ليبيا: صالح يطالب الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم بين حكومة الدبيبة وتركيا

05 أكتوبر 2022
صالح: مجلس النواب قرر سحب الثقة من حكومة الدبيبة لانتهاء ولايتها دستورياً (فرانس برس)
+ الخط -

طالب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم التي وقعت، أول أمس الإثنين، بين حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتركيا واعتبارها "باطلة، ودون أثر قانوني، وغير ملزمة للدولة الليبية". 

جاء ذلك في خطاب وجّهه صالح، اليوم الأربعاء، إلى غوتيريس، أكد فيه أنّ مجلس النواب قرر "سحب الثقة من حكومة الدبيبة لانتهاء ولايتها دستورياً، وطبقاً لبنود الاتفاق السياسي، وأيضاً لفشلها في القيام بواجباتها ومهامها المحددة في خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي". 

واستنكر صالح في خطابه ما وصفه بـ"تورط" حكومة الوحدة "في إبرام مذكرات تفاهم واتفاقيات للتنقيب على النفط والغاز في المياه الاقتصادية بشرق البحر الأبيض المتوسط مع تركيا، "بالمخالفة للاتفاق السياسي الذي تنص إحدى مواده على عدم نظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد"، بحسب نص الخطاب. 

وحذر صالح من أنّ مذكرة النفط والغاز الموقعة بين حكومة الوحدة وتركيا "ستتسبب في زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط مع دول الجوار: مصر واليونان وقبرص". 

وخلال الخطاب، اتهم صالح حكومة الوحدة الوطنية بـ"الفشل على المستوى الداخلي في أن تكون حكومة وحدة وطنية تجمع الليبيين ولا تفرقهم، وكذلك انحسار دورها وحركتها في نطاق إقليم طرابلس، دون أن يكون لها تأثير إيجابي في إقليمي برقة وفزان من حيث تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، فضلاً عن فشلها في تهيئة المناخ السياسي والاقتصادي والأمني، والعجز عن إزالة القوة القاهرة التي أعاقت تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021". 

واشتكى صالح من "تسبب حكومة الدبيبة في مقتل أكثر من 40 مواطناً مدنياً وتضرر الممتلكات العامة والخاصة أثناء الاشتباكات التي وقعت بطرابلس نهاية أغسطس/ آب الماضي، وفشلها في تحقيق العدالة في توزيع الثروة بين الأقاليم الثلاثة، والتورط في جرائم فساد تضمنها تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021"، وفق اتهاماته.

وقال، ضمن خطابه، إنّ استمرار هذه الحكومة "يعيق تنظيم الانتخابات ويهدد بعودة الصراع المسلح للبلاد ويزيد من حدة الانقسام السياسي والمؤسساتي ويفاقم المعاناة والفساد، الأمر الذي دفع المجلس لسحب الثقة عنها، وتكليف فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الجديدة". 

وطلب صالح من الأمين العام "تعميم فحوى هذا الخطاب على الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية وإحالتها إلى مجلس الأمن والمنظمات والهيئات الدولية للتنبيه إلى فقدان حكومة عبد الحميد الدبيبة للشرعية بانتهاء ولايتها ومخالفتها لبنود خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي والتأكيد على أنّ حكومة فتحي باشاغا هي الحكومة المعترف بها طبقاً لقرارات مجلس النواب". 

وخلال زيارة أجراها وفد وزاري تركي رفيع المستوى لطرابلس، أول أمس الإثنين، وقّعت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، ووزير الاقتصاد، محمد الحويج، المكلف وزارة النفط والغاز، مع نظيريهما التركيين، وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، مذكرات تفاهم في مجالات التدريب الأمني والطاقة النفطية والغاز. 

المجلس الرئاسي يطالب بضرورة التشاور معه

ولقيت المذكرة الموقعة بين حكومة الوحدة الوطنية وتركيا معارضة محلية، ففي حين أشاد المجلس الرئاسي الليبي بأهمية "التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة كافة، بما يخدم مصلحة الشعب الليبي"، إلا أنه طالب بضرورة التشاور معه في توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، بالإضافة لتذكيره بأنّ الاتفاقات "تتطلب اعتمادها من المجالس التشريعية".

كما أعلن رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، عن رفض توقيع المذكرة، وقال في بيان عقب توقيعها: "الاتفاقيات حق أصيل لسلطة منتخبة من الشعب الليبي مباشرةً، وتعبّر عن إرادته وسيادة قراره فوق أرضه"، مذكراً الدبيبة بخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي التي تنص ضمن موادها على "عدم نظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أي اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة، بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية، أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد". 

وأكد باشاغا أنّ حكومته "ستبدأ بالتشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين، والإقليميين والدوليين، للرد بالشكل المناسب". 

وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي من المجلس الأعلى للدولة، أعلن 73 عضواً من أعضائه عن رفضهم توقيع المذكرة، معتبرين أنّ "توقيع مثل هذه المذكرات غامضة البنود والأهداف في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي المنقسم يمثل محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع". 

وعبّر الأعضاء، في بيان مشترك صدر أول أمس الإثنين، عن رفضهم ما وصفوه بـ"الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك"، وأن مثل هذه السياسة قد تضع تركيا "في مواجهة المصالح الوطنية الكبرى لليبيا، وكل المحاولات الوطنية الجادة للتوافق بين الليبيين نحو استعادة الدولة وقرارها الوطني". 

وكان المتحدث باسم حكومة الدبيبة، محمد حمودة، قد نشر توضيحاً لمضمون مذكرات التفاهم، لاحتواء الجدل وموجة الاعتراض، حيث أفاد، عبر صفحته على "فيسبوك"، بأنّ مذكرة التفاهم الموقعة تخص الطاقة الهيدروكربونية، وتنص على تعزيز التعاون بين البلدين في الجوانب العملية والفنية والتقنية والقانونية والتجارية في مجال الهيدروكربونات. 

وأوضح حمودة أنّ المذكرة تنص على "تعاون الطرفين بناءً على قوانينهما المحلية لتحقيق أهداف المذكرة، من طريق تبادل المعلومات والخبرات، وعقد المؤتمرات والندوات المشتركة والمعارض، وزيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وكذلك ‏‎تطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب، وتجارة النفط والغاز والهيدروكربون، وفق الإجراءات والقوانين المتبعة في ليبيا". 

وأضاف أنّ المذكرة تنص أيضاً على "تبادل الخبرات والتدريب، وضرورة ضمان المصالح المشتركة، والجدوى من عمليات الاستكشاف والتطوير، وزيادة الإنتاج للبلدين، وتأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الليبية للنفط والمؤسسة التركية، ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص". 

المساهمون