أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في رسالة تهنئة بالعيد السابع والسبعين للاستقلال وجّهها إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، وقوف فرنسا إلى جانب لبنان والشعب اللبناني.
وشدد الرئيس الفرنسي، على أنّ الأزمة المتعدّدة الجوانب التي يعيشها لبنان على مختلف الصعد؛ الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وكذلك السياسي، تستدعي اتخاذ تدابير قوية، مؤكداً، أنّ "الحلول معروفة، وهي تكمن في وجوب وضع خريطة الطريق التي التزمت بها كافة الأطراف السياسية في الأول من سبتمبر/ أيلول موضع التنفيذ، والتي وحدها كفيلة بتعبئة المجتمع الدولي الضرورية من أجل تفادي انهيار البلد ومساعدته على اعتماد الإصلاحات التي لا مفرّ منها لنهوضه من جديد".
ولفت الرئيس الفرنسي، في رسالته، إلى أن "العجلة، راهناً، تقتضي تشكيل حكومة من شخصيات مؤهلة، تكون موضع ثقة وقادرة على تطبيق كافة هذه الإجراءات، وما طالب به الشعب اللبناني منذ قرابة السنة في انتفاضته لا يزال ممكن التحقيق"، متمنياً على الرئيس عون "الاستجابة للشعب ودعوة كافة القوى السياسية بقوّة لأن تضع جانباً مصالحها الشخصية، والطائفية والفئوية، من أجل تحقيق مصلحة لبنان العليا وحدها ومصلحة اللبنانيين".
وأعرب ماكرون عن قلقه الكبير نتيجة الوضع في لبنان، وقال: "أنا مدرك للصعوبات المتزايدة التي تواجه اللبنانيات واللبنانيين في يومياتهم. وهم بمقدورهم أن يعتمدوا على دعم فرنسا في تلبية حاجاتهم الملحّة في ميادين الغذاء والصحة والتربية والمسكن"، مؤكداً: "نعمل، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموع شركائنا، من أجل عقد مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني".
الرئيس الفرنسي ماكرون تمنّى على الرئيس عون دعوة كافة القوى السياسية بقوّة لأن تضع جانباً مصالحها الشخصية والطائفية والفئوية من اجل تحقيق مصلحة لبنان العليا وحدها ومصلحة الشعب اللبناني، مؤكداً عمل فرنسا وشركائها لعقد مؤتمر لدعم الشعب اللبناني
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) November 26, 2020
ولا تزال العقبات التي تحول دون تشكيل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري حكومته قائمة رغم مرور أكثر من شهرٍ على تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة التي انعقدت في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا بل زادت العقد، واتسعت الهوّة بين الحريري والرئيس ميشال عون وخلفه صهره رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل، في ظلّ انقطاع التواصل بين الرئيسين.
ولا تزال العقبات التي تحول دون تشكيل رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري حكومته قائمة رغم مرور أكثر من شهرٍ على تسميته
في السياق، يقول عضو "تكتل لبنان القوي" (يمثل التيار برلمانياً)، النائب إدي معلوف، لـ"العربي الجديد": "ما هكذا تشكل الحكومات، ولا يمكن للحريري أن يعدّ تشكيلته ويقدّمها للرئيس عون الذي عليه فقط أن يوقعها أو يرفض منحها توقيعه، بل عليه أن يتشاور معه وفق ما ينص عليه الدستور، ويتواصل مع الكتل النيابية التي بيدها منح حكومته الثقة، إذ من غير الجائز تجاهلها، أو أن يضع التشكيلة في جيبه ويحرَد"، على حد تعبيره.
ويشير، معلوف، إلى أن "الحريري وضع معيارين لتشكيل الحكومة، "أن تكون من الاختصاصيين وغير الحزبيين. من جهة أولى، لا يمكن لحكومة اختصاصيين أن تكون مؤلّفة من عشرين إلى اثنين وعشرين وزيراً، ويستحيل الجمع عندها بين الحقائب الوزارية لناحية الاختصاص، على سبيل المثال، وزارة السياحة والشؤون الاجتماعية، في هذه الحالة ما الاختصاص الذي يفترض توفره في الوزير؟". علماً أن الحريري يتمسّك بطرح حكومة من 18 وزيراً.
من جهة ثانية، يشدد الحريري على تأليف حكومة من غير الحزبيين، "ولكن من يُسمّي هؤلاء الوزراء، وهو بحد ذاته رئيس حزب سياسي، وما هو موقف الكتل النيابية الأخرى من مسألة عدم تسميتها الوزراء وخصوصاً وزراء الطائفة؟ إذ إن العقدة ليست فقط موجودة عند "التيار الوطني الحرّ"، فهل تقبل "حركة أمل" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، بأن يسمّي الحريري عنها وزراء الطائفة الشيعية، أو كذلك "حزب الله"، أو أن تتخلى عن وزارة المال. والأمر نفسه يتعلق بباقي الأحزاب"، كما يقول النائب معلوف.
ويضيف: "هناك أكثر من عقدة في موضوع التأليف، وأخيراً سمعنا كلاماً عن أن التشكيلة الوزارية يجب أن تضمّ أشخاصاً بعيدين كلّ البعد من حزب الله بسبب العقوبات الأميركية"، مشدداً على أنّ "التيار الوطني الحر لا يعرقل ولادة الحكومة وجلّ ما يطلبه احترام وحدة المعايير، وتطبيقها على الجميع".
في المقابل، يؤكد مصدر قيادي في "تيار المستقبل"، لـ"العربي الجديد"، أن "من حق رئيس الوزراء المكلف أن يضع معايير معيّنة لتشكيل الحكومة، ولا سيما على صعيد عدم شمولها أسماء مقرّبة من حزب الله، إذ إن البلد بحاجة إلى كل دعم خارجي ودولي، ولا يتحمّل اليوم عقوبات من شأنها أن تحاصره أو تضعفه وتزيد من انهياره الاقتصادي، كما لا يمكنه أن يولي بعض الحقائب التي تتركز عليها الأنظار الدولية، أبرزها الخارجية والطاقة، لفريق رئيس الجمهورية أو لحزبيين، بما يتعارض مع مضمون المبادرة الفرنسية. وبالنظر إلى سجل الوزارتين الممسوكتين من قبل التيار على مدى سنوات فهو حافل بالهدر والفساد".
بدوره، يحمّل النائب السابق الذي ينتمي إلى "تيار المستقبل" أحمد فتفت، في حديثه مع "العربي الجديد"، باسيل ورئيس الجمهورية مسؤولية العرقلة.
ويؤيد فتفت تغييب الحريري لرئيس التيار الوطني الحر، لا بل يشدد على أن الرئيس المكلف يجب أن يغيّب كل الأحزاب بما فيها "تيار المستقبل"، "بهدف تشكيل حكومة مهمة من مستقلين وأصحاب كفاءات لإنقاذ البلاد خلال فترة 6 إلى 9 أشهر، وليلعب السياسيون أدوارهم لاحقاً، ولا سيما بعدما أثبتت الحكومات السياسية فشلها وكانت السبب وراء ما وصل إليه لبنان من أزمات".
كما يعتبر فتفت، أن "رئيس الجمهورية ليس مستقلاً والأمر نفسه ينطبق على الرئيس نبيه بري، أي على صعيد الرؤساء، ولا يمكن استثناء المكوّن السُني، لكن عند تأليف الحكومة يمكن اختيار شخصيات مستقلّة والبلد لا يخلو من الكفاءات".
فتفت الذي يؤيد صمت الحريري في هذه الفترة، يضع رسالة الرئيس عون يوم السبت الماضي لمناسبة عيد الاستقلال في خانة "المنازلات الشعبوية والخطابات الرنانة"، ويشير إلى أن "المواقف ذكرته بخطابات الجنرال يوم كان نائباً ورئيس حزب، فهي لا تصلح لرئيس جمهورية يفترض عليه أن يؤدي دور المصلح لا المعارض الذي يدلي بمواقف اعتراضية".
ويرى أن البلاد ذاهبة "من السيئ إلى الأسوأ والوضع خطير جداً"، بحسب ما يقوله، مردفًا: "قناعتي الشخصية، أن على الحريري أن يقدم تشكيلته الوزارية للرئيس عون ويضعه أمام مسؤوليته، وعند رفضها لا أمانع في أن يعيد الرئيس المكلف الكرّة ثانيةً، وليحكم الرأي العام عندها حتى يرى المعطّل الحقيقي للحكومة".