ماكرون لن يطلب "الصفح" من الجزائر عن الاستعمار ويأمل استقبال تبون هذا العام

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
12 يناير 2023
ماكرون لن يطلب "الصفح" من الجزائر عن الاستعمار
+ الخط -

أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة نشرت مساء الأربعاء، أنّه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا بلدهم، لكنّه يأمل أن يستقبل نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون في باريس هذا العام، لمواصلة العمل معه على ملف الذاكرة والمصالحة بين البلدين.

وفي مقابلة طويلة أجراها معه الكاتب الجزائري كامل داود، ونشرتها أسبوعية "لوبوان" الفرنسية مساء الأربعاء، قال ماكرون: "لست مضطراً إلى طلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط".

وأوضح الرئيس الفرنسي أنّ "أسوأ ما يمكن أن يحصل أن نقول: (نحن نعتذر وكلّ منّا يذهب في سبيله)"، مشدّداً على أنّ "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً".

وأوضح أنّ عمل الذاكرة والتاريخ "يعني الاعتراف بأنّ في طيّات ذلك أموراً لا توصف، أموراً لا تُفهم، أموراً لا تُبرهَن، أموراً ربّما لا تُغتفر".

جاءت تصريحات ماكرون على الرغم من استمرار المطالب الجزائرية بشأن ثلاثية الاعتراف والاعتذار والتعويض الفرنسي، الواجبة عن جرائم الاستعمار، إذ كان تبون قد أعلن، قبل أسبوعين، في حوار مع صحيفة فرنسية "لوفيغارو"، تمسك الجزائر بمطالبة فرنسا بتحمل مسؤولياتها بشأن جرائم الاستعمار، بما فيها تنظيف مواقع التجارب النووية التي قامت بها في الصحراء قبل الاستقلال، والتكفل بعلاج المصابين بمخلفاتها، وكشف مصير المفقودين الجزائريين خلال الثورة.

ومسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري في الجزائر (1830-1962) هي في صميم العلاقات الثنائية والتوتّرات المتكرّرة بين البلدين.

وفي 2020، تلقّت الجزائر بفتور تقريراً أعدّه المؤرّخ الفرنسي بنجامين ستورا بناءً على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين. وخلا التقرير من أيّ توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.

وكان الرئيسان ماكرون وتبون قد وقعا، شهر أغسطس/ آب الماضي، في الجزائر، خلال زيارة ماكرون، على وثيقة "إعلان الجزائر شراكة متجددة"، تضمنت الاتفاق على "إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين تكون مسؤولة عن العمل على جميع الأرشيفات التي تشمل الفترة الاستعمارية وحرب الاستقلال.

وكان الهدف من هذا المشروع هو معالجة جميع القضايا، بما في ذلك تلك المتعلقة بفتح واستعادة الأرشيف والممتلكات ورفات المقاومين الجزائريين، وكذا التجارب النووية والمفقودين"، وعلى أساس ذلك، عيّن الرئيس الجزائري تبون خمسة مؤرخين بارزين في اللجنة المشتركة للعمل مع خمسة مؤرخين عيّنهم ماكرون.

وفي مقابلته، قال الرئيس الفرنسي: "آمل أن يتمكّن الرئيس تبّون من القدوم إلى فرنسا في عام 2023" لمواصلة "عمل صداقة غير مسبوق"، بعد الزيارة التي قام بها ماكرون نفسه إلى الجزائر في أغسطس/ آب 2022.

وردّاً على سؤال عما إذا كان بالإمكان أن تتخلّل زيارة تبّون المرتقبة هذه إلى فرنسا مشاركة الرئيس الضيف في مراسم تكريم أمام نصب الأمير عبد القادر الجزائري في مقبرة أبطال مقاومة الاستعمار ببلدة أمبواز (جنوب غرب باريس)، قال ماكرون إنّ أمراً كهذا سيكون "لحظة جميلة جداً وقوية جدّاً". وأضاف: "أتمنّى حصول ذلك".

واعتبر ماكرون أنّ إقامة مراسم كهذه "سيكون لها معنى في تاريخ الشعب الجزائري. وبالنسبة إلى الشعب الفرنسي، ستكون فرصة لفهم حقائق مخفيّة في كثير من الأحيان".

والأمير عبد القادر (1808-1883) اعتُقل في أمبواز مع العديد من أفراد عائلته من 1848 ولغاية 1852.

وضاعف ماكرون المبادرات في ملف الذاكرة، معترفاً بمسؤولية الجيش الفرنسي عن مقتل عالم الرياضيات موريس أودين والمحامي الوطني علي بومنجل خلال "معركة الجزائر" عام 1957، ومندّداً بـ"جرائم لا مبرّر لها" ارتكبها الجيش الفرنسي خلال المذبحة التي تعرّض لها المتظاهرون الجزائريون في باريس في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961.

لكنّ الاعتذارات التي تنتظرها الجزائر عن استعمارها لم تحصل قطّ، ما أحبط مبادرات ماكرون وزاد سوء التفاهم بين الجانبين.

وساعدت الرحلة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس/ آب على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها بعد الأزمة التي أشعلتها تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، واتّهم فيها "النظام السياسي العسكري" الجزائري بإنشاء "ريع للذاكرة"، وشكّك كذلك بوجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار.

وفي مقابلته مع "لوبوان"، أقرّ ماكرون بخطأ تصريحاته تلك. وقال: "قد تكون عبارة خرقاء، وقد تكون جرحت مشاعر" الجزائريين، معتبراً في الوقت نفسه أنّ "لحظات التوتّر هذه تعلّمنا. عليك أن تعرف كيف تمدّ يدك مجدّداً".

ودعا ماكرون إلى "تهدئة" التوتّرات بين الجزائر والمغرب، مستبعداً نشوب حرب بين الجارين.

وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية بينها وبين المغرب في أغسطس/ آب 2021، متّهمة الرباط بارتكاب "أعمال عدائية"، في قرار اعتبرته الرباط "غير مبرر بتاتاً".

ذات صلة

الصورة

سياسة

خرجت تظاهرات في باريس ضد تنظيم شخصيات يمينية متطرفة حفلاً لجمع التبرعات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كان من المقرر أن يشارك به سموتريتش.
الصورة
تظاهرة في الجزائر دعما لغزة / أكتوبر 2023 (العربي الجديد)

سياسة

جددت أحزاب سياسية في الجزائر مطالباتها السلطة بفتح الفضاءات العامة والسماح للجزائريين بالتظاهر في الشارع دعماً للشعبين الفلسطيني واللبناني وإسناداً للمقاومة.
الصورة
معرض يورونيفال في فرنسا، 27 أكتوبر 2008 (Getty)

سياسة

بعد منع فرنسا مشاركة الشركات الإسرائيلية في معرض الأسلحة يوروساتوري، ها هي تمنع الآن أيضاً مشاركة إسرائيل في معرض يورونافال.
الصورة
فارسي سيكون إضافة قوية للمنتخب الجزائري (العربي الجديد/Getty)

رياضة

يشهد معسكر المنتخب الجزائري الجاري حالياً في مركز سيدي موسى بالعاصمة الحضور الأول للظهير الأيمن لنادي كولومبوس كرو الأميركي محمد فارسي (24 عاماً).