توقفت الضربات على مواقع للحوثيين في اليمن، لكن حالة التوتر ما زالت قائمة في البحر الأحمر، مع ترقب رد جماعة الحوثي على الهجوم الذي تعرضت له بنحو 70 غارة جوية، وفق المتحدث العسكري يحيى سريع، غالبيتها في مدينة الحديدة الساحلية، غربي اليمن.
ونفذت الولايات المتحدة، فجر أول من أمس السبت، ضربة جوية منفردة على قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء، في اليوم التالي من الهجمات المشتركة مع بريطانيا، في مؤشر على استمرار الضربات الجوية وحالة التهديد لقدرات الحوثيين، رغم المخاوف من توسع الصراع في المنطقة، ما يطرح التساؤلات عن خيارات الحوثيين في الرد.
علي الذهب: أمام الحوثيين سيناريوهان، إما التظاهر بالرد المنخفض أو الاستمرار بالشواغل الأمنية تجاه السفن
واستهدفت الضربة الأميركية قاعدة الديلمي الجوية، التي تعرضت أيضاً لغارات ليل الخميس ـ الجمعة، في العاصمة صنعاء، خلال الضربات المكثفة التي استهدفت أربع محافظات يمنية أخرى. وذكرت القيادة الوسطى الأميركية، في بيان مقتضب، أن "المدمرة كارني أطلقت صواريخ توماهوك على موقع رادار تابع للحوثيين".
ونفت جماعة الحوثي أن تكون الضربات الجوية أثرت على قدراتها، وأكد المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام، في تصريح صحافي، أنه "لم يكن لها تأثير يذكر".
وتوعّدت الجماعة بالرد، واصفة الضربات بأنها "عدوان سافر على اليمن، من دون أي مسوغ قانوني". وأفادت مصادر في جماعة الحوثي "العربي الجديد" بأن "طائرات الاستطلاع كثفت من وجودها لساعات في سماء عدد من المحافظات اليمنية، منها العاصمة صنعاء، ومدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر".
الضربات على الحوثيين ورد الجماعة
ويبدو أن الضربات على الحوثيين لن توقف هجماتهم المستمرة ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل، إذ أعلنت الجماعة النفير العام ضمن ما أسموها معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس"، وخرجت مسيرات خلال الأيام الماضية في صنعاء، بدأت الجمعة الماضي، وشدّدت على "الاستنفار والاستعداد لمواجهة العدوان الأميركي الصهيوني والبريطاني على اليمن"، بحسب وسائل إعلام الحوثيين.
وقال نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين نصر الدين عامر: "نحن على استعداد لكل الاحتمالات، وردنا قادم لا محالة وعملياتنا الداعمة للشعب الفلسطيني لن تتوقف". وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "فرض منع عبور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل سارية المفعول ولن تتوقف أيضاً تحت أي ظرف".
وكتب المحرر السياسي في وكالة "سبأ" بنسختها التابعة للحوثيين، أمس السبت، أن "دخول أميركا وبريطانيا المواجهة مع الشعب اليمني ستكون له ما بعده، والرد اليمني على عدوانهما قادم لا محالة". وأشار إلى أن "العدوان الأميركي - البريطاني لم يكن مفاجئاً للشعب اليمني، إذ إن تسع سنوات من العدوان والحصار الأميركي السعودي والإماراتي كانت كافية لاكتساب الخبرة والمهارة القتالية في مواجهة الأعداء".
وكان رئيس المجلس السياسي للحوثيين (مجلس الحكم) مهدي المشاط قد أكد "استمرار منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى فلسطين المحتلة مهما كان العدوان الأميركي الصهيوني والبريطاني على الشعب اليمني".
وذكر في تصريحات، نقلتها وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين، أن "السفن الحربية الأميركية الصهيونية والبريطانية التي تجاوزت المرور البريء باعتدائها على بلدنا سيصبح استهدافها مشروعاً". وأضاف أن "الحل هو في وقف العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركياً على الأشقاء في غزة وليس بالعدوان على اليمن".
ويعتقد مراقبون أن رد جماعة الحوثي سيكون بعدم توقف عملياتهم ضد السفن التي تتجه إلى إسرائيل، وربما تتطور إلى استهداف البوارج الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر أو أهداف أكثر أهمية كالقواعد العسكرية في منطقة الخليج.
سيناريوهات للرد الحوثي
ورأى الباحث اليمني في الشؤون العسكرية الاستراتيجية علي الذهب أن "هناك سيناريوهين، إما التظاهر بالرد المنخفض أو الاستمرار بالشواغل الأمنية تجاه السفن التجارية، إلى أن يتحقق شيء نسبي من مطالب الحوثيين بوقف الحرب في غزة، وربما يحتسب مكسباً آخر للحوثيين".
وأضاف الذهب، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أن السيناريو الثاني هو مضاعفة الهجمات باستخدام تكتيك جديد بالزوارق البحرية المسيرة عن بعد، وتعزيز ذلك بالصواريخ التي تستهدف السفن، وأيضاً توظيف ذلك في نتائج مفاوضات السلام".
مهدي المشاط: سيستمر منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى فلسطين المحتلة رغم العدوان على الشعب اليمني
وأشار الذهب إلى "أن التصعيد سيظل في البحر الأحمر ربما أقل وأعلى نسبياً وبتقنيات أخرى"، لافتاً إلى "أن الضربات الصاروخية الحوثية لن تطلق من مناطق من العمق، وسيجرى تقريب ذلك في المناطق الساحلية الخالية، بحيث يكون الرد الأميركي على مناطق ميتة ولا يكون لها تأثير عميق، بخلاف المدن التي يتركز فيها السكان".
ورأى أن "هذا الإجراء سيكون من أجل حماية البنية التحتية من الدمار، مثل المطارات والمعسكرات والمخازن، التي تعرضت لأولى الضربات على الحوثيين فجر الجمعة الماضية".
وفي 31 ديسمبر/ كانون الأول 2023، قتل عشرة حوثيين جراء قصف أميركي على زوارق هاجمت سفينة حاويات في البحر الأحمر. والثلاثاء الماضي، أطلق الحوثيون أكبر هجوم بنحو 21 طائرة مسيرة وصاروخاً تصدت لها البحرية الاميركية، وجاءت رداً على مقتل عناصرهم.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين قولهم "إن الضربات على الحوثيين في اليمن ألحقت أضراراً أو دمّرت نحو 90 في المائة من المواقع المستهدفة، لكن الحوثيين يحتفظون رغم ذلك بنحو 75 في المائة من قدرتهم على إطلاق الصواريخ والمسيّرات".
وأوضح مسؤولان أميركيان للصحيفة "أن الضربات الجوية كان تأثيرها محدوداً على القدرات الهجومية للحوثيين، إذ لا يزالون قادرين على استهداف السفن في البحر الأحمر بواسطة الصواريخ والطائرات المسيّرة". وقالا "إنه ثبت أن العثور على أهداف للحوثيين أكثر صعوبة مما كان متوقعاً".