مايك جونسون: ترامبيّ رئيساً لمجلس النواب الأميركي

26 أكتوبر 2023
جونسون بعد انتخابه رئيساً لمجلس النواب الأميركي، مساء الأربعاء (توم برينر/فرانس برس)
+ الخط -

بعد 23 يوماً على عزل رئيس مجلس النواب في الكونغرس الأميركي، كيفن مكارثي، وسقوط ترشيحات 3 جمهوريين لخلافته، اصطف الحزب الجمهوري خلف المرشح مايك جونسون، لانتخابه مساء أمس الأربعاء، في انتصار سياسي للرئيس السابق دونالد ترامب. وفي أول قرار للمجلس تحت قيادة جونسون، تمّت إدانة "حرب حماس الوحشية ضد إسرائيل".

وفي انتخابات مساء الأربعاء، حصل جونسون على 220 صوتاً متقدماً بذلك على زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز، الذي نال 209 أصوات. ويبلغ عدد النواب الأميركيين في الكونغرس، 435 نائباً (221 جمهورياً و212 ديمقراطياً ومستقلان).

وتم ترشيح جونسون للمنصب من قبل أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب، ليكون المرشح الرابع لهم في غضون 23 يوماً، بعد الثلاثي ستيف سكاليز، جيم جوردان، توم إيمر، الذين فشلوا في الفوز برئاسة مجلس النواب.

جونسون الترامبّي

وحظي جونسون بدعم جميع أجنحة الحزب الجمهوري، بمن فيهم مكارثي الذي عُزل في 3 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بفعل مذكرة عزل قدمها النائب الجمهوري الموالي لترامب، مات غايتز. وللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، تمّ عزل رئيس مجلس النواب من منصبه، إذ صوّت 216 نائباً لمصلحة إقالة مكارثي في مقابل 210 نواب رفضوا الإقالة.

وجاءت عملية سحب الثقة من مكارثي على خلفية تمكنه من تجنب إغلاق جزئي للحكومة بفارق ضئيل، عبر إقرار مشروع قانون يحظى بدعم عدد أكبر من الديمقراطيين مقارنة بالجمهوريين.


أول قانون في عهد جونسون كان "لدعم صديقتنا إسرائيل"

 

وأثار مكارثي بذلك حفيظة الجناح اليميني المتشدد في حزبه بسبب تعاونه مع الديمقراطيين. وبدا واضحاً تأثير ترامب على إطاحة مكارثي ثم الدفع باتجاه انتخاب جونسون، المؤيد بشدة للرئيس السابق، وسبق له أن صوّت ضد التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وضد المساعدات الأميركية لأوكرانيا.

وبدا دعم جونسون لترامب واضحاً في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بعد إعلان فوز جو بايدن بالرئاسة الأميركية. حينها، كشف جونسون أنه اتصل بترامب قائلاً: "ابق قوياً واستمر في القتال يا سيدي!". وفي 6 يناير/كانون الثاني 2021، قبل اقتحام الكونغرس الذي كان يستعد للتصديق على فوز بايدن، غرّد جونسون على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) داعماً ترامب بالقول: "يجب أن نقاتل من أجل نزاهة الانتخابات والدستور والحفاظ على جمهوريتنا! سيكون شرفاً لي أن أساعد في قيادة تلك المعركة في الكونغرس اليوم". غير أنه عاد لاحقاً ودان الهجوم على مبنى الكونغرس.

ومع أن الرجل الآتي من ولاية جنوبية، لويزيانا، ظل بعيداً عن الأضواء منذ انتخابه نائباً للمرة الأولى عام 2017، إلا أنه معروف لدى الحزب الجمهوري، خصوصاً لشدة إيمانه المسيحي (ينتمي إلى المذهب المعمداني الجنوبي في الكنيسة الإنجيلية)، ولوصف نفسه بـ"الخادم".

وأبدى الجمهوريون ثقتهم في أن جونسون سيوحّدهم داخل مجلس النواب، مع تأكيد رئيسة المؤتمر الجمهوري إليز ستيفانيك عند ترشيح جونسون قبل تصويت رئيس مجلس النواب يوم الأربعاء، أنه "صديق الجميع وليس عدواً لأحد".

