مؤشرات صراع سياسي محموم جنوبي العراق

19 ديسمبر 2020
ترغب المليشيات في التخلص من التظاهرات (فرانس برس)
+ الخط -

بعد التراجع الواضح للحركة الاحتجاجية في محافظات الجنوب العراقي، نتيجة للقمع الحكومي وعمليات القتل والخطف والتهديد، التي تعرّض لها الناشطون بالتظاهرات من قبل مليشيات مسلّحة، بعضها مرتبط بقوى سياسية، حذّر سياسيون من احتمال انتقال محافظات الجنوب إلى نوع جديد من الصراع بين الأطراف السياسية. واعتبروا أن هذه القوى ستحاول في الأشهر المقبلة الحصول على أكبر قدر من المكاسب، التي يُمكن أن تمنحها حظوظاً أكبر في الانتخابات المبكرة المقررة في 6 يونيو/حزيران المقبل.

في السياق، أكد عضو البرلمان عن محافظة المثنى، جنوبي العراق، باسم خشان، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن الصراع في الجنوب سيكون محموماً، لأن النظام الانتخابي سيحصر التنافس في الدوائر الانتخابية بين أربعة أحزاب رئيسية على الأكثر. وتوقع أن تجد الأحزاب نفسها أمام خيار من اثنين: إما الترشح بصورة منفردة أو أن تتفق مع بعضها. لكنه شدّد على أنه "في الحالتين، ستكون المنافسة محتدمة في الجنوب، لأن عدد الأحزاب في تلك المحافظات أكبر من عدد المقاعد النيابية".


دعا البعض لتوفير الأمن في المراكز الانتخابية

وحول إمكانية تغيير قواعد اللعبة هناك، اعتبر أن "لا شيء سيتغير في ظل سيطرة أحزاب ومليشيات معينة"، مشيراً إلى أن الانتخابات المبكرة تتطلب إجراءات عدة لتكون مقبولة. ويتعلق جزء من هذه الإجراءات بمفوضية الانتخابات، والجزء الآخر مرتبط بالأمن الذي يجب توفيره في محيط المراكز الانتخابية، لأن بعض الجهات تمكنت من السيطرة على مراكز انتخابية في الانتخابات التشريعية السابقة في عام 2018.

من جهته، أشار أحد النواب السابقين عن محافظة ذي قار، إلى أن بعض القوى السياسية والمليشيات كانت منشغلة طيلة الأشهر الماضية بكيفية التخلص من الحراك الاحتجاجي، الذي تمكن من تغيير الحكومة ومفوضية الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات في فترة وجيزة. وأوضح في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن هذا الأمر كان يؤرق هذه القوى. ولفت إلى أن تنسيق هذه الجهات مع الحكومة لفضّ التظاهرات، وآخرها في ساحة الحبوبي في الناصرية ـ ذي قار، ونجاحها في ذلك، سيجعلانها تفكر بالخطوة اللاحقة، المتمثلة في آليات السيطرة على محافظات الجنوب، لتزيد من حظوظها في الانتخابات المقبلة. وتوقع أن يتسبب ذلك بصراع محموم بين هذه القوى التي كانت مختلفة حتى وقت قريب، إلا أن كلمتها اجتمعت بهدف التخلص من التظاهرات. ورأى أن الصراع السياسي سيبدأ من ذي قار، ثم يتمدّد إلى محافظات أخرى، لأن القوى المتصارعة في ذي قار مؤثرة أيضاً في محافظات جنوبية أخرى.

في المقابل، تطالب قوى سياسية عدة، ومنها ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتيار "الحكمة" برئاسة عمار الحكيم، و"سائرون" التابع للتيار الصدري، منذ أسابيع باستبدال محافظ ذي قار ناظم الوائلي، ونائبيه حازم الكناني، وأباذر العمر. وفي السياق، كشف النائب عن "دولة القانون" كاطع الركابي، في وقت سابق، عن جمع برلمانيين لائحة تواقيع تم تسليمها لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، للمطالبة بإقالة الوائلي، وترشيح شخصية أخرى لتولي المنصب.


لا شيء سيتغير في ظل سيطرة أحزاب ومليشيات معينة

وفسرت مصادر سياسية، في أحاديث لوسائل إعلام محلية، سبب الإصرار على استبدال محافظ ذي قار، بأنه ناتج عن اتفاق قوى سياسية على اختيار شخصية من تحالف "سائرون"، لخلافة الوائلي، في محاولة من التيار لاستغلال هذا المنصب لقمع الاحتجاجات.

من جهته، استبعد النائب عن محافظة البصرة، بدر الزيادي، حدوث صراعات في الجنوب، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن كتلاً سياسية تريد أن تضع يدها على بعض المناصب من أجل الاستفادة منها في الانتخابات المقبلة. وشدّد على أن ذلك لا يشمل محافظات تتمتع بالاستقرار، ولا نية لإجراء تغييرات فيها. لكنه استدرك: "إذا بدأت التغييرات في بعض المحافظات، فإن هذا الأمر سيؤثر على المحافظات الأخرى"، داعياً إلى التعاون بين القوى السياسية لتوفير الأجواء المناسبة قبل الانتخابات. وعبّر الزيادي عن أمله في أن تكون المنافسة شريفة في الانتخابات، معتبراً أن أحزاب الجنوب كلها من مكون واحد، ولن تقع خلافات في ما بينها. وأوضح أن الخلافات ستؤدي إلى التأثير على سير العملية الانتخابية، واحتمال تأجيل الانتخابات إلى موعد آخر. وقال: "لذلك نحن ندعم الأجهزة الأمنية من أجل تحقيق الاستقرار الأمني، كي تكون هناك ثقة في الشارع"، موضحاً أن الأوضاع في الجنوب متفاوتة من محافظة إلى أخرى. ولفت الزيادي إلى أن بعض المحافظات تتطلب الاهتمام بواقعها الخدمي، مثل محافظتي ذي قار والمثنى، مطالباً الحكومة الاتحادية في بغداد بضرورة الالتفات إلى المحافظات الجنوبية، خصوصاً المنتجة للنفط، لتحقيق العدالة في توزيع الثروات.