نقلوا الوزيرين وما لا يقلّ عن سبعة من مرافقيهم إلى مكان مجهول.
#عاجل | مراسل "العربي الجديد": مجموعة مسلحة من مصراته تختطف وزير الخارجية حافظ قدور ووزيرة الثقافة عائشة الدروقي بحكومة فتحي باشاغا
— العربي الجديد-عاجل (@alaraby__Brk) March 3, 2022
وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات تدور داخل مدينة مصراتة بين أنصار باشاغا، وأنصار رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة، للإفراج عن المختطفين.
وفي السياق، قال الصحافي الليبي أحمد روياتي، المقرب من مكتب باشاغا، لـ"العربي الجديد"، إن رتلاً يضم عدداً من وزراء الحكومة من المنطقة الغربية تعرض لإطلاق نار كثيف، فجر اليوم الخميس، في أثناء توجهه إلى طبرق لأداء اليمين القانونية أمام مجلس النواب.
وبحسب روياتي، قرر وزراء الحكومة من المنطقة الغربية السفر براً عبر مدينة مصراتة، بعدما أغلقت حكومة الوحدة الوطنية المجال الجوي، مساء أمس الأربعاء، لمنعهم من الوصول إلى طبرق جواً.
وتابع: "في أثناء التوجه شرقاً عبر مصراتة وجدوا أن المنافذ الشرقية للمدينة مقفلة من قبل قوة تعرف باسم القوة المشتركة، وجميع أهل مصراتة يعلمون أنها قوة موالية للدبيبة". وتابع: "حاول الوزراء في رتل مشترك التوجه إلى شرق البلاد عبر منافذ مصراتة الأخرى، ومنها إلى جنوب المدينة عبر منطقة السكت، لكنهم تعرضوا لوابل من إطلاق النار، وجرت محاصرتهم".
وأكد أن "القوة المشتركة اختطفت الدروقي وقدور وأفراداً من حراساتهم ومرافقتهم"، مشيراً إلى أن "الوزيرين لا يزالان مغيبين حتى الآن".
حكومة باشاغا تدين إغلاق المجال الجوي واختطاف وزرائها
من جهتها، دانت الحكومة برئاسة فتحي باشاغا إغلاق المجال الجوّي والطريق البري ومنع الوزراء من الوصول إلى طبرق لتأدية القسم، معتبرة هذا أول خرق لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020.
وقالت حكومة باشاغا إنّ الأطراف ذاتها استهدفت الوزراء وعمدت إلى خطف وترهيب عدد منهم، حيث تم احتجاز وزير الخارجية ووزيرة الثقافة، في حين تمكن البقية من الوصول إلى طبرق لأداء اليمين أمام مجلس النواب.
وأشارت إلى أنّ "هذه الإجراءات المخالفة للقانون أدّت إلى تعطيل رحلات علاج لعدة مواطنين، الأمر الذي يُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان المكفول دستورياً".
وفي وقت سابق، نشر المكتب الإعلامي لحكومة باشاغا صورة من بلاغ تقدم به الأخير إلى مكتب النائب العام، يطالب فيه بـ"اتخاذ ما يلزم من إجراءات قضائية" حيال إغلاق المجال الجوي في كامل ليبيا من قبل حكومة الوحدة الوطنية.
وقال باشاغا إن رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة في العاصمة طرابلس أغلق المجال الجوي الليبي لمنع وزراء جدد من السفر إلى طبرق لأداء اليمين.
وأوضح أنه في وقت كان فيه وزراء الحكومة يستعدون "للسفر من مدينة طرابلس إلى مدينة طبرق لأداء اليمين القانونية أمام مجلس النواب الليبي في جلسته المقررة اليوم الخميس، استغلت الحكومة السابقة منتهية الولاية سلطتها وأقفلت المجال الجوي الليبي بالكامل".
وشدد على أن "الإجراء يُعَدّ انتهاكاً صريحاً لحق التنقل المكفول دستوراً واعتداءً على السلطات الدستورية والسياسية، ومنعها من ممارسة واجباتها وتأدية مهامها".
وأشار بلاغ باشاغا إلى أن "إغلاق حكومة الوحدة الوطنية للأجواء يقع تحت طائلة قانون العقوبات الليبي الذي ينص على العقوبة بالإعدام". وأكد ثقته "بقدرة القضاء الليبي على لجم كل من يتطاول على القانون".
ومساء الأمس، وجه باشاغا دعوة إلى أعضاء مجلسي النواب والدولة، والبعثة الأممية في ليبيا وسفراء الدول الأجنبية، لحضور جلسة أداء اليمين الدستورية لوزراء حكومته أمام مجلس النواب، في مقره بطبرق، اليوم الخميس.
الصراع بين باشاغا والدبيبة ينتظر حسماً دولياً
من جهتها، أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني وليامز، أنها سترسل خطاباً، اليوم الخميس، إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لاقتراح الشروع في مشاورات على الفور لوضع أساس دستوري ينقل البلاد إلى الانتخابات "في أقرب وقت ممكن".
وفيما أكدت وليامز، في تغريدة على حسابها بـ"تويتر"، اليوم الخميس، الأهمية الأساسية المتمثلة بالحفاظ على الأمن والاستقرار والوحدة، والامتناع عن أعمال التصعيد والاستفزاز والعنف، قالت: "أنا هنا لدعم العملية الانتخابية وتطلعات 2.8 مليون ليبي".