وفي خطابه الأول رئيساً لمجلس النواب، وعد جونسون بالمضيّ قدماً بسرعة في الأولويات "مثل دعم إسرائيل وأمن الحدود". وقال إن "أعظم حليف لأمتنا في الشرق الأوسط يتعرّض لهجوم.. أول مشروع قانون سأطرحه على هذا المجلس بعد وقت قصير، سيكون لدعم صديقتنا العزيزة جداً إسرائيل. إنه أمر تأخّرنا في القيام به".

وإثر ذلك، تبنّى مجلس النواب قراراً يدعم إسرائيل في عدوانها على قطاع غزة، ويدين "حركة حماس". والقرار الذي أيّدته أغلبية ساحقة (412 نائباً مقابل 10) ينصّ على أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل التي "تدافع عن نفسها ضد الحرب الهمجية التي شنّتها ضدها حركة حماس وإرهابيون آخرون".

كما يؤكد القرار "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، و"يدين حرب حماس الوحشية ضد إسرائيل" و"يدعو كل الدول إلى إدانة حرب حماس الوحشية ضد إسرائيل بشكل لا لبس فيه". كذلك، يدعو القرار "حماس" إلى "إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء بأمان وإعادة جثامين الرهائن الموتى".

وبموجب النص، فإن مجلس النواب الأميركي "يدين دعم إيران لجماعات إرهابية ولوكلاء لها، بما فيهم حركتا حماس والجهاد الإسلامي".

دعم أوكرانيا

ومع أن جونسون كان يعارض دعم أوكرانيا بالمساعدات العسكرية، غير أنه خفف من لهجته فور انتخابه رئيساً لمجلس النواب، مشيراً إلى أنه "منفتح على إجراء محادثات" بهذا الشأن، وذلك على خلفية طلب الرئيس جو بايدن تخصيص موارد مالية بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا، من أجل "دعمها في هجومها المضاد ضد الروس".


جونسون كان من المؤيدين لقلب نتائج رئاسيات 2020
 

وما عزز من سعي جونسون للانفتاح على المشاورات المحالة إلى مجلس النواب، هو توجهه خلال خطابه، إلى زعيم الأقلية الديمقراطية في المجلس، حكيم جيفريز، بالقول: "أتطلع إلى العمل معك"، مضيفاً: "أعلم أننا نرى الأشياء من وجهات نظر مختلفة تماماً، لكنني أعلم أيضاً أنك تحب هذا البلد وتهتم به، وتريد أن تفعل ما هو صحيح، لذلك سنجد أرضية مشتركة معاً".

مع العلم أن الديمقراطيين يتوجسون من شخص جونسون، لكونه كان من الداعمين لقلب نتائج انتخابات 2020. كما أنه يؤيد صناعة النفط والغاز في ولاية لويزيانا، حتى أنه تلقى أموالاً من أركانها في سياق تبرعاتهم لحملاته الانتخابية على مدار السنوات السبع الماضية. وجونسون، مثل العديد من زملائه الجمهوريين وعلى رأسهم ترامب، ممّن يقللون من أهمية التغير المناخي.

غير أن أهم إشادة تلقاها جونسون كانت من ترامب نفسه، الذي شدّد على أن رئيس مجلس النواب الجديد "سيجعلنا جميعاً فخورين به". وكان الرئيس السابق قد اعتبر قبل التصويت على انتخاب جونسون أنه "لم أسمع تعليقاً سلبياً واحداً عنه. الجميع يحبه وهو محترم من قبل الجميع.. إنه شخص سيكون مذهلاً ربما لسنوات".

وتعد رئاسة مجلس النواب الأميركي ثالث أهم منصب في النظام السياسي الأميركي بعد منصبي الرئيس ونائبه، ويسيطر الجمهوريون على المجلس بأغلبية بسيطة تبلغ 221 صوتاً في مقابل 212 صوتاً للديمقراطيين، بعد الانتخابات النصفية التي أجريت في نوفمبر 2022، تقاسم فيها الحزبان الأميركيان مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس، مما يحتّم عليهما التعاون لتمرير القوانين.

(قنا، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)