ماذا ينتظر تركيا بعد حسم الانتخابات الرئاسية؟

26 مايو 2023
يسعى أردوغان إلى تمديد حكمه عقداً ثالثاً (Getty)
+ الخط -

يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تمديد حكمه عقداً ثالثاً وهو يخوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، يوم الأحد المقبل، في ظل زخم يبدو أنه يسير لصالحه بعد أن انتهت الجولة الأولى بتقدمه على منافسه كمال كليجدار أوغلو.

وتعزز فرص أردوغان في الفوز الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية وحلفاؤه في 14 مايو/ أيار. كما حصل أردوغان على دفعة أخرى يوم الاثنين الماضي بفضل إعلان السياسي القومي سنان أوغان، الذي حل ثالثا في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، تأييد الرئيس التركي في جولة الإعادة.

والانتخابات لن تحدد فقط من سيقود البلاد، بل وطريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها ومسار سياساتها الخارجية.

أما كليجدار أوغلو، فحصل على دعم جديد من زعيم يميني متطرف بالإضافة إلى تحالف من ستة أحزاب معارضة، منها حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه.

ودافع أردوغان، الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تركيا الحديثة، عن الاعتبارات الدينية وأسعار الفائدة المنخفضة مع تأكيد النفوذ التركي في المنطقة وتقليص صلات البلد العضو في حلف شمال الأطلسي مع الغرب.

وتجرى الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من وقوع الزلازل المدمرة في جنوب شرق تركيا، التي أودت بحياة أكثر من 50 ألفا.

ماذا ينتظر تركيا بعد الانتخابات؟

أردوغان هو أقوى زعيم للبلاد منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة قبل قرن من الزمان. وأبعد أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) البلاد عن نهج أتاتورك العلماني.

كما ركَّز أردوغان الصلاحيات في رئاسة تنفيذية مقرها قصر يضم ألف غرفة على مشارف أنقرة، وترسم السياسات في ما يخص الشؤون الاقتصادية والأمنية والمحلية والدولية.

ويقول منتقدوه إن حكومته كمّمت أفواه المعارضة وقوضت الحقوق وأخضعت النظام القضائي لنفوذها، وهو اتهام ينفيه المسؤولون الذين يقولون إنها وفرت الحماية للمواطنين في مواجهة تهديدات أمنية من بينها محاولة انقلاب عام 2016.

ويقول خبراء اقتصاد إن دعوات أردوغان لخفض أسعار الفائدة أدت إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاماً عند 85 بالمئة العام الماضي، كما أدّت لهبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدار العقد الماضي.

ماذا على المحك بالنسبة لبقية العالم؟

تحت حكم أردوغان، استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، فقد شنت أربع عمليات توغل في سورية وهجوماً على مسلحين أكراد داخل العراق، وأرسلت دعماً عسكرياً إلى ليبيا وأذربيجان.

وشهدت تركيا أيضا سلسلة من المواجهات الدبلوماسية مع قوى في المنطقة، السعودية ومصر والإمارات، إلى جانب إسرائيل، إضافة إلى مواجهة مع اليونان وقبرص بشأن الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط، حتى غيرت مواقفها قبل عامين وسعت إلى التقارب مع بعض خصومها.

وأدى شراء أردوغان أنظمة دفاع جوي روسية إلى فرض عقوبات أميركية على أنقرة استهدفت صناعة الأسلحة، في حين أثار قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيكا من منتقدين بخصوص التزام أنقرة إزاء حلف شمال الأطلسي، كما أثارت اعتراضات أنقرة على طلبي السويد وفنلندا الانضمام إلى الحلف توترا.

ومع ذلك، توسطت تركيا في اتفاق سمح بتصدير القمح الأوكراني عبر البحر الأسود، ما يشير إلى دور ربما يلعبه أردوغان ضمن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ولم يتضح إلى الآن ما إذا كان هناك خليفة محتمل له قادر على أن يحظى بنفس المكانة التي اكتسبها أردوغان على الساحة الدولية، وهي نقطة أثارها في حملته الانتخابية.

ما هي وعود المعارضة؟

تحالف حزبا المعارضة الرئيسيان، حزب الشعب الجمهوري العلماني والحزب الصالح القومي المنتمي ليمين الوسط، مع أربعة أحزاب أصغر على أساس برنامج من شأنه إلغاء الكثير من السياسات التي ميزت حكم أردوغان.

فقد تعهدت هذه الأحزاب بإعادة استقلال البنك المركزي وإلغاء سياسات أردوغان الاقتصادية غير التقليدية، كما أن المعارضة تعتزم تفكيك رئاسته التنفيذية والعودة إلى النظام البرلماني السابق، فضلاً عن إرسال اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

كما تهدف الأحزاب إلى تحسين العلاقات مع الحلفاء الغربيين بما في ذلك الولايات المتحدة، وإعادة تركيا إلى برنامج طائرات إف-35 المقاتلة، الذي استبعدت منه بعد شراء الدفاعات الصاروخية الروسية.

ودعم أردوغان الجهود التي باءت بالفشل لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، بينما استضاف ما لا يقل عن 3.6 ملايين لاجئ سوري يتزايد عدم الترحيب بهم وسط المتاعب الاقتصادية في تركيا.

وسعياً وراء الدعم من الناخبين القوميين في جولة الإعادة، زاد كليجدار أوغلو من حدة نبرته المناهضة للمهاجرين في الأسبوعين الماضيين، وتعهد بإعادة المهاجرين إلى بلادهم.

إلى أي مدى يحتدم السباق؟

حصل كليجدار أوغلو على 44.9 بالمئة في الجولة الأولى مقابل 49.5 بالمئة لأردوغان، ما يعكس الدعم القوي الذي يتمتع به الرئيس على الرغم من تفاقم أزمة غلاء المعيشة واستطلاعات الرأي التي أظهرت قبل الانتخابات تقدم كليجدار أوغلو.

وعزت استطلاعات الرأي في وقت لاحق تلك النتيجة إلى زيادة غير متوقعة في دعم القوميين وقت التصويت.

ويقول أردوغان إن التصويت لصالحه سيضمن الاستقرار بعد أن حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.

وكان الصراع التركي المستمر منذ أربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني عاملا مهما في الحملة الانتخابية، إلى جانب دور الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية.

ورغم أن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد ليس جزءا من تحالف المعارضة، فإنه يعارض بشدة أردوغان بعد حملة استهدفت أعضاءه في السنوات الماضية، ما دفعه إلى إعلان تأييده كليجدار أوغلو.

وشملت انتقادات أردوغان لمنافسه اتهامات، من دون دليل، بفوزه بدعم من حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمردا منذ الثمانينيات قُتل فيه أكثر من 40 ألفا. ونفى كليجدار أوغلو هذه الاتهامات.

(رويترز)