أجدد التأكيد على الأهمية الأساسية المتمثلة بالحفاظ على الأمن والاستقرار والوحدة، والامتناع عن أعمال التصعيد والاستفزاز والعنف. https://t.co/Hl0oWk5UtF
— Stephanie Turco Williams (@SASGonLibya) March 3, 2022
ولم تشر وليامز إلى الخلاف الليبي حول تعيين رئيس جديد للحكومة ومنح مجلس النواب الثقة لتشكيلته الحكومية، والسجال الدائر بين رئيسي الحكومة، المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
ولم تشر وليامز إلى التراجع في مواقف مجلس الدولة حيال تقاربه مع مجلس النواب في المسار الدستوري، خصوصاً إعلان مجلس الدولة رفضه للتعديل الدستوري المُقر من مجلس النواب ورفضه لتشكيل حكومة جديدة بداعي مخالفة إجراءات منحها الثقة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.
وينتظر أن يعلن مجلس الدولة موقفه النهائي من خريطة الطريق التي أنتجها مجلس النواب، والتي تؤجل الانتخابات إلى ما بعد 14 شهراً بناءً على تعديل دستوري وتغيير للسلطة التنفيذية، خلال جلسة رسمية سيعقدها اليوم الخميس.
وعبر رئيس المجلس، خالد المشري، في تصريحات سابقة، عن رفضه لتغيير الحكومة قبل الاتفاق على المسار الدستوري الخاص بالانتخابات، وهي الخطوة التي يُعتقد أنها حالت دون حصول حكومة باشاغا على اعتراف دولي.
بدورها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها بشأن تقارير تفيد بأن التصويت في البرلمان الليبي على تنصيب حكومة جديدة "لم يرقَ إلى المعايير المتوقعة".
وجاء في بيان أرسله المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عبر البريد الإلكتروني، أن هناك تقارير تفيد بأن التصويت لا يفي بمعايير الشفافية والإجراءات المطلوبة، وأنه كانت هناك أعمال ترهيب قبل الجلسة.
وقال المتحدث إن الأمم المتحدة تركز بدلاً من ذلك على تجديد مساعيها لإجراء الانتخابات، مضيفاً أن مستشارة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز ستجري قريباً محادثات بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة وهو هيئة سياسية مناوئة.
ودعا جميع الجهات الفاعلة إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تهديد الاستقرار وتعميق الانقسامات في ليبيا.
وسيكون موقف القوى الدولية عاملاً حاسماً في الصراع القادم على السلطة بين حكومة رئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد الدبيبة والحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا.
يذكر أن مجلس النواب منح، الخميس الماضي، الثقة لحكومة باشاغا بأغلبية 92 صوتاً من أصل 101 حضروا الجلسة، فيما أفاد عدد من النواب بأن أسماءهم وردت ضمن المصوتين مع غيابهم عن الجلسة.
وكان النائب عن مدينة طبرق، الصالحين عبد النبي، قد أكد أن 4 نواب (الصالحين عبد النبي، ونور الدين خالد المنفي، وصالح هاشم العبيدي، ومفتاح عطية الشاعري) لم يحضروا الجلسة ولم يوقعوا في أي سجل حضور، بحسب تصريح لتلفزيون "فبراير" الليبي ليل أمس.
وفيما لفت عبد النبي، في التصريح ذاته، إلى وجود عدد كبير من النواب جرى ضمهم لمانحي الثقة وهم غير موجودين، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة، جمال سالم شعبان، بحكومة باشاغا، عن رفضه لتسلمه منصبه في الحكومة.
وقال شعبان، في بيان متلفز اليوم الخميس، إن جلسة منح الثقة "لم تتسم بالشفافية والنزاهة ولم تراعٍ القواعد الإجرائية"، معتبراً أن تصريحات المشري الرافضة لتغيير الحكومة تفيد بعدم وجود تنسيق من جانب مجلس النواب مع مجلس الدولة بصفته "شريكا أساسيا"، بحسب الاتفاق السياسي.
وأضاف أن من بين أسباب رفضه لمنصبه أن المشاورات مع المكونات السياسية "لم تنضج بعد، مما يهدد السلم والاستقرار، ويدخل الوطن في نفق مظلم قد تسيل معه الدماء"، ولذلك: "أرفض رفضاً قاطعاً تسلم هذا المنصب الذي قد يدخل البلاد في نفق مظلم".
وفي الجانب الآخر، نشر المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أول من أمس، بياناً استنكر فيه تعرض عدد من النواب وأسرهم لتهديدات، دون أن يذكر الجهة التي وجهت إليهم التهديدات، مبرراً بذلك عدم ذكر أسماء بعض النواب أثناء المناداة للتصويت حفاظاً على حياتهم، وواعداً بإحالة الأمر للنائب العام.
وتشكلت حكومة الدبيبة قبل عام من خلال عملية سلام دعمتها الأمم المتحدة، وكانت تهدف إلى حل المشاكل السياسية في ليبيا من طريق إجراء انتخابات العام الماضي، لكن التصويت لم يجرِ وسط خلافات حول القواعد.