تتجه الأنظار، اليوم السبت، إلى مدينة جدة في السعودية التي تشهد انطلاق محادثات بين ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لبحث شروط وقف إطلاق النار، وآليات السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى السودان من دون الدخول في مفاوضات لإنهاء الصراع.
وقال الجيش السوداني في بيان، أمس الجمعة، إنه أرسل وفداً إلى جدة لإجراء محادثات بخصوص هدنة في البلاد، في إطار مبادرة سعودية أميركية مشتركة.
وقالت الولايات المتحدة والسعودية، في بيان مشترك، إنهما ترحّبان ببدء المحادثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة، اليوم السبت، بعد أسابيع من القتال.
وحثت الولايات المتحدة والسعودية كلا الطرفين على "استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني والانخراط الجاد في هذه المحادثات ورسم خريطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض للمزيد من المعاناة وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة".
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية قوله إن محادثات جدة لن تشمل أي مفاوضات حول خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي وتسلسل القيادة، وهما النقطتان الأساسيتان اللتان قادتا لاندلاع الاشتباكات المسلحة في 15 إبريل/ نيسان الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأضاف المسؤول ذاته أنه من المنتظر أن يقود المحادثات بخصوص هاتين النقطتين الخلافيتين مسؤولون أفارقة متى حان موعد انطلاقها، بإشراف الاتحاد الأفريقي ومنظمة الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد".
وكشفت "نيويورك تايمز" أنه منذ بدء الاشتباكات المسلحة، تحدّث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومسؤولون بوزارته مباشرة مع البرهان وحميدتي، مضيفة أنهم حاولوا تنسيق الجهود مع الرباعية الدولية بالسودان التي تضم الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، وبريطانيا.
وسارعت جهات إقليمية ودولية إلى محاولة التوسط لوقف الاشتباكات، مثل مصر والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي و"إيغاد". وشكلت "إيغاد" منفردة فريقاً من رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي لإدارة الأزمة، فيما برزت بصورة أكثر قوة مبادرة الولايات المتحدة والسعودية من خلال اتصالات مباشرة لأنتوني بلينكن مع كل من البرهان وحميدتي، أعقبتها اتصالات مماثلة أجراها معهما وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وكان مصدر سياسي مطّلع على تفاصيل المبادرة الأميركية السعودية قد كشف لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أن المبادرة تضع مراحل متدرجة للتعاطي مع الشأن السوداني بتجلياته الأخيرة، والبداية بالضغط على الطرفين لتمديد الهدنة من أجل فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة، على أن تكون المرحلة الثانية لتطوير الهدنة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تعقبها مرحلة ثالثة للجلوس إلى طاولة التفاوض المباشر.
وبينما راهن حميدتي على اتفاق إطاري مدعوم دولياً لتشكيل حكومة مدنية كان من الواضح أنه يتطلع من خلاله إلى لعب دور سياسي في المستقبل، توترت العلاقات بسبب تسلسل القيادة في المرحلة الانتقالية الجديدة وخطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي.
وخلال الفترة التي سبقت بدء الاشتباكات المسلحة، أصرّ حميدتي على أن دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي يجب أن يجرى على مدى يتجاوز عشر سنوات، بما يتماشى مع بنود الاتفاق الإطاري الموقع في ديسمبر/ كانون الأول.
لكن الجيش كان يضغط من أجل مدى زمني أقل لا يتجاوز عامين.
ونقلت وكالة "رويترز" في وقت سابق عن دبلوماسي كبير شارك في جهود الوساطة في الأسابيع الأخيرة قبل اندلاع القتال قوله إن فرصة كانت سانحة على ما يبدو للتوصل إلى اتفاق بين البرهان وحميدتي، لكن قائد قوات الدعم السريع كان ساخطاً.
وقال "كان هناك الكثير من الغضب والإحباط والحديث عن أنه (الشخص الوحيد الذي يحمي التحول الديمقراطي)".
وأضاف أن قائد الجيش كان يصرّ على ضرورة أن يرفع حميدتي إليه التقارير، بينما كان حميدتي يقول إن البرلمان المنتخب وحده هو الذي يملك سلطة تحديد تسلسل القيادة. وذكر الدبلوماسي البارز أن أياً منهما لم يرغب في تقديم تنازلات.
وفي الصدد، نقلت "نيويورك تايمز" عن مصدرها بوزارة الخارجية قوله إن أحد الجوانب التي جرت مناقشتها قبل بدء المواجهات المسلحة كان مقترحاً يقضي بأن يواصل كلا الجنرالين ممارسة السيطرة الميدانية على قواته، وتأجيل القضايا الخلافية حتى تشكل لجنة دمج مع وصول رئيس للدولة مدني.
وقال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان إنه سيتوجه إلى السعودية اليوم السبت لإجراء محادثات مع القادة السعوديين، فيما رحب تحالف قوى الحرية والتغيير أيضاً بمحادثات جدة.