استمع إلى الملخص
- تم توقيع مذكرة تفاهم لتشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين السعودية وفرنسا، مع مناقشة فرص الاستثمار والتعاون في مختلف المجالات والمستجدات الإقليمية والدولية.
- تهدف زيارة ماكرون إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية، مع التركيز على مشاريع الطاقة والسياحة، بما في ذلك تطوير واحة العلا كموقع سياحي وثقافي عالمي.
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اجتماع في الرياض، أمس الاثنين، إلى انتخاب رئيس للبنان، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية فجر اليوم الثلاثاء. وفي ختام اليوم الأول من زيارة دولة يقوم بها ماكرون إلى السعودية وتستمر ثلاثة أيام، قال قصر الإليزيه في بيان إنّ الزعيمين "دعوَا إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع اللبنانيين وإجراء الإصلاحات اللازمة لاستقرار البلد وأمنه".
وأضاف البيان أنّ الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي شدّدا على أنّهما "سيواصلان الجهود الدبلوماسية الرامية لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان" والذي تمّ التوصل إليه برعاية أميركية-فرنسية قبل أسبوع وأوقف حربا مفتوحة بين الدولة العبرية وحزب الله استمرت شهرين.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد دعا الى جلسة في التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو منصب شاغر منذ نحو عامين. ومنذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، حالت الخلافات بين حزب الله وخصومه دون انتخاب رئيس للبلاد.
وتأتي دعوة ماكرون وبن سلمان بعد أيام قليلة على بدء سريان وقف لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني. وشهدت هذه الهدنة الهشّة، مساء أمس الاثنين، انتكاسة خطرة بعد استشهاد تسعة أشخاص في جنوب لبنان في غارات شنّتها إسرائيل ضمن خروقاتها المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس)، قد ذكرت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استقبل مساء أمس الاثنين في الديوان الملكي بقصر اليمامة في الرياض، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأجريت له مراسم استقبال رسمية.
وجرى خلال اللقاء الموسع استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب بحث المستجدات الإقليمية والدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة تجاهها، وفقا لـ"واس".
وعقب اللقاء، شهد بن سلمان وماكرون مراسم توقيع مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الحكومتين السعودية والفرنسية وقعها من الجانب السعودي وزير الخارجية فيصل بن فرحان، ومن الجانب الفرنسي وزير الخارجية جان نويل بارو.
#فيديو_واس pic.twitter.com/sInIXpqkao
— واس الأخبار الملكية (@spagov) December 2, 2024
وتهدف زيارة ماكرون لتعزيز العلاقات مع المملكة النافذة في الشرق الأوسط و"العمل معاً" من أجل الاستقرار الإقليمي، وذلك في خضم أزمة سياسية تشهدها فرنسا. ووصل ماكرون إلى الرياض قرابة الساعة 16.00 بتوقيت غرينتش، في حين تواجه الحكومة الفرنسية التي شُكّلت قبل شهرين ونيّف، احتمال إطاحتها في البرلمان.
وتوجّه ماكرون الذي لم يدل بأي تعليق على الأوضاع السياسية في فرنسا، مباشرة إلى القصر الملكي لعقد لقاء ثنائي أول مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة. وهذه الرحلة الثالثة إلى السعودية منذ العام 2017 التي يقوم بها ماكرون الذي أنشأ "علاقة وثيقة للغاية" تجاوب معها بن سلمان مع قيامه بثلاث زيارات رسمية لفرنسا.
وأعلن الإليزيه أن الزعيمين "سيعملان على تعزيز العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية"، مذكّرا بأن آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى الجزيرة العربية تعود إلى عهد جاك شيراك في 2006. وسيبحث الزعيمان طريقة "العمل معاً" بشأن النزاعات التي تعصف بالمنطقة ومخاطر التصعيد.
ويعد لبنان في "قلب المناقشات"، ويأمل ماكرون الذي اكتسب نفوذا متزايدا بعد الدور الذي أداه في اتفاق وقف إطلاق النار، في الحصول على الدعم السعودي للجيش اللبناني الذي يجري إعادة انتشار في جنوب البلاد على الحدود مع إسرائيل لكنه يفتقر إلى الوسائل، وفي حل الأزمة السياسية التي تهز لبنان منذ أكثر من عامين.
دعم لبنان
انسحبت السعودية التي احتفظت بنفوذ سياسي ومالي لفترة طويلة في لبنان في السنوات الأخيرة بمواجهة الوزن المتزايد لحزب الله. لكن الحديث عن خروج حزب الله ضعيفا من الصراع مع إسرائيل، جعل من الممكن للرياض أن تقرر "مرة أخرى تمويل عمليات الاستحواذ لصالح الجيش اللبناني، أو حتى مساعدة الاقتصاد اللبناني"، كما أشار خبير مطلع على هذا الملف في باريس.
كما يدعو البلدان إلى وقف إطلاق النار في غزة وإلى "نتيجة سياسية" على أساس حل "الدولتين". وتجري السعودية مناقشات مع واشنطن لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل تحصل بموجبها على ضمانات أمنية أميركية. لكن في منتصف سبتمبر/ أيلول الفائت، أكد ولي العهد أن بلاده لن تعترف بإسرائيل قبل "إقامة الدولة الفلسطينية". ويعيد القتال الذي استؤنف في سورية بين هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها في المعارضة السورية ونظام بشار الأسد فتح جبهة جديدة من عدم الاستقرار.
وتكتسب الزيارة بعدا اقتصاديا مهما، اليوم الثلاثاء، مع تنظيم المنتدي السعودي الفرنسي للاستثمار، فيما تسرّع المملكة، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، عملية تنويع اقتصادها لمواجهة إمكانات ما بعد النفط. وأكد الإليزيه أن البلدين يعتزمان "تعزيز كبير جدا" لتبادلهما الاقتصادي الذي لا "يرقى إلى الطموحات المشتركة".
عقود تجارية
يرافق ماكرون حوالى خمسين من رؤساء المجموعات الفرنسية الكبرى (توتال، فيوليا...)، لكن أيضا الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة والنقل، ما ينبئ بإمكان إبرام عقود. وستشارك الشركات الفرنسية خصوصا في مشاريع الطاقة الشمسية. وتجري المناقشات أيضا لشراء السعودية طائرات رافال المقاتلة.
وقال مصدر مطلع على الأمر إن "زيارة الرئيس قد تتيح التوصل إلى قرار، وليس بالضرورة إعلانا". وتعد فرنسا أيضا شريكا رئيسيا للرياض في المسائل الثقافية والسياحية، مع قيامها بتطوير مشروع ضخم بقيمة 20 مليار دولار حول واحة العلا والموقع الأثري شمال المدينة المنورة (شمال غرب).
وتهدف السعودية التي كانت مفتوحة بشكل أساسي لعقود حصرا للحجاج المسلمين، إلى جعل السياحة إحدى ركائز تحولها الاقتصادي والمجتمعي، خصوصا العلا التي تريد تحويلها إلى جوهرة سياحية وثقافية على مستوى العالم بمساعدة فرنسا. وسيتوجه إيمانويل ماكرون إلى العلا، الأربعاء، مع وزيرة الثقافة رشيدة داتي وقادة ثقافيين فرنسيين آخرين، بما في ذلك مركز بومبيدو الذي سينشئ متحفا للفن المعاصر هناك مخصصا للفنانين من العالم العربي.
(فرانس برس، العربي الجديد)