- تعتبر السلطات الإيرانية "جيش العدل" منظمة إرهابية مدعومة دوليًا، بينما تصف نفسها بأنها حركة تدافع عن حقوق البلوش الإيرانيين وأهل السنة، وقد أدرجتها الولايات المتحدة ودول أخرى ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
- تنشط الجماعة بشكل رئيسي على الحدود بين إيران وباكستان، مما زاد التوترات بين البلدين، وتأتي هذه الهجمات في سياق تكثيف الجماعة لنشاطها العسكري وزيادة العمليات ضد القوات الإيرانية.
أطلقت جماعة "جيش العدل" الإيرانية المعارضة، مساء الأربعاء، هجمات كبيرة على مقار وقواعد عسكرية لـ"الحرس الثوري" والشرطة في ثلاث مدن في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، هي جابهار، وراسك، وسرباز.
واستمرت الاشتباكات حتى ظهر اليوم، قبل أن تعلن السلطات الإيرانية انتهاءها ومقتل المسلحين المهاجمين الذين وصفتهم بأنهم إرهابيون، مع الحديث عن أن الاشتباكات خلفت حوالي 28 قتيلاً، منهم 18 مسلحاً، و10 من القوات الإيرانية.
واجتاحت شبكات التواصل والمواقع الإيرانية فيديوهات كثيرة عن الاشتباكات، وسط حديث رسمي إيراني عن قيام جماعة "جيش العدل" بأخذ رهائن وتحريرهم في عمليات للقوات الإيرانية الخاصة، لكن الجماعة نفسها نفت صحة الرواية الرسمية عن عدد القتلى من القوات الإيرانية، زاعمة أنها قتلت ما لا يقل 200 عسكري إيراني، حسب ما ورد على قناة "حال وش".
وجاءت هجمات "جيش العدل" الأخيرة على وقع تكثيف الجماعة عملياتها في الشهور الأخيرة ضد القوات والمواقع العسكرية الإيرانية. وركزت السلطات ووسائل الإعلام الإيرانية، خلال الساعات الماضية، على الربط بين هجمات "جيش العدل" وأجواء التوترات مع إيران على خلفية الهجمات الإسرائيلية على القنصلة الإيرانية في دمشق، واغتيال قيادات عسكرية إيرانية. وذكرت وكالات أنباء إيرانية أن الهجمات جاءت وسط توقعات برد إيراني على الهجمات الإسرائيلية بغية التأثير على القرار الإيراني، حسب هذه الوكالات.
-
نشأة جماعة "جيش العدل"
تشكّلت الجماعة المعارضة، المصنفة في إيران أنها "منظمة إرهابية"، عام 2010، بعد أشهر من اعتقال السلطات الأمنية الإيرانية عبد المالك ريغي، زعيم جماعة "جند الله" الذي أُعدم بتهمة النشاط العسكري والتواطؤ ضد أمن البلاد.
أضعف إعدام ريغي واعتقال الكثير من الأعضاء جماعة "جند الله"، التي لم يعد لها وجود إلى أن خرجت من رحمها جماعة "جيش العدل" والتحقت بها بقايا "جند الله". وأصبح صلاح الدين فاروقي منذ عام 2012 زعيماً للجماعة، حيث تعتبره الجماعة "أميراً لها".
وفيما تؤكد السلطات الإيرانية أن "جيش العدل" مجموعة إرهابية تابعة للاستخبارات السعودية والأميركية، تقول الجماعة نفسها إنها جماعة بلوشية سنية إيرانية تحمل السلاح "دفاعاً عن حقوق البلوش الإيرانيين وأهل السنة".
وأدرجت الولايات المتحدة عام 2019 جماعة "جيش العدل" في قائمة المنظمات الإرهابية، واتخذت دول أخرى مثل اليابان الخطوة نفسها.
-
جغرافيا النشاط
وتنشط جماعة "جيش العدل" على الشريط الحدودي بين إيران وباكستان في محافظة سيستان وبلوشستان التي يجاورها داخل باكستان إقليم بلوشستان. وبعد تأسيسها، دأبت الجماعة على تنفيذ عمليات من حين إلى آخر ضد القوات والقواعد العسكرية الإيرانية على الحدود وفي مدن محافظة سيستان وبلوشستان التي تقطنها غالبية السنية. وزادت عمليات المجموعة خلال السنوات الأخيرة.
سببت هجمات "جيش العدل"، في بعض الأحيان، توترات بين إيران وباكستان خلال السنوات الأخيرة، أهمها ما حصل خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما أعلنت إيران يوم الـ16 من الشهر استهداف مواقع تابعة لجماعة "جيش العدل" الإيرانية داخل إقليم بلوشستان الباكستاني. وقالت باكستان إن الهجوم الإيراني أدى إلى مقتل طفلين، وردت عليه باستدعاء سفيرها من طهران، ورفض استقبال السفير الإيراني، فضلاً عن القيام بهجوم مماثل داخل الأراضي الإيرانية في قضاء سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد، وقالت إنه استهدف "انفصاليين" بلوش باكستانيين. وخلف الهجوم الباكستاني 9 قتلى، قالت إيران إنهم "رعايا باكستانيون". ومعظم القتلى كانوا نساء وأطفالاً.
ولاحقاً بعد أيام، نجح الطرفان في خفض التوتر واستعادة العلاقات، وعاد السفراء إلى أعمالهما في البلدين.
-
زيادة مطردة في العمليات
وسجلت السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الاحتجاجات التي طاولت إيران أواخر عام 2022، ارتفاعاً ملحوظاً في عمليات جماعة "جيش العدل" ضد القوات الإيرانية، وقيامها باغتيالات في محافظة سيستان وبلوشستان.
وتشهد المحافظة منذ 30 سبتمبر/أيلول 2022 توترات مستمرة، بعد حادثة مقتل العشرات خلال تجمع المصلين بعد صلاة الجمعة في مسجد مكي أمام المقر الـ16 للشرطة للاحتجاج في سياق الاحتجاجات التي انطلقت حينها في إيران، وخصوصاً بعد انتشار أنباء عن اغتصاب شرطي في مدينة جابهار مواطنة بلوشية، لكن إطلاق نار أدى إلى مقتل العشرات من المحتجين، وقالت الرواية الرسمية إن عددهم وصل إلى 35 شخصاً، فيما يقدّر ناشطون بلوش ومواقع معارضة أن العدد بلغ 100 قتيل.
وأعلنت السلطات الإيرانية تشكيل لجنة تحقيق بشأن الحادث، مع القول إنها ستحاسب المتورطين فيه وبدأت بمحاكمتهم. كذلك، فقد عزلت قائد شرطة محافظة سيستان وبلوشستان، وقائد مقر الشرطة الذي أُطلقت منه النار صوب المحتجين. إلا أن هذه الخطوات لم ترضِ المحتجين هناك، مع المطالبة بمحاكمة ومحاسبة من يوصفون بأنهم "الآمرون".
-
أبرز الهجمات
والاشتباكات التي وقعت خلال اليوم الأخير بين جماعة "جيش العدل" والقوات الإيرانية هي الثانية من نوعها في غضون أسبوع، حيث أفاد التلفزيون الإيراني، الثلاثاء الماضي، بمقتل ضابط من القوات الإيرانية الخاصة وطفل رضيع في اشتباكات مسلحة مع مجموعة تابعة لـ"جيش العدل" في محافظة سيستان وبلوشستان. كما أعلنت السلطات الشرطية المحلية في محافظة هرمزجان، جنوبي إيران، الأسبوع الماضي، اعتقال عنصر في جماعة "جيش العدل" المعارضة يدعى ألف صديقي.
وفي العاشر من فبراير/شباط الماضي، قُتل ضابط إيراني في هجوم مسلح استهدف مقر الشرطة الإيرانية في قضاء راسك الواقع في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران. وأفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية المحافظة، حينها، بأنّ منظمة "جيش العدل" المعارضة قد تبنّت مسؤولية الهجوم على مقر الشرطة في قرية بيدلد في قضاء راسك.
ونفذت المنظمة أيضاً، منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، هجوماً على مقر قيادة قوات الشرطة في مدينة راسك، أدى إلى مقتل 12 شرطياً وإصابة 7 آخرين. ومن أبرز عمليات هذه الجماعة أيضاً، قتل 14 شخصاً من قوات حرس الحدود الإيرانية عام 2013، واختطاف 17 آخرين عامي 2013 و2019، ومهاجمة حافلة كانت تقل قوات لـ"الحرس الثوري" الإيراني في مارس/ آذار 2019، ما أدى إلى مقتل 27 شخصاً وإصابة 13 آخرين، بالإضافة إلى عمليات أخرى.