كشفت مصادر ليبية متطابقة عن وجود مشاورات غير مباشرة تجري بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن حسم ملف المناصب السيادية، برعاية مغربية، على الرغم من تعذر لقاء رئيسي المجلسين عقيلة صالح وخالد المشري اللذين تزامنت زيارتهما للمغرب، أمس الجمعة.
وقالت مصادر ليبية مقربة من المجلسين إن المشاورات تجري من خلال شخصيتين ممثلتين لكل من صالح والمشري بهدف حلحلة خلافات المسائل النهائية حول أهم منصبين وهما محافظ البنك المركزي وديوان المحاسبة.
وأكدت ذات المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الخلافات حُصرت في المنصبين بعد أن تم إقناع المجلسين بالتخلي عن العديد من الأوراق الضاغطة التي شكلت عرقلة للوصول إلى المرحلة المتقدمة التي تشهدها المشاورات حالياً.
وأشارت المصادر إلى أن مجلس النواب طالب في السابق باقتران تسمية شاغلي المناصب السيادية بتعيين وكلاء لهم أكثرهم من الموالين لمجلس النواب، وفي المقابل طالب المجلس الأعلى بإضافة منصبين إلى قائمة المناصب السيادية وهما منصبا المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار.
وتخلى الطرفان عن مطالبهما التي كانت تهدف إلى حيازة أكبر قدر ممكن من المراكز الهامة في مناصب الدولة، كما أعلنت المصادر التي أكدت أن أحد سيناريوهات الحل الموضوعة على الطاولة هو حصر تعيين وكلاء لشاغلي المناصب السيادية في منصبي البنك المركزي وديوان المحاسبة.
وأشارت معلومات المصادر إلى أن المجلسين اتفقا، خلال مشاورات بوزنيقة في يناير/كانون الثاني الماضي، على أن يؤول منصب ديوان المحاسبة للمنطقة الغربية، فيما يؤول منصب البنك المركزي للمنطقة الشرقية. ولضمان تمرير المحاصصة المتفق عليها، فإن كل طرف يرشح وكلاء له في المنصبين كأفضل الضمانات الممكنة التي يمكن أن تبدد مخاوف الطرفين.
وانتظر المشهد في ليبيا لقاء مرتقبا بين صالح والمشري، قبل أن ينفي صالح وجود لقاء مرتب في المغرب لذلك، مشيراً إلى أن زيارته للمغرب جاءت تلبية لدعوة من نظيره المغربي.
وخلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره المغربي، أمس الجمعة، أكد صالح أن "ملف المناصب السيادية حُسم سابقا في اجتماعات بوزنيقة"، وأن "الطرف الآخر لم يلتزم بما اُتفق عليه"، في إشارة للمجلس الأعلى للدولة.
ونفى المشري، من جانبه "وجود أي لقاء مع رئيس مجلس النواب في أجندتنا"، مضيفاً، في تصريحات صحافية، أن "زيارتنا للمغرب بدعوة رسمية للقاء رئيس مجلس المستشارين المغربي وكذلك الخارجية المغربية لتنسيق الجهود قبل مؤتمر برلين، وليس في أجندتنا لقاء رئيس مجلس النواب السيد عقيلة".
والمناصب السيادية التي تدور الخلافات حولها هي "مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وجهاز مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا، والنائب العام"، وتم الاتفاق على محاصصتها جغرافيا بين أقاليم البلاد الثلاثة خلال مشاورات بوزنيقة المغربية في يناير/كانون الثاني الماضي.
كما اتفق وفدا المجلسين، خلال مشاورات بوزنيقة، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن قبول المترشحين للمناصب السيادية، إلا أن صالح أعلن بشكل أحادي عن قرار تشكيل لجنة من مجلس النواب لفتح باب الترشح لهذه المناصب، نهاية مارس/آذار الماضي، رغم اعتراض مجلس الدولة على الإجراء، إلا أن لجنته مضت في عملها.
وفي نهاية إبريل/نيسان الماضي، أعلن مجلس النواب عن إحالته أسماء المرشحين لتولي المناصب السيادية إلى المجلس الأعلى للدولة "بعد فرزها وفقاً للشروط الواجب توفرها"، وفق بيان للمجلس، لكنه أبدى اعتراضه على مخالفة مجلس النواب ما تم الاتفاق عليه بشأن الترشحيات للمناصب السيادية في الدولة، ما كشف عن فصل جديد من الخلافات التي من المرجح أن تتحول إلى عقبة في طريق وصول البلاد إلى مرحلة الانتخابات الوطنية المقرر عقدها نهاية العام الجاري.
وتعليقاً على القائمة المحالة من مجلس النواب، قال المجلس الأعلى للدولة، في خطاب وجهه للمجلس مطلع مايو/أيار الماضي: "لاحظنا أن المخرجات المحالة إلينا من لجنتكم تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه سابقاً في لقاءات بوزنيقة"، مشدداً على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه خلال لقاءات وفدي المجلسين.
وأشار المجلس، في ذات الخطاب، إلى قبوله "أي تعديل في المعايير والآليات" الخاصة باختيار شاغلي المناصب السيادية في حال رغبة مجلس النواب في ذلك بــ"عقد مزيد من اللقاءات والتباحث للوصول إلى أرضية مشتركة".