تعهد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، بأن يبدأ البرلمان، اعتبارًا من هذا الخريف، بالبحث في استراتيجية فرنسا في أفريقيا وفي منطقة الساحل، حيث يثير الانتشار العسكري الفرنسي تنديد عدة دول آخرها النيجر.
في رسالة وجّهها إلى قادة أحزاب سياسية التقاهم في 30 أغسطس/ آب، اعتبر ماكرون أن "الحوار بشأن أفريقيا سمح بالتطرق إلى الوضع في عدة دول خصوصًا في منطقة الساحل".
وخُصص الجزء الأول من هذا اللقاء بين ماكرون ومسؤولي الأحزاب السياسية للبحث في الوضع على الساحة الدولية وتداعياته في فرنسا.
بعد مالي وبوركينا فاسو، تجد فرنسا نفسها في وضع حساس جدًا في النيجر، حيث ندد العسكريون الانقلابيون بالاتفاقيات الدفاعية التي تربط بلدهم بباريس، وطالبوا فرنسا بسحب نحو 1500 جندي متمركزين في البلد ويشاركون في محاربة الإرهاب.
وأقرّت وزارة الجيوش الفرنسية، الثلاثاء، بوجود "محادثات" بين الجيشين النيجري والفرنسي حول "سحب بعض العناصر العسكرية" من النيجر، فيما يطالب قادة الانقلاب في نيامي برحيل القوات الفرنسية بأكملها.
وحدث انقلاب أيضًا في 30 أغسطس في الغابون حيث النفوذ الفرنسي في أفريقيا بارز أيضًا.
ولم تكن التطورات الجديدة سوى ترسيخ لتدهور النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية عموماً، ونكسة لاستراتيجية ماكرون في أفريقيا، التي طرحها في 27 فبراير/ شباط الماضي، وتتمحور حول "التحلي بالتواضع" والدعوة إلى ضرورة "بناء علاقة جديدة ومتوازنة ومسؤولة مع دول القارة الأفريقية"، معلناً انتهاء "عصر فرنسا الأفريقية".
وشدّد ماكرون في حينه على رفضه "المنافسة الاستراتيجية التي يفرضها من يستقرون هناك مع جيوشهم ومرتزقتهم"، في إشارة إلى مجموعة "فاغنر" الروسية. وأوضح ماكرون أن فرنسا تخطط لـ"خفض ملحوظ" لوجودها العسكري في أفريقيا، مؤكداً أنّ "فرنسا ستنهي استضافة قواعد عسكرية منتظمة في أفريقيا وستنشئ بدلاً من ذلك أكاديميات تشارك في إدارتها الجيوش الفرنسية والأفريقية".
غير أنّ استراتيجية ماكرون، التي أتبعها بجولة على عدة دول أفريقية، لم تتمكن من إرساء ركائزها، لعدة أسباب. أبرز هذه الأسباب يتمثل في دعوات سابقة من العسكريين في مالي، الذين طلبوا من القوات الأوروبية، الفرنسية خصوصاً، مغادرة البلاد. وتلاهم في ذلك عسكر بوركينا فاسو. كما أنّ الاضطرابات في العلاقات الأفريقية ـ الفرنسية، طاولت دولاً عدة، رغم أنها لم تطلب خروج الفرنسيين منها، لكنها كانت واضحة في تأكيد مبدأ التمايز عن باريس.
(فرانس برس، العربي الجديد